تسببت الأزمة التركية مع روسيا إثر إسقاط المقاتلات التركية للطائرة الحربية الروسية، بعد أن دخلت أجواءها، الشهر الماضي، فى توتر العلاقات بين أنقرةوموسكو وتصاعد التصريحات الغاضبة بين البلدين، وفرض الكريملين على وقعها جملة من العقوبات الاقتصادية على تركيا. وعقب قرار موسكو بفرض العقوبات على تركيا، توالت الدول العالمية لدعها أنقرة، حيث أعلن الاتحاد الأوروبى عن تقديم دعم عاجل للحكومة التركية بقيمة 3.1 مليار دولار، وذلك بعد ساعات من إعلان الرئيس الروسى فلاديمير بوتين فرض حزمة من العقوبات الاقتصادية على أنقرة. وقرر الجانبان، أيضاً تنفيذ خطة عمل مشتركة لاحتواء تدفق اللاجئين و"إحياء" مفاوضات انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، وفق ما أعلنه المسئولون الأوروبيون ورئيس الوزراء التركى أحمد داود أوغلو فى مؤتمر صحفي. وعلى الجانب السياسي، أكد الرئيس الأمريكى باراك أوباما، أن من حق تركيا الدفاع عن أجوائها ضد أى اعتداء. وأضاف أوباما خلال لقائه مع الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، على هامش مؤتمر المناخ العالمى فى باريس: "أود أن أكون واضحًا جدا، تركيا حليف ضمن حلف شمال الأطلسى والولاياتالمتحدة تدعم حقوق تركيا فى الدفاع عن نفسها ومجالها الجوى وأراضيها". ودعما لذلك الموقف، أفتى الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ مفتى المملكة العربية السعودية بضرورة دعم تركيا فى وجه روسيا. جاء ذلك فى لقاء للشيخ المفتى عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ على إحدى القنوات الدينية، وفى معرض حديثة حول التهديدات الروسية المتصاعدة بحق تركيا الدولة الإسلامية. وقال المفتى عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ: "إن تركيا بلد إسلامى كبير وثغر عظيم وضياعه خسارة على المسلمين ويجب مساعدته بكل الوسائل والوقوف معه". وبالتزامن مع العقوبات الروسية المفروضة على تركيا، لجأ أردوغان إلى قطر، حيث زار الرئيس التركى العاصمة القطريةالدوحة قبل أيام، ووقع خلال الزيارة على 15 اتفاقية مشتركة بين البلدين. وبموجب تلك الاتفاقيات، تستورد تركيا الغاز الطبيعى المسال من قطر على المدى الطويل وبشكل بديل، كبديل عن الغاز الروسي. وفى الوقت الذى قدم بلاد العالم يد العون لتركيا وبالأخص الدول العربية، باعتبار أن تركيا دولة إسلامية يجب مساعدتها بحسب مفتى السعودية، وصفت الإمارات إسقاط تركيا للطائرة الحربية الروسية ب"العمل الإرهابي"، حسبما جاء على لسان وزير الخارجية الإماراتي. وأكد عبد الله بن زايد، فى بيان صحفى استنكار الإمارات للأعمال (الإرهابية) التى شهدها كثير من الدول فى الآونة الأخيرة، خاصة الطائرة الروسية التى سقطت فوق سيناء، وحادثة إسقاط المقاتلة العسكرية الروسية فى سوريا. فيما عرضت القاهرة عقب توتر العلاقات الروسية التركية، على موسكو سد حاجتها من السلع البديلة التى كانت تستوردها من تركيا. وكشف وزير التجارة والصناعة المصري، طارق قابيل، عن أن مصر تقدمت بعرض لسد احتياجات روسيا من المنتجات التى كانت تستوردها من تركيا عقب قرار موسكو بوقف الاستيراد من أنقرة. وقال، إنه طلب من وزير التجارة الروسي، دينيس مانتوروف، خلال لقائهما معا مؤخرا فى الإمارات، إمداد مصر بقائمة وارداتها من تركيا حتى يتسنى لها ترتيب زيارة للمستوردين الروس إلى مصر للتعرف على الشركات المصرية المنتجة وبحث سبل توفير احتياجاتهم من تلك المنتجات خلال الفترة المقبلة. وأشار الوزير، إلى أن أهم الواردات الروسية من السوق التركى تتمثل فى الخضراوات والفاكهة بنسبة 66%، تليها الملابس والجلود، مؤكدًا أن الجانب الروسى طلب السماح بتسجيل جميع منتجات الألبان المصرية وإدخالها للسوق الروسي. ويأتى الدعم المصرى الإماراتىلروسيا فى وقت تعانى فيه موسكو من حزمة العقوبات الأوروبية الأمريكية على إثر الأزمة الحاصلة فى أوكرانيا. وفى السياق ذاته، يترقب العالم تمديد العقوبات الاقتصادية على روسيا خلال الساعات القليلة المقبلة، حسبما كشفت وسائل إعلام، حيث أعلنت عن أن الاتحاد الأوروبى سيقرر الأسبوع الجارى تمديد ولمدة ستة أشهر عقوباته الاقتصادية على روسيا بسبب ضلوعها فى الأزمة الأوكرانية. وينوى سفراء الدول ال28 فى الاتحاد الأوروبى ترجمة هذا القرار سياسيًا خلال اجتماع مقرر فى 9 ديسمبر، ما يعنى البدء رسميًا بعملية تمديد العقوبات خلال الأيام التى تلى ذلك. وقال الدكتور سعيد اللاوندى الخبير بالعلاقات الدولية بمركز الأهرام الاستراتيجي، إن الخلافات بين الدول العربية قديمة وطبيعية، مشيرًا إلى أن خلاف الدول العربية من الأزمة التركية الروسية لن يؤثر على العلاقات فيما بينهما مستقبلا موضحا أن كل دولة لها رؤية مستقلة عن الدولة الأخرى فى الأحداث الجارية فهى تتعامل معها على نحو يحفظ لها مصالحها . وأشار الخبير بالعلاقات الدولية ل"المصريون"، إلى أن الصراع الدائر هو امتداد للحرب الباردة بين أمريكاوروسيا عن طريق دول أخرى مثل مصر والإمارات من جانب وتركيا والسعودية فى الجانب الآخر. وعن سبب اتخاذ مصر والإمارات موقفًا موحدًا تجاه الأزمة خلاف الدول العربية الأخرى، أكد أن العلاقة بين البلدين طيبة ومتواصلة منذ أيام الشيخ زايد قبل أن تشهد أزهى عصورها هذه الأيام بسبب توافق الرؤى حول الأحداث العربية والإقليمية المعاصرة، وبالأخص فيما يتعلق مع روسيا التى تشهد حاليا علاقات متوترة مع الولاياتالمتحدة بسبب الأزمة الأوكرانية.