كلما اقترب موعد انتخابات الرئاسة نسمع عن ترشيح جديد لشخصية قد تكون معلومة لدى قطاع من الناس, وقد لا تكون معروفة, ولكن البارز فى المشهد السياسى هم عدد قليل من المرشحين لهم تاريخ معين تعرفه الجماهير. ولا شك أن كثيرًا من الدعاة والساسة يتعرضون لسؤال تقليدى واحد، وهو من المرشح الذى تراه الأفضل؟! وهناك من يجيب عن السؤال بشكل مباشر فيقول فلان أو فلان, وهناك من يرجئ الحديث حول من هو الأصلح لقيادة مصر ورئاستها إلى حين فتح باب الترشح من قبل اللجنة المختصة وإعلان الأسماء التى تنطبق عليها الشروط, ثم يأتى بعد ذلك دور الترجيح والاختيار بين المتنافسين.. ومن الجدير بالذكر هنا، أن طالب الولاية لا يولّى, لكون من طلبها أوكل إلى نفسه, ومن جاءته بغير مسألة أُعين عليها ولكن ما نحن فيه الآن هى حالة خاصة لابد فيها أن يتقدم من يرى فى نفسه الصلاح لهذه المهمة الثقيلة طبقاً للقانون المعمول به, ولا شك أن ترشيح بعض القوى السياسية أو الشعبية له يكون من الأفضل, لأن ذلك يخرجه من دائرة السعى إليها والتنافس عليها.. ولقد تعرضت لهذا السؤال كثيراً مع التصميم من السائل على الإجابة باسم شخص محدد, وكانت إجابتى أن ذلك لم يحن وقته، وأنه بعد أن تغلق اللجنة العليا أبوابها وتعلن عن أسماء المرشحين الرسميين للرئاسة سنتشاور مع القوى السياسية حول دعم مرشح يحوز رضا الأكثرية, وأرى أن من مواصفاته أنه يكون شخصاً وطنياً يتقى الله فى شعبه فلا يظلم أحداً ولا يقهر خصومه, ولكنه يتسم بالعفو والصفح ويتعامل بالإحسان مع الجميع, ويحافظ على حقوق الأقباط, ويقف بجانب المظلوم حتى يرد له حقه, ويفتح أبواب الحرية أمام أبناء شعبه, ويحترم الكبير ويرحم الصغير, ويرعى الأيتام وأصحاب الحاجات الخاصة, ولا يستبد بالسلطة بل يتنازل عنها عندما يُطلب منه ذلك, يقبل الرأى والرأى الآخر, فيقدم الأصلح للمهام, ولا ينتفع من وظيفته، ولديه الرؤية الثاقبة, والبرنامج الشامل الذى يُخرج مصر من أزمتها, ولا يدفع بالبلاد إلى المهالك والمخاطر, بل يكون حكيماً فى تصرفاته, وليس بمتهور وليس بمتخاذل, بل يحزم قراره ويؤدى دوره على الوجه المحدد له فى الاختصاصات المنوطة به, يحترم أحكام القضاء دون عرقلة أو مناورات, كما يحفظ أمن البلاد واستقرارها, فلا يكون سبباً فى فتنة, أو ترساً فى صراع, بل يسعى دائماً إلى تحقيق الوئام بين كل أطياف شعبه, ويوفر لهم حياة كريمة فى المأكل والملبس والمسكن والعلاج, ويقضى على كل أسباب الفقر والجهل والمرض فى المجتمع كى ينهض به إلى المستوى المطلوب ليصبح كالأسرة الواحدة المترابطة. إننا نريد رئيساً يعرف متطلبات الواقع، ولا يفتنه المنصب فيتغير قلبه ويتعالى على شعبه فلا يلتفت إلى معاناتهم. إننا نريد رئيساً يستعيد لمصر مكانتها الإقليمية المفقودة وشخصيتها الدولية المهدرة, ويركز على تحقيق الاكتفاء الذاتى وتحرير القرار السياسى, والانفتاح على العالم بشكل حضارى أساسه الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة, إننا نريد رئيساً يعلى كلمة الله تعالى وشرعه وحكمه, يحفظ عهوده ويوفى بكلمته, ولا يخشى الأعداء ولا يهابُ السفهاء, يحترم العلماء وأهل الاختصاص ويستبعد بطانة الشر ويؤخرهم, فلا يجدوا مكاناً وسط حاشيته. إن مهمة الرئاسة من أخطر الوظائف فهى يوم القيامة خزى وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى حق الله فيها, ولهذا فهى مغرم لا مغنم, كان الله فى عون من تولاها. ولا شك أن الظروف التى تمر بها البلاد تجعل المهمة أكثر صعوبة فى وقت يترقب فيه أعداء مصر سقوطها, وينتظر الخصوم فرصة الفوضى ليطيحوا بمكاسب الثورة، ويبددوا أحلام المواطنين فى المجتمع الذى يريدونه. إنها حقاً أمانة لا يصح أن تسند لغير مستحقها عن جدارة, وهو ما يجعلنا ننظر بدقة ونفاضل بين المرشحين لأنه من ولى رجلاً ويعلم أن فى الناس خيرًا منه وأتقى, فقد خان الله ورسوله وجماعة المسلمين, فهذه هى جملة مواصفات الرئيس الذى سأعطيه صوتى فإن لم يتيسر فالأكثر اكتمالاً للشروط حيث سنقف إلى جواره نسدده ونرشده, فهو واجب علينا كشعب, لا يتخلف أحد منا عن نصرته ودعمه. والله المستعان.