وأنت فى ملعب كرة القدم تشاهد المباراة وتستمتع بأجوائها طوال ساعة ونصف من اللعب فأنت لا تشاهد فى أرض الملعب سوى اللاعبين، ولكن بمجرد أن تستمع إلى صافرة نهاية المباراة من حكم اللقاء تشاهد داخل أرض الملعب "سوق عكاز" فبعد أن كنت تشاهد اثنين وعشرين لاعبًا فى أرض الملعب من الممكن أن تشاهد أكثر من خمسين شخصًا يركضون فى أرض الملعب خلف اللاعبين الذين يعتقدون أن ما يفعلونه صحيح من أنهم يجرون يمينًا ويسارًا من وسائل الاعلام حتى لا يتحدثوا معهم, وقتما تشاهد هذا فاعلم أنك تتابع كرة القدم المصرية. فى كل دوريات العالم معروف أن هناك ( (media zone وهى المنطقة الإعلامية المخصصة للإدلاء بالتصريحات من اللاعبين أو الأجهزة الفنية أو حتى الحكام لكل وسائل الإعلام, فهناك اتفاق مسبق يتم قبل اللقاء أنه سيتم الحديث مع اثنين من كل فريق، وكذلك المدير الفنى لكل فريق سواء فاز الفريق أو هزم فإن هذا الاتفاق يكون بمثابة عقد شفهى وقع بين الفريقين ووسائل الإعلام فبعد انتهاء اللقاء تجد مراسلين القنوات الفضائية يقفون فى المنطقة الإعلامية وينتظرون حضور اللاعبين والمدير الفنى مع مندوب من الاتحاد المنظم للبطولة، ويتم إجراء الحوار بشكل أنيق ومحترم ومن دون أن تشاهد المراسل يتصبب منه العرق من كثرة الجرى وراء اللاعب للحصول على تصريح منه بعد اللقاء. أما فى كرة القدم المصرية، فالحال مختلف تمامًا فبمجرد أن ينتهى اللقاء تجد اللاعب يتفنن فى كيفية الهروب من المراسلين والاختباء فى مناطق غير ظاهرة فى الملعب حتى لا يُدلى بأى تصريح وتجد المراسل يُحاول جاهدًا أن يصل إلى اللاعب حتى يَحصل منه على أى كلمة لأنه لو لم يستطع أن يسجل معه فسيكون هذا بمثابة الفشل له فى عمله لأن كل مسئول عن قناة فضائية كل مايهمه هو الحصول على التصريحات والانفراد بها فى الأستوديو التحليلى الخاص بقناته ولايضع هذا المسئول فى اعتباره أن كرامة المراسل قد تهدر من أجل أن يحصل على مايريده رئيسه حتى لو اضطر لأن يجرى لمسافات كبيرة من أجل اللحاق بلاعب يهرب منه وهذا اللاعب فى يوم من الأيام كان يحلم فى أن يقف ولو خلف الكاميرا التى تسجل مع نجم آخر لكى يراه الناس. وفى بعض الأحيان قد تجد المدير الفنى للفريق يمنع لاعبيه من التصريح لأى وسيلة إعلامية ولا يصرح هو ولا جهازه، ويظن بذلك أن يفعل الشىء الصحيح على الرغم من أنه قمة الخطأ لأننا لو نظرنا للموضوع من منظوره الصحيح فنجد أن وسائل الإعلام عندما تسجل هذه اللقاءات وتقوم بإذاعتها فإن المستفيد الأول من هذا الأمر هو المشاهد لأنه يجلس أمام الشاشة من أجل أن يتعرف على انطباعات لاعبيه وجهازه الفنى بعد كل مباراة وقد تجد بعضهم يفعل ذلك كنوع من التكبر على وسائل الإعلام والبعض الآخر يفعل ذلك لأنه يتم انتقاده من القنوات والإذاعات فى حالة عدم تحقيقة لنتيجة إيجابية مما يغضب سيادته، فيقوم بإظهار الوجه الآخر ويقلب الطاولة على رأس الجميع من أجل مأرب شخصية وليس لأسباب فنية. والسؤال الذى يطرح نفسه لماذا لا يقوم اتحاد الكرة بتنسيق هذا الأمر وعمل منطقة خاصة بالتصريحات فى كل ملعب؟ وتكون ملزمة لكل نادٍ سواء فاز أو خسر ويكون لها عقوبة فى حالة إذا ضرب بها النادى عرض الحائط، وذلك حفاظًا على شكل الكرة المصرية وشكل وسائل الإعلام ولنكون فعلاً من الدول الرائدة فى مجال كرة القدم وحتى لا نشاهد مشهد "القط و الفار" بعد كل مباراة بين اللاعبين ووسائل الإعلام فإما عمل منطقة إعلامية أو نظل نهدر كرامة المراسل.