تعد السلطة التشريعية في البلاد المطبخ الذي تعد فيه الطبخات السياسية بمختلف أنواعها ، وهي السلطة الام في عالم السياسية لما تتمتع به من سلطات فعلية تكون هي عين الشعب في أي بلد يتمتع بديمقراطية معتد بها من بين دولة المنطقة . وبانتهاء الاستحقاق الثالث لخارطه الطريق تكون مصر اجتازت الفراغ المؤسسي الذي عانت منه قرابة ثلاث سنوات ماضية والمتمثل في غياب البرلمان، وتستكمل بذلك المرحلة الثالثة من مراحل المستقبل السياسي ، ويمكن الإشارة في هذا الإطار إلى عدة ملاحظات مهمة تتعلق بالبرلمان وتكوينه وعمله وتعبيره عن مطالب الشعب وطموحاته والظروف التي يعمل فيها ودوره في تحقيق الاستقرار، وهى كالاتى :
1- ان سقف الطموحات والمتوقع من المجلس الجديد، حيث تقع على عاتق المجلس الجديد عديد من الآمال والطموحات من جانب الشعب المصرى والذي يريد ان تتحسن حياته المعيشية واليومية في مختلف الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، ومكافحة البطالة عن طريق توفير فرص العمل ومكافحة الفساد وخفض الاسعار، وتحسين الخدمات وإصلاح الجهاز الإداري للدولة وتطوير المرافق..
2- مهام ووظائف البرلمان الجديد، حيث تتعدد مهام وأعباء ووظائف البرلمان الجديد وفي مختلف المجالات التشريعية والسياسية والرقابية والاقتصادية حيث يقع على عاتق البرلمان الجديد تحويل المبادئ العامة للدستور إلى واقع يشعر به المواطن المصرى، فالدستور يضع المبادئ العامة دون التفاصيل، فالتشريع أو القانون هو الذي يضع التفاصيل ويحول المبادئ العامة إلى واقع يشعر به المواطن ويعيشه ويشعر بتحسن ظروفه الحياتية والمعيشية على مختلف المستويات، كذلك من المطلوب من المجلس النيابي أن يتخذ قراره بشأن القوانين والتشريعات التي صدرت في فترة غياب المجلس وهي قوانين متعددة تصل إلى المئات، ولعل التحدي الحقيقي هو محدودية الفترة الزمنية التي يخصصها الدستور للانتهاء من هذه العملية وهي فترة 15 يوماً، كذلك من المهام المطلوبة من البرلمان تنقية القوانين القائمة وبحيث يضمن عدم وجود قوانين تتعارض مع الدستور ومبادئه، كذلك من المهام المطلوبة من البرلمان ممارسة الدور الرقابي على الحكومة ليس بهدف الصراع أو التصادم بل بهدف التوصل إلى الأفضل وتحقيق المصلحة العليا للوطن تواجه البرلمان القادم مشكلات ومعضلات أمنية قديمة، مع صحوة الإرهاب وعنفه الصاعد في سيناء في الشهور الأخيرة، رغم تراجعه أمام الاستراتيجية الأمنية المصرية، وتبدو تشريعات الإرهاب وتجفيف روافده من أولى المسائل التي تستدعي دعم ومناقشة البرلمان القادم الذي لن يخلو من إسلاميين بطبيعة الحال. ويبدو دعم الحكومة في خطواتها لمواجهة الإرهاب على رأس المسائل التي يتوقع أن يتخذ فيها مجلس النواب القادم العديد من الإجراءات، بعد استرداده سلطة التشريع من السيد الرئيس الذي تولى ذلك منذ فترة انتخابه والتي بلغت حتى نهاية مايو 2015، بلغ عددها 510 قرارات وقوانين شملت «قرارات وقوانين صادرة من رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء عددها 103 قرارات وقوانين»، و«قرارات صادرة من وزير الداخلية عددها 185 قراراً»، و«قرارات صادرة من وزير العدل عددها 221 قراراً»، و«صدر من النيابة العامة قرار واحد». ورغم تحفظ بعض قوى 30 يونيو على بعض هذه القرارات وإصرار بعضها على مناقشتها يبدو التحدي الأمني وتحدي صعود الإرهاب أحد القضايا ذات الأولوية على أجندة البرلمان القادم. كذلك برأينا من مهمات البرلمان القادم صياغة مشروع قومي مصري يتيح لمصر الخروج من أزماتها الاقتصادية والسياسية والإقليمية المختلفة، ودعم دور مصر في مشاكل الإقليم .. رغم غلبة تيار التأييد على توجهات المرشحين على مختلف أصنافهم باستثناءات قليلة، لكن يبدو أن الوقت في مصر لم يعد للتأييد أو التهليل فقط ولكن للنقاش والمحاسبة والمراقبة، حتى تسترد الدولة كامل عافيتها وتصلح ما فسد من بعض أجزائها وترشد ما يحتاج الرشاد من أجهزتها .. نحتاج برلماناً قادراً على النقد وقادراً على الاختلاف وعلى العمل، يقدم العام على الخاص والوطن على الجماعات والسياسات على الذوات .. نريد برلماناً يجمع ولا يطرح، ويضيف لمصر طاقة تساعدها على العبور من أزماتها ومشاكلها .. نريد مشروعاً ثقافياً وقومياً وتنويرياً .. نريد إعلاماً موضوعياً .. نريد بحثاً علمياً وثقافة علمية .. نريد فصلاً بين السلطات وقضاء مستقلاً وجامعات مستقلة .. نريد مصر التي تناسب المستقبل وأبناءنا فيه.