هذا الكلام الذي نشره الدكتور حازم عبد العظيم ، الناشط السياسي المعروف ، والقيادي بحزب المصريين الأحرار، وأحد أبرز أعضاء اللجنة الانتخابية للرئيس عبد الفتاح السيسي، هو من الكلام الذي لا يحتمل صمت الجهات المعنية تجاهه، ويلزم كل من أشار إليه من مؤسسات وأجهزة وشخصيات أن ترد وأن توضح، أو أن تعترف بأن ما قاله حازم، المرشح السابق لمنصب وزير الاتصالات، هو كلام صحيح. حازم عبد العظيم نشر مقالا مطولا في صفحة خاصة به ، لأنه ربما رجح أن أيا من الصحف لن يقبل نشره ، وحكى فيه بالتفاصيل كيفية إنشاء ما سمي بائتلاف "في حب مصر" أو ائتلاف دعم الدولة ، والذي تأسس حسب اعترافه في إحدى قاعات جهاز المخابرات العامة ، وأن اختيار الأعضاء المؤسسين والأعضاء المرشحين لعضوية المجلس كان يتم من قبل قادة في الجهاز ، أحيانا بالتليفون ، حسب قوله ، حيث يضيف قائلا : (دار جدل كبير في الآونة الأخيرة عن نزاهة الانتخابات وتدخل أجهزة الدولة في العملية الانتخابية ما بين كوميديا سياسية من أحد الشخصيات الإعلامية المعروفة الذي بدأ يتكلم كلاما خطيرا كنت شخصيا أعرف صحة أجزاء كثيرة منه ثم يبدو أخد على دماغه وتراجع و بين تسطيح وغلوشة من اعلام النظام لتمييع القضية . كان لزاما عليا ان اكتب هذه الشهادة رغم خطورة تبعاتها من ردود أفعال لا ادري من أين ستأتي وقد تعرضت كثيرا لحملات تشويه سابقة بدءا من علاقاتي المزعومة بإسرائيل في 2011 ثم الفساد والتخابر ثم بعد ذلك الانتهازية وما خفي كان أعظم !) . إذن هي وقائع بالغة الخطورة ، وقائلها هو شاهد عيان ، كان حاضرا للاجتماعات التي تمت في جهاز المخابرات العامة ، وكان طرفا فيها ، ويدرك أن لهذا الاعتراف تبعات قد تناله ، فما هي الحكاية يا دكتور حازم ؟ ، لنقرأ له سطوره الحرفية ، يقول (التاريخ : الثلاثاء 3 فبراير 2015 – الساعة السابعة مساءا ..المكان : قاعة اجتماعات داخل جهاز المخابرات العامة المصرية في دور أرضي الغرض من الاجتماع : الإعلان عن قائمة انتخابية جديدة لخوض انتخابات مجلس النواب الحضور : على رأس الطاولة وكيل من الجهاز مع أربعة من رجال المخابرات (ثلاثة منهم شباب بين ال30 وال 40 عاما) وعلى الطرف الآخر مستشار قانوني مقرب جدا من الرئيس والده عضو مجلس النواب من المعينين – احد المساعدين في مكتب الرئيس برئاسة الجمهورية وهو صاحب الدعوة لي بالحضور – والباقون حوالي 15 من الشخصيات العامة المؤسسة لهذه القائمة وكنت أحدهم . من كان يدير الجلسة و يوجهها هم وكيل جهاز المخابرات من ناحية والمستشار القانوني من ناحية أخرى . تم توزيع أوراق على جميع الحاضرين بها اسم القائمة و وثيقة مبادئ تعبر عن القائمة الانتخابية الجديدة ! وكانت "حب مصر" والأخت الكبرى دعم مصر هي المولود في هذا الاجتماع ! نعم داخل جهاز المخابرات العامة المصرية . وسبب حضوري الاجتماع كان بناءا على دعوة موجهة لي من رئاسة الجمهورية ). هذه هي المقدمة التي عرض فيها الناشط الكبير تحضيرات عملية تأسيس