لم أكن أتصور أن يصل حجم النفاق الرخيص والمبتذل إلى هذا المستوى داخل ماسبيرو .. أقول هذا الكلام صادقاً وبدون أية مبالغات .. ففى الوقت الذى شهدت فيه مصر هذا الأسبوع العديد من الأحداث السياسية المهمة فى مقدمتها الجولة الأولى للمرحلة الثانية لإنتخابات مجلس النواب , إلى جانب استمرار تداعيات حادث الطائرة الروسية ( التى سقطت منذ أسبوعين فى سيناء وراح ضحيتها 217 راكباً و7 من أفراد طاقم الطائرة ) والتى أسفرت عن تعليق عدد من الدول رحلاتها الجوية من وإلى مصر .. وجدنا قيادات ماسبيرو مشغولة بأمر آخر تماما , وهو عيد ميلاد الرئيس عبدالفتاح السيسى الثانى والستين ( مواليد 19 نوفمبر 1954 ) . ولانهم يعلمون أن ساعة الحسم فى ماسبيرو قد إقتربت بقوة لاسيما مع قرب انتهاء الإنتخابات البرلمانية, وأن بقاءهم فى مناصبهم أصبح أمرا مشكوكاً فيه بنسبة كبيرة للغاية , فقد لجأت تلك القيادات إلى حيلة آخرى إلى جانب أعمال السحر والدجل والشعوذة للبقاء فى مناصبهم (والتى انفردت بكشف تفاصيلها منذ أيام قليلة فى مقالين كاملين يومى الخميس والسبت الماضيين ) , هذه الحيلة تتلخص فى إعادة مونتاج الأغانى والأوبريتات الغنائية القديمة ووضع صور وفيديوهات حديثة يظهر فيها الرئيس السيسى وتكون متماشية مع سياق وكلمات الأغانى . ولذلك فقد عقد كل من عصام الأمير رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون ومجدى لاشين رئيس قطاع التليفزيون وعبدالحكيم التونسى رئيس الإدارة المركزية للإعداد والتنفيذ بقطاع التليفزيون إجتماعاَ منذ أيام داخل مكتب الأمير , وقاموا بإستدعاء أشرف لولى مخرج المنوعات المعروف , وعرضوا عليه الفكرة وقالوا إن عليه أن يختار من بين 200 أغنية قديمة مجموعة من الأغنيات وإعادة مونتاجها بفيديوهات حديثة لرئيس الجمهورية , وأكدوا له أن هذه الفكرة سيكون لها مردود شعبى خاصة أنه تم غناءها بأصوات محببة للجماهير وعلى رأسهم أم كلثوم وعبدالحليم حافظ وغيرهم . إلأ أن أشرف لولى رفض هذه الفكرة رفضاً قاطعاً , وأبلغهم أن مردودها سيكون سلبياً للغاية حيث أن الكثيرين يعرفون الأحداث التاريخية والسياسية التى قدمت فيها هذه الأغنيات والأوبريتات , كما أن الكثير منها تم انتاجها فى عهد حسنى مبارك وأن تقديمها بشكل ومونتاج جديد سوف يؤدى إلى غضب كل من أتباع نظام مبارك والكثير من شباب الثورة بصفة خاصة والرأى العام بصفة عامة . فى هذا السياق نشير إلى أن من بين الأغنيات التى كان قد وقع إختيار قيادات ماسبيرو عليها : حبيب الملايين التى غناها عبدالحليم بعد الوحدة بين مصر وسوريا , حبيب حياتنا كلنا لفريد الأطرش., إحنا وياك يا ريس للفنانة شادية , حبيب الشعب وأنا الشعب لأم كلثوم , أكبر حب لمحمد عبد الوهاب, وأوبريت “اخترناك” الذى استمر عرضه لسنوات طويلة فى عهد مبارك , يا معلى راية الحرية لهانى شاكر, ريسنا لشيرين عبدالوهاب , واحد مننا لعمرو دياب .. الخ .
ياسيادة الرئيس : هكذا يدار الإعلام المصرى الرسمى ؟ فهل تقبل أن يستمر تحويل هذا الإعلام الفاشل إلى مجرد (بوق ) للتطبيل والنفاق ؟ وهل تتصور سيادتك ومعك كل الجهات السيادية المحترمة أنه يمكن أن يكون هناك اعلاما ناجحا فى ظل استمرار وجود قيادات تفكر بهذه العقليات ؟ ولماذا كل هذا التأخير فى الإطاحة بها رغم أن كل الجهات الرسمية فى مصر تعلم أنها قيادات فاشلة وفاسدة ومتسترة على الفساد ؟ وهل الإعلام الرسمى بصورته الحالية قادر على أن يكون معبراً عن أحلام الشعب التى حلم بها بعد ثورة 30 يونيو ؟ .