«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من المسئول عن قتل 11مريضًا بمستشفى الخانكة؟
«المصريون» تكشف المستور
نشر في المصريون يوم 10 - 11 - 2015

اشتراطات الداخلية: عدم تركيب مراوح.. والحجز في أقفاص حديدية
المرضى يواجهون الصيف بدون تهوية.. والشتاء بالاستحمام بالمياه الباردة
في مستشفى العباسية.. المرضى يهيمون ويتسولون في الحديقة.. ويمكنهم القفز إلى الشارع
وفى الخانكة.. روائح كريهة تنبعث من العنابر.. والتكييفات مكلفة والمراوح ممنوعة

انتهت التقارير الطبية الرسمية فى حادث وفاة إحدى عشر نزيلا بمستشفى الأمراض النفسية بالخانكة، إلى أن جميع حالات الوفاة نتيجة الإجهاد الحرارى بسبب موجة ارتفاع الحرارة التى مرت بالبلاد، وعدم وجود شبهة جنائية، وهو ما يتوقع معه مرور الحادث مرور الكرام، والدخول فى طى النسيان.
ولأن ما حدث - فى تقديرنا – جريمة تهز الضمير الإنسانى، خاصة أنها تتعلق بفئة يصعب عليها الاحتجاج أو التعبير عن مشاكلها، فإنها جريمة أكبر من توصيفها موتا طبيعيا، بل تكاد أن تكون واقعة قتل، وأن الجريمة شارك فيها كثير من الناس، وإن كانوا بدرجات مختلفة ومتفاوتة، ومن هؤلاء: المسئولين بالمستشفى الذين ثبت إهمالهم وعدم مراعاة تفاعل الأدوية التى تزيد من الإجهاد الحرارى.. والمسئولين بوزارة الصحة الذين تركوا المستشفى بدون إمكانيات للتهوية والعجز فى الأجهزة وفى عدد الأطباء والممرضات.. والمنظمات العاملة فى مجالات رعاية المرضى.. وأيضًا المنظمات العاملة فى رعاية المرأة لوجود سيدات محتجزات داخل المستشفى فى أمس الحاجة للرعاية.. ومنظمات حقوق الإنسان التى لم تمر على النزلاء المحتجزين بمثل هذه المستشفيات بسبب ارتكابهم جرائم جنائية، حيث تخضع العنابر المحتجز بها هؤلاء لاشتراطات وزارة الداخلية، وتستخدم بها كميات كبيرة من الحديد بدعوى إجراءات التأمين، فى وقت يحظر وجود مراوح بدعوى الخوف من شنق المرضى أنفسهم عن طريق التعلق بها ( رغم إمكانية قتل المرضى أنفسهم بالارتطام بالحديد الصلب) وعدم وجود مساحات مناسبة للتهوية وهو ما ساعد على ارتفاع الحرارة والتى لا يتحملها النزلاء عند حدوث مثل الموجة الأخيرة من ارتفاع كبير جدًا فى درجات الحرارة.. والأثرياء ورجال الأعمال الذين لم يلتفتوا لحال مثل هذه المستشفيات النفسية وحاجاتها إلى تبرعات.. وأفراد المجتمع الذين لم يكترثوا بقضايا المحتجزين فى الأمراض النفسية.. ونعتقد أن كل هؤلاء شاركوا فى جريمة قتل هؤلاء النزلاء بصورة أو بأخرى، يجمعها معنى واحد وهو "الإهمال".. وهو الفاعل الذى لا بد من محاكمته وسجنه أو حتى إعدامه، وقد قال البعض لو كان الإهمال رجلا لقتلته.
ومن أجل معرفة تفاصيل جريمة هذا القاتل "الإهمال" ومحاولة توصيفه والتصدى له، بعد أن حاول البعض تقديم "كبش فداء" بقصر الاتهام على " الحر" قمنا بهذا "التحقيق الصحفى الاستقصائى" وما تضمنه من لقاءات ومتابعات لجهات التحقيق، ومواجهات ومعرفة آراء المسئولين، كما قمنا بزيارات لعدد من مستشفيات الأمراض النفسية
قاتل اسمه الإهمال
بداية إذا كان هناك ما يطلق عليه القتل السلبى، مثل حالة امتناع الأم عن إرضاع صغيرها، فقد أكدت تصريحات المسئولين بالصحة عن وقائع إهمال جسيمة تحمل وزارة الصحة بما لا يقل عن امتناع الأم من إرضاع صغيرها، ومنها ما صرح به مدير المستشفى الدكتور مصطفى شحاتة – الذى تمت إقالته - إنه غير مسئول عن وفيات وإصابات المرضى قائلا: أنا غير مسئول عن موجة الحر وفتحت مكتبي ومكاتب الممرضين لإقامة المرضى لضعف إمكانيات أجهزة التكييف.