البرلمان الجديد وتقسيمه ، ثم دخل في التفاصيل قائلا : وإليكم القصة ، مضيفا : (في مطلع يناير 2015 اتصل بي احد المساعدين المقربين لرئيس الجمهورية ربما يكون الثالث في الرئاسة فالرجل الثاني الوسيم اختفى تماما ولا نسمع عنه شيئا ! وكنا سويا في حملة الرئيس وقال لي انه يريد مقابلتي لأمر هام جدا في الاتحادية مع رئيسه وهو الرجل الكبير في الرئاسة ! وذهبت الى الاتحادية في الساعة الخامسة يوم الأحد 4 يناير 2015 بحضور اثنين من مساعدي الرئيس واعتذر الرجل الكبير لان لديه ارتباطات مع الرئيس وابلغني تحياته نيابة عنه ! "نحن نريدك في موضوع في غاية الأهمية عن الانتخابات البرلمانية القادمة وهي على الأبواب" .. بدأ حديثه .. "لقد كنت في اجتماع على مستوى عالي وجاء الحديث عن أخطر لجنة في مجلس النواب القادم وهي لجنة الشباب وكان هناك شبه اجماع حولك" .."فأنت الأقدر على تولي رئاسة مجلس الشباب في مجلس النواب وستكون من المعينين في هذا المجلس" ! كان ردي بالرفض : وقلت لا احب ان أدخل المجلس بالتعيين مبدأيا وانه جرى العرف ان يأتي رئيس المجلس والوكلاء ورؤساء اللجان من الأعضاء المنتخبين وليس المعينين قانونا صح لكن شكلها وحش ولا اقبلها.. فقال لي سيتم انتخاب رؤساء اللجان داخل المجلس حسب القانون وسنضمن أغلبية مؤيدة لانتخاب رؤساء اللجان" فكان ردي الإصرار على رفض التعيين وكانت شاهدة على هذا الاجتماع سيدة دكتورة فاضلة أيضا من القريبين جدا من الرئيس وقت الحملة ثم الى رئاسة الجمهورية ! وقال لي ارجو ان تفكر جيدا فنحن متمسكين بك ونتحدث مرة أخرى .. فانتهى الاجتماع على ذلك ثم في اجتماع آخر في نفس الشهر في الاتحادية ..قال لي "انا تشاورت مع الجماعة وكان عندك حق ..أفضل ان تأتي بالانتخاب نحن نؤسس لقائمة جديدة للدخول للبرلمان وستكون انت أحد المؤسسين لهذه القائمة ". وقلت : قائمة الجنزورى ! وقال : لا .قائمة الجنزوري لن تستمر .ولكن القائمة الجديدة بها أعضاء كانوا على قائمة الجنزوري .. ثم اتصل بي في نهاية يناير وقال لي ان اول اجتماع للقائمة سيكون في جهاز المخابرات العامة يوم الثلاثاء 3 فبراير 2015 واندهشت ! وقلت لماذا جهاز المخابرات العامة ؟ قال لي معلهش أول اجتماع لازم يكون هناك !... اقتنعت على مضض واستمريت مع القائمة .. ويوم الاجتماع التأسيسي للقائمة داخل جهاز المخابرات كان الكلام على ان القائمة هي العمود الفقري لبناء تكتل داخل مجلس النواب فالأهم هو التنسيق مع الفردي .ففهمت طبعا ان الثلثين هما الهدف (حوالي 400 عضو ) ولم نكن نعلم وقتها باقي أسماء القائمة وقالوا ستعرفوا في حينه .. والجدير بالذكر ان قبل الاجتماع في الجهاز بعدة ساعات قرأت على هاتفي خبر الإعلان عن القائمة الجديدة في اليوم السابع فقط واستغربت جدا رغم انه تم التأكيد على السرية الشديدة لهذا الاجتماع لحساسيته مما أكد لي ما استشعرته سابقا بعلاقة اليوم السابع تحديدا بأجهزة المخابرات سواء العامة والحربية والكثير ممكن ان يقال في هذا