كامل السيد: شعوره بأنه محبوب وراء اختياراته.. ومهران: عنصر الثقة مقدم على الكفاءة أثارت استعانة الرئيس عبدالفتاح السيسي بشخصيات عرف عنها إثارتها للجدل داخل الأوساط المصرية، ووصول بعضها لساحات المحاكم، للعمل في دائرته التنفيذية، حالة من الاستغراب حول من الذي يقف وراء الدفع بهؤلاء، خاصة وأنهم بإجماع الآراء يضيفون مزيدًا من الاحتقان إلى المشهد المرتبك، ويقتطعون كثيرًا من رصيده بين أنصاره. ومع اعتذار نبيل العربي عن عدم التمديد في منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية، دفعت مصر بوزير الخارجية الأسبق أحمد أبوالغيط للمنصب، والذي احتاج إلى مشاورات استمرت نحو 9ساعات من جانب وزراء الخارجية العرب. وأبوالغيط أو "عدو غزة"، كما وصمه نشطاء إثر مواقفه المؤيدة للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة فى 2008، وتحميل حركة "حماس" المسئولية عن الحرب، فضلاً عن تهديد وزيرة الخارجية الإسرائيلية آنذاك، تسيبى ليفني، أثناء وجودها بالقاهرة، باجتياح قطاع غزة، وسحق حركة "حماس"، دون أن يعقب على هذا التهديد للفلسطينيين كان واجهة النظام الذي أطاح به المصريون في ثورة يناير لدى المجتمع الدولي، وقد عكف بعد مغادرته منصبه على إعداد كتاب "شهادتي" الذي يحكي فيه رحلته بوزارة الخارجية والفترة التي قضاها وزيرًا من 2004 حتى 2011، وعاد مع الإطاحة بحكم "الإخوان المسلمين" ليمارس الغزل السياسي في سلطة 3يوليو، واصفًا السيسي بأنه "بطل أنقذ مصر". ولن يكون اختيار أبوالغيط هو الأول من نوعه الذى يثير الجدل، حيث سبقته شخصيات لاتقل جدلاً عنه، كان أبرزها تعيين المستشار أحمد الزند وزيرًا للعدل، خاصة في ظل مواقفه التي تمثل خروجًا على الأعراف والتقاليد القضائية، ومن بينها دعوته الرئيس الأمريكي باراك أوباما إبان حكم "الإخوان" إلى التدخل لإنقاذ مصر من الجماعة، فضلاً عما هو متداول من اتهامات بحقه. وكلف السيسي فى سبتمبر الماضي، المهندس شريف إسماعيل بتشكيل حكومة، أثار اختيار عدد كبير من وزرائها حالة من الجدل، إلا أن اختيار حلمى النمنم كوزير للثقافة، ظل الأكثر إثارة للجدل بين الوزراء المختارين، لاسيما ما يلاحقه من انتقادات بشأن علاقته بنظام مبارك، وهجومه اللاذع على تيار الإسلام السياسي، وادعائه أن مصر علمانية بالفطرة. ويرى الدكتور مصطفى كامل السيد، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، أن "النظام الحالى لا يجد أى مشكلة فى التعامل مع شخصيات محسوبة على نظام مبارك، بالعكس هو يرى أن كثيرًا منها لديه الكفاءة والخبرة،" مشددًا على أن "تحفُظ السلطة الحالية فيما يتعلق بمبارك ونظامه كان فقط على موضوع التوريث". وأضاف ل"المصريون"، أنه لا يظن أن الحكومة أو السلطة فى مصر تستند فى اختيارها للمسئولين على تقارير قياس الرأى العام أو النظر فى شعبية المرشح للمنصب، فهى لا تعطى أى أهمية لذلك ولا تضعها فى الاعتبار. وفسر ذلك بأن "الرئيس السيسى يشعر بأنه محبوب ولديه شعبية جارفة، والمحيطون به يعززون لديه هذا الشعور، ويصورون له هذا الأمر على أنه حقيقة، بالتالى هو يشعر بأن أى قرار يتخذه سيكون محل رضا وتوافق شعبي". وعلق السيد على ترشيح مصري لأمانة جامعة الدول العربية، قائلاً: "إن مصر عندما تتقدم بمرشح لا بد أن يكون لديه إنجاز سابق يستند عليه، يعكس إخلاصه للقضية العربية، أما تقديم شخصيات ليس لها تاريخ يذكر فى هذا الصدد فهذا أمر غريب، ويؤكد أننا نسير فى الاتجاه الخطأ". وأعرب عن استغرابه من احتكار مصر لمنصب أمانة جامعة الدول العربية، متسائلا: لماذا يجب أن يظل المنصب حكرًا على مصر وحدها؟ مؤكدا أن هذا لايحدث فى أى منظمة إقليمية أو دولية فى أى مكان، مستشهدًا بالأمم المتحدة، وصندوق النقد الدولى ومنظمات أخرى، مشيرًا إلى أن هذا الأمر قد يلقى تذمرًا وعدم رضا عند الرأى العام العربي. وقال الدكتور أحمد مهران مدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية، إن "النظام المصرى لا توجد لديه معايير معينة لاختيار من يمثله سواء كانت اعتبارات سياسية أو اعتبارات أخرى، كونه يعانى من تخبط شديد على المستويين الأمنى والسياسى يجعله يتحرك بعشوائية على كل الأصعدة". وأضاف: "هذا التخبط هو الذى يجعل السلطة تعتمد فى اختياراتها على عناصر مثل الثقة، بغض النظر عن الكفاءة أو الصلاحية أو الرضا الشعبي"، محذرًا من أن عدم التدقيق فى أيديولوجية المرشح لمنصب ما، وعدم النظر فى مدى اتساق مرجعيته مع التوجه أو الشعور الجمعى للشعب قد يتسبب فى حدوث نتائج عكسية. وتابع: "قضايا كبرى دولية وإقليمية تُطوق عنق مصر تستوجب عليها اتخاذ خطوات أفضل تجاه المعايير التى تعتمد عليها فى اختيار من يمثلها"، لافتًا إلى أن "هذه القضايا جعلت الدفاع عن القضايا العربية والشرق أوسطية ضرورة ملحة لا تجدى معها إجراءات تعيق هذا الدور". وعن حظوظ أبو الغيط فى الحصول على المنصب، قال مهران، إن "الذى يحكم هذا هو اعتبارات المصالح المشتركة، فإذا سمحت الدول العربية بأن يكون الأمين العام من مصر فلا فرق عندهم بين أبوالغيط أو غيره، لأن أى رجل سيأتى سيمثل النظام الذى رشحه للمنصب".