ما هى المفاجأة التى سيفجرها محامى مبارك وولديه والعادلى، والتى قال إنها ستنسف القضية رأسًا على عقب؟! سننتظر إلى نهاية جلسات المرافعة لنعرفها على حد قوله لتجنب الوقوع فى خلافات ومشادات. الحق أنه كان مستفزًا جدًا. لم يترك ضميرًا طاهرًا بريئًا فى هذا الوطن إلا استفزه. واجبه أن يدافع عن المتهمين ولا ننكر ذلك عليه ولا نبخسه. لكن للمرافعة آدابًا وأخلاقيات وأعرافًا لم يلتزم بها. بدأها بسرد لسيرة حياة مبارك ابن كفر المصيلحة وقدمه لنا بأنه الوحيد فى تاريخ مصر الذى حررها تمامًا. لأول مرة نعرف مِن فريد الديب أن مصر كانت محتلة على الدوام فى كل أزمانها، وأن الوحيد من أبنائها الذى جعلها محررة بالكامل هو حسنى مبارك. معلومة تاريخية يجب أن تدرس فى جميع مراحل التعليم! بالتأكيد هزل ومسخرة. فى السابق كانت أجزاء من مصر محتلة. أما مبارك فقد سلمها تسليم مفتاح لاحتلال متنوع الأشكال والأساليب خصوصًا فى السنوات الأخيرة حينما كبر فى رأسه حلم التوريث وهو إثم كبير. جريمة زنا بشهود ارتكبها بحق مصر. الاحتلال ليس أرضًا فقط يقتطعها الأعداء. إنه يتم أيضًا بوكلاء مد مبارك يده إليهم ومكنهم على حساب الشعب الفقير الجائع. مفاجأة الديب تعنى براءة مبارك والعادلى. قماشة القضية مهترئة بالفعل. النيابة وكأنها تستبق الكارثة قالت سابقًا إن الداخلية والمخابرات لم يقدما أى مساعدة. النيابة والمدعون بالحق المدنى لم يكن أمامهم ولا فى وسعهم سوى فن الممكن! وفن الممكن فى المحاكم لا يعنى سوى الخسارة، فهذه ليست لعبة سياسية تعتمد على الحنكة والمهارة واللف والدوران. فريد الديب بدا واثقًا بأنه سيأخذ بيد حسنى مبارك وولديه إلى قصورهم فى شرم الشيخ. من حق آباء وأمهات الشهداء الشعور بالقلق والاستفزاز وحرقة القلب مع اقتراب المحاكمة من نهايتها. كنت أتمنى ألا تمضى بهذه السرعة ليتيسر جمع المعلومات كاملة، لكن الواضح أن الحكم سيصدر قريبًا جدًا، بما يحمله من خطر كبير على الأمن العام. هناك تهديدات بالقصاص. بل حديث عن تشكيل كتائب تأخذ حقها بأيديها. أحكام القضاء تزيد أحيانا من حسرة المكلومين بفقد فلذات الأكباد عندما تأتى صادمة أو مخالفة للواقع وحقيقة الأحداث بسبب عدم وجود الأدلة. فريد الديب، محام شاطر، لكن المشكلة تكمن فى قماشة القضية نفسها. وقد قالها المحامى الكبير محمد أبو شقة، الذى رفض عرض مبارك للدفاع عنه، بأن الحمل كبير على هيئة المحكمة، وأن النيابة لا تملك غير تلك القماشة! حسنى مبارك جلس لأول مرة فى المحكمة يوم الثلاثاء على كرسى متحرك. وهذه علامة أخرى بالنسبة لما يدور فى نفسه. الرئيس السابق أو المخلوع الذى ظل من أول يوم فى جلسات محاكمته نائمًا على ظهره يحرك عيناه هنا وهناك ثم غطاهما مؤخرًا بنظارة سوداء، بدأ يجلس ومن يدرى ربما يستعد للوقوف وللجرى والتنطيط من الفرحة والزغططة وقد يزغط البط على طريقة توفيق عكاشة! حقا إنها محاكمة العصر.. لكن الحكم سيكون أصعب أحكام القضاء فى العصر الحديث. أشبه بزلزال 7 ريختر. كان الله فى عون مصر وشعبها من التوابع والردات. [email protected]