مؤكدًا اتخاذه كافة الإجراءات لتخفيض حرارتهم، قائلاً: كنت بحميهم بنفسى، وما حدث يرجع إلى سوء حالة المستشفى والتجهيزات المتاحة لها والنقص الحاد في الأطباء والتمريض، وأنه تم نقل أكثر من 15 من النزلاء إلى مستشفيات الحميات، بعد أن وصلت درجة حرارتهم إلى 42 درجة، إثر إصابتهم ب"الإجهاد الحراري"، بسبب ارتفاع درجة حرارة الجو..
وأضاف د . شحاتة: مستحيل نركب مراوح داخل عنابر المرضى، لأن هناك تعليمات بخطرها عليهم، باعتبارهم مرضى نفسيين، ومن الممكن أن يستخدمها أحدهم في الانتحار، كما أننا لا نستطيع تركيب تكييفات لأننا لدينا عنابر كثيرة، بها أكثر من ألفي مريض، ما يعني أننا نحتاج إلى ميزانية ضخمة ليست متوافرة للمستشفى.
وأردف قائلاً: إنه يتم تعويض المرضى عن المراوح والتكييفات بإخضاعهم للاستحمام بالمياه الباردة كل ساعتين، لترطيب أجسادهم، خاصة وأن أدوية الأمراض النفسية والعصبية تتسبب في رفع درجة حرارة جسم المريض فتصل في بعض الأحيان إلى 42 درجة، موضحًا أن المستشفى تقع على مساحة 180 فدانًا، وجميع العنابر عبارة عن دور واحد، والتهوية الطبيعية موجودة، لكنها لا تمنع ارتفاع درجة الحرارة الشديد في المستشفى.
و أكد أن التقارير الطبية التي كتبها مفتش الصحة، كشفت أن الوفيات التي وقعت مؤخرًا طبيعية، لذا تم تسليم الجثامين لذويها، محملا الدولة نتيجة وفاتهم بسبب النقص الحاد في عدد الأطباء والممرضين بالمستشفى يخدمون 2200 مريض، ومستشفى الخانكة هو أكبر مستشفى في الشرق الأوسط يخدم 30 ألف مريض متردد و1500 مريض محتجز و700 مسجون مريض نفسي في ظل إمكانيات ضعيفة ، و أن العنبر يتسع لما يقرب من 30 إلى 60 مريضًا وفقًا لمساحته وبفارق من 3 إلى 5 أمتار بين كل سرير بما يتنافى مع المعدلات العالمية.
رحلة لزيارة مستشفيات الأمراض العقلية
قررنا فى تحقيقنا الاستقصائى الذهاب لزيارة عدد من مستشفيات الأمراض العقلية، ولكن مع صعوبة زيارة المستشفيات، خاصة مع الإجراءات المشددة لوزارة الصحة بتجنب الحديث للصحفيين عقب الحادث، كان علينا البحث عن حيلة لدخول المستشفيات.
جاءت الفرصة كهدية من السماء، إذ سبق أن ذهبت منذ فترة قليلة مع أسرة المريض ( س ص ) – نحتفظ بالاسم بناء على طلب أسرته – إلى الدكتور أيمن العزونى استشارى الأمراض النفسية والعصبية لعلاج المريض المذكور، والذى نصح بحجزه بمستشفى للأمراض النفسية لتوفير بيئة علاجية أفضل، وبعده عن المؤثرات سواء أصدقاء السوء أو حتى الأهل لما يتعرضون من أخطار فى فترة المرض والتى قد تصل إلى القتل.
فهو يعانى من حالة مرضية بسبب إدمان أقراص الترامادول أو الترامال والامادول والترامكس وغيرها، والتى تناولها بعيدا عن مراقبة الأسرة ظنا منه أنها تساعده فى الهروب من مشكلات اقتصادية، فضاعفت المشكلة إذ أصابته بالخمول وأفقدته أية رغبة فى العمل.