الصدد .. وخاصة ان ممولها هو احد رجال الاعمال المقربين جدا للرئيس والمخابرات وهو ممول حزب مستقبل وطن ! وسياتي الحديث عنه ! وتم تحديد يوم الأربعاء 4 فبراير لعمل مؤتمر صحفي في فندق سونستا للإعلان عن القائمة ثم بعد ذلك في فندق الماريوت ولا انسى عندما كانت تأتي الأسماء لسامح سيف اليزل بالتليفون من احد افراد المخابرات وهو شاب كان حاضر في جميع الاجتماعات وساعتها كنا بنسمع هذه الأسماء لأول مرة على مرأى ومسمع الجميع اثناء العشاء الفاخر ! بدأت أشعر بشعور سيء جدا ...لقد كانت الليلة الكبيرة في مسرح العرائس ولم اكن احد المتفرجين للأسف بل أحد العرائس .. وبدأ يتحول الشعور لصراع نفسي داخلي وعدم ارتياح شديد .. ثم في اول وآخر اجتماع لي مع اللجنة التنسيقية في مقر القائمة في 21 فبراير 2015 ..وكنا حوالي أربعة عشر عضوا وكان حاضرا معنا في هذا الاجتماع مندوب من المخابرات العامة فوجئت بإعلان ضم مصطفى بكري للقائمة في آخر لحظة وكان باقى على غلق تقديم الأوراق يومين للجنة العليا للانتخابات ! نزل علينا من البراشوت ولم يطرح اسمه سابقا ولكن تم تخزينه للحظة الأخيرة ..اصبت بحالة من القرف وقررت الانسحاب ..) . هذه شهادة الدكتور حازم عبد العظيم على كيفية صناعة البرلمان الجديد ، وهي ليست رواية من سمع أو تحليل من يرجح ، ولكنها شهادة شاهد عيان ، كان حاضرا ومشاركا ، وقد خلص في ختام مقاله الطويل الذي استغرق فيه مساحة كبيرة للدفاع عن نفسه وتفسير بعض مواقفه ، والاعتذار الذي يقدر له ، عن أخطائه ، أراد أو يلخص مقاله في النهاية بقوله الحرفي : (ائتلاف دعم مصر كان مخطط له منذ الاجتماع الأول داخل جهاز المخابرات وان لم يشار الي الاسم صراحة ولكن التنسيق مع المستقلين وبعض الحزبيين لضمان الثلثين 400 مقعد كان هدفا للجهاز السيادي من اليوم الأول.ضمان الثلثين وعدم وصول أي حزب او تكتل للثلث المعطل كان هدفا استراتيجيا مخابراتيا وكنت أتوقع ما حدث من تحجيم لأحد ألاحزاب في المرحلة الثانية حتى لا يقترب من الثلث المعطل ، ونقلا عن لسان احد مساعدي الرئيس في رئاسة الجمهورية والكلام ما زال لحازم قال لي بنفسه بالحرف "حزب مستقبل وطن وكان في الأصل جبهة مستقبل وطن أسسته المخابرات الحربية ككيان شبابي لدعم الرئيس وده تبعنا ".. فلا داعي للاندهاش من فوزه بهذا الكم من المقاعد في اول تجربة انتخابية .. ولا داعي للاستغراب مما حدث في انتخابات اتحاد طلاب مصر فاللذين فازوا ليسوا من شباب السيسي اللطاف .. ولم يكن لدي ادنى شك في عودة مستقبل وطن لدعم مصر بعد الخلاف الشكلي وحتى لو فيه صراع أجهزة فهو تنافس داخلي على الولاء للرئيس .. فالأب واحد والقرار يأتي من فوق !).هذه هي شهادة الناشط السياسي الكبير ، الذي كان وما يزال أشد خصوم جماعة الإخوان ، وخاض ضدهم معارك شهيرة في صفحات الصحف وفي الشوارع وقاد الهجوم الشهير على مقر مكتب الإرشاد في المقطم قبل 30 يونيه ، وهي شهادة صادمة ، ومخيفة ، ولا أتصور أن تمر مرور الكرام .