يبدو أن لكل أمة «تنظيم دولة» يسعى بدأب لوصمها بالإرهاب، بحيث تصبح التهمة الجاهزة لكل فرد ينتمي إليها أنه إرهابي، أو مُشجِّع للإرهاب، أو داعم له، أو متعاطف معه! وإذا كان لأمتنا «تنظيم دولة» حسب التسمية المُحبَّبة للغرب، لا للشرق! فماذا عن «تنظيم الدولة اليهودي»، و»تنظيم الدولة المسيحي»؟! بادئ ذي بدء، هل يقبل يهودي عاقل أو مسيحي منصف بهذه التسمية التي تصمه هو وبني عقيدته أو أمته بأنه «إرهابي»؟! في ضوء الإجابة المتوقعة بالنفي، ينبثق سؤال آخر يقول: ما هو شكل الدولة التي يمكن أن يقودها المرشَّح الأمريكي المسيحي «دونالد ترامب»؟! ما هو اسمها الدقيق قياسًا بتصريحاته المنهمرة! وهل يقل جنون وإرهاب هذه الدولة المحتملة عن جنون وإرهاب بنيامين نتانياهو؟! في الحالة «الترامبية» سارع بابا الفاتيكان «فرنسيس» بالتأكيد على أن ترامب «لا يمكن أن يكون مسيحيًا»، وهنا سارع «أبوبكر ترامب» بالرد قائلًا: إن تصريحات بابا الفاتيكان مخزية! ومهما يكن من أمر، فإن الفرق كبير بين موقف الأمة الإسلامية من «تنظيم الدولة»، وموقف الأمة اليهودية من «تنظيم الدولة»، وموقف الأمة المسيحية من «تنظيم الدولة»! والدليل على ذلك أن «ترامب» يواصل حصد الأصوات المُؤيِّدة لشططه وجنونه، وأن نتانياهو إذا ترشَّح مرة أخرى سيفوز لا محالة! الفرق بين «تنظيم الدولة» التابع للبغدادي، أنه يضرب في الأمة، في أمته فقط، ويُسيء لأمته فقط! أما «تنظيمات الدولة» الأخرى فتضرب وتسيء للبشرية كلها!! كنتُ مستغرقًا في السرد قبل أن تستوقفني التصريحات، بل المواقف النبيلة للرئيس الألماني السابق «كريستيان فولف» ومنها قوله: إن رفض الإسلام في ألمانيا وأوروبا يُعَدُّ مخالفًا للدستور، مشيرًا إلى أن حروبًا اندلعت في البلاد الأوروبية بسبب الخلافات الدينية. بل إن «فولف» كان واضحًا وصريحًا، وهو يتّهم حزب «بديل ألمانيا» اليميني، وحركة «بيغيدا»؛ بالإرهاب والتطرف والعنصرية. في أمريكاوألمانيا وبلجيكا وكل أوروبا؛ مشروعات «لتنظيمات دولة» لا تقل إرهابًا عن «تنظيم البغدادي».. الفرق الوحيد أنهم يُطعمونها -من التطعيم- بموادٍ تضمن موتها أو على الأقل لجمها عند الضرورة، بينما يمدّون تنظيم البغدادي المُسمَّى ظُلمًا وجورًا وعدوانًا وكيدًا وإمعانًا ب»تنظيم الدولة الإسلامية»، بأوصالٍ تضمن بقاءه على الحياة، لتنغيص حياة المسلمين، وإلهائهم وإشغالهم بأنفسهم.