وجاءت الكارثة فى أنه أخذ – بمعاونة أصدقاء السوء - فى مضاعفة الكمية التى يتعاطها، إذ يبدو أن درجة التعود تضطر الشخص لمضاعفة الجرعة للحصول على تأثيره المسكن الذى يقل بعد فترة، وقد نتج عن هذا الإدمان آثار مرضية – ساعدت الأسرة فى وصفها للطبيب - منها: فقدان الشهية والدوار والغثيان والتشنجات وصعوبة التنفس والتقلصات العضلية والخلل فى الرؤية فضلا عن متاعب وآلام فى الكبد والكلى وفقدان الذاكرة، كما أن هناك ملاحظات منها إصابته بالاكتئاب، وخوفه من الليل والأماكن المظلمة والأرض الخلاء، أما الأخطر فهو ما تسبب فى مشكلات اجتماعية، إذ يبدو أنه هادئ جدًا إلى درجة الانطواء، ثم يشارك فى الحديث بهدوء إلى درجة أن المستمع له يحسبه فى قمة الفهم، وفجأة يقوم بحركات لا إرادية عدوانية وتهيج بصوت حاد ومرتفع ليتحدث عن وقائع غير حقيقية بالمرة، ومنها اتهامات لبعض أفراد الأسرة بارتكاب الفحشاء أو أفعال فاضحة، وهو ما يمكن أن يسبب كوارث اجتماعية، وبالفعل ذهبت مع المريض وأسرته إلى مستشفى خاص كبير لعلاج الأمراض النفسية والعصبية لعلاج مريضها0 ( نحتفظ باسم المستشفى تجنبا للدعاية) ورغم أن العلاج بدأ فى تحسين الحالة، إلا أن التكاليف التى تفوق قدرة الأسرة جعلتها تتوقف عن استكمال العلاج بالمستشفى، فتكلفة السرير فى غرفة مشتركة 350 جنيها لليلة بخلاف مصاريف العلاج من تحاليل وأدوية وغيرها، ولمدة قد تتجاوز ثلاثة شهور على الأقل.
ملحوظة: التقيت بالأستاذ هشام عباس رئيس الجمعية المصرية لمكافحة الإدمان وعلاج المدمنين – وهى من أشهر الجمعيات الأهلية فى هذا المجال - فقال: إن هناك فوضى فى علاج الإدمان فى مصر، ولا توجد أى مؤسسة حكومية أو خاصة لديها علاج للإدمان بشكل طبى علمى مثالى متكامل، ومازلنا فى المراحل المبكرة جدًا فى العلاج، ونحن نعتبر الإدمان تحت قائمة العلاج النفسى بينما الإدمان مرض أشمل، ويمثل أحد الأمراض الثانوية للعلاج النفسى والعقلى، وهو أولا مرض بيئى معظمه بسبب أصدقاء السوء والثقافة والتعليم وغيرها.
وأضاف: الواقع أنه ليس لدينا استراتيجية متكاملة لعلاج الإدمان، وليست هناك بعثات للأطباء للاطلاع على العلاج بالمصحات فى الخارج، وحتى نسبة الاستشفاء ضئيلة، لدينا أسرة لا تتعدى 3 آلاف فى كافة المستشفيات الحكومية والخاصة فى وقت تذكر الإحصائيات أن عدد المدمنين والمتعاطين حوالى 8ر7 مليون مواطن.
وتعبير مستشفيات علاج الإدمان ينقسم إلى قسمين.. قسم يختص بالمستشفيات الحكومية والمستشفيات الخاصة الكبرى، وهذا جيد وإن كان فى حاجة إلى تطوير وتحديث طبى وعلمى، فنسب نجاح العلاج محدودة وغير مرضى، أما الخطورة ففى مراكز علاج الإدمان التى تسمى زورا بالمستشفيات، وقد انتشرت فى السنوات الأخيرة بصورة خطيرة، وحقيقتها أوكار أو شقق مفروشة للاتجار بالمدمنين، وهى بدون ترخيص ولا يوجد بها أطباء بل يديرها أشخاص فى الغالب مدمنين سابقين يطلق عليهم وصف "متعافى" وقد يقوم بعض العاملين بهذه المراكز بالتغاضى عن وصول مواد أو أقراص مخدرة.
ويضيف هشام عباس: لقد فوجئت بحضور شخص من هؤلاء للجمعية للحصول على خطاب باسم الجمعية لعمل ترخيص لمركز لعلاج الإدمان، ورفضت بشكل قاطع .. علما بأن الوزارة أغلقت عشرات من هذه المراكز أخرها 38 مركزًا "دفعة واحدة" معظمها بالمقطم والتجمع والمدن الجديدة.
وهذه المراكز هى مراكز "بئر السلم"، أما المستشفيات الكبيرة فهى حاصلة على ترخيص، وبها انضباط، وإن كان الأهم ليست فى مظهر المستشفى ولكن فى الناحية الطبية، وبالطبع هى الأفضل وننصح بالعلاج بها، سواء مستشفيات خاصة للقادرين أو حكومية لغير القادرين، وفى كل الأحوال أخطر مشكلة تواجه علاج المدمنين عودتهم لنفس البيئة وأصدقاء السوء.
"العباسية" ورعب عنبر الحالات الخطرة
وعن طريق مصدر بوزارة الصحة اتصلت بالدكتور هشام رامى أمين عام الصحة النفسية والموجود بمكتبه بمستشفى العباسية للأمراض النفسية، والذى رحب بإحضار المريض لتوقيع الكشف الطبى عليه وبحث إمكانية علاجه،ولأسباب خاصة بمقاومة المريض للذهاب للعلاج، وبعد المسافة عن مقر المستشفى وصلنا إلى المستشفى الساعة الثانية ظهرًا، إذ قابلنا رجال أمن المستشفى على البوابة الخارجية، واصطحبنا أحدهم حتى حجرة الاستقبال، وفى الطريق لاحظت وجود الكثير من المرضى طلقاء يهيمون فى حديقة المستشفى، وبعضهم تسول منحنا له لنقود، كما لاحظت أنه يمكن لأى مريض القفز من أعلى السور إلى خارج المستشفى، إذ أن ارتفاع الأسوار منخفض ولا يزيد على مترين ونصف المتر، إضافة لاتساع مساحة الحديقة، ووجود كثير من الأشجار مما يصعب على الأمن المراقبة بدقة
وفى حجرة الاستقبال جاءت أولى المفاجآت إذ لا يوجد أطباء بسبب انصرافهم حوالى الساعة الواحدة والنصف، ولم يكن أمامنا سوى التعامل مع الممرضين.
أفادنا الممرضون أنه يمكن إعطاء المريض حقنة مهدئة، والمبيت بالمستشفى حتى الصباح عندما يحضر الأطباء لتوقيع الكشف الطبى عليه وإجراء التحاليل واتخاذ القرار بحجزه للعلاج بالمستشفى والذى يأتى بعد عمل لجنة لمناقشة المريض، والتأكد من مدى استعداده للعلاج، خاصة مع وجود أعداد من المرضى، إضافة لارتفاع أسعار الأدوية التى تساهم بها المستشفى.
سألنا عن مكان الحجز، فأفادوا أن المتوافر الآن عنبر الحالات الخطرة فقط، فعنبر علاج الإدمان ملىء بالمرضى، وعلى أى مريض انتظار دوره عند خروج مريض تم شفاؤه ليحل مكانه.
أما عن التكلفة فأكبرها فى شراء أدوية من الخارج بجانب الأدوية التى تصرفها المستشفى، ومتوسط " فاتورة " شراء الدواء من الخارج شهريا نحو 800 جنيه.
ذهبنا للنظر من نوافذ عنبر الحالات الخطرة، فشاهدنا مناظر خطرة بحق إذ الأسرة غير منتظمة من الواضح عبث المرضى بها، وبعضهم يتركونها وينامون على الأرض، وبعض الأجهزة مكسرة، وبعض المرضى يتشاجرون ويتشابكون.. فلم يكن أمام أسرة المريض سوى الخوف على حياة مريضهم والانصراف.
أهوال الخانكة
وعليه قررنا أن نذهب بالمريض مبكرًا إلى مستشفى حكومى آخر وهو مستشفى الخانكة للأمراض العقلية.
وصلنا إلى مستشفى الخانكة بعد رحلة عذاب بعد أن اكتشفنا أنه يقع فى منطقة "مقطوعة" تحيطها أرض جرداء أقرب للصحراء، وبعض زراعات الأشجار والنخيل فى أجزاء متفرقة، كما شاهدنا بعض "العشش" التى هى أقرب للأوكار للصوص والمدمنين والخارجين عن القانون أو الأعراب بالمنطقة، وهى منطقة بعيدة تمامًا عن المواصلات العامة أو حتى الميكروباص، وهو ما اضطرنا إلى تحمل تكاليف تاكسى بمبلغ خيالى للنجاة من هذه الأهوال والتى ربما تمنع أهالى المحتجزين من زيارتهم، إلا أن هذا لم يمنع من تدويننا بعض المشاهد، داخل السور الخارجى للمستشفى فبعض الأسوار البسيطة أقرب لمصاطب يجلس عليها المرضى، وكذلك عدد من الأرصفة، وقد صادفنا أكثر من مريض يقوم بالتسول ويطلب " يشحت" سجائر، وعندما تحدثت مع إحدى الممرضين فى الطوارئ رد ليس لنا شأنًا، اتركه ولا تستجيب له وهو غير مؤذ، إلا أن ما لاحظناه هو وجود عدد كبير من المرضى منتشرين بإحدى الطرقات الملحقة بأحد العنابر منهم من ينام على الأرض، وروائح كريهة للغاية تشم من مسافات خارج العنابر، وعلمنا بعدم وجود مراوح وسوء التهوية، وهو نفس ما أكده الدكتور مصطفى شحاتة الذى تمت إقالته وأصبحت أحاديثه من خارج المستشفى.
ورغم أننا أثناء دخول المستشفى لاحظنا تنزيل عمال لأجهزة تكييف لتركيبها بالمستشفى، إلا أن أسرة المريض رفضت حجزه خاصة مع منظر المرضى وانبعاث الروائح الكريهة، وما نشر عن حوادث وفاة المرضى فى الفترة الأخيرة، وتصريحات الدكتور مصطفى شحاتة مدير المستشفى السابق.
وتواصل "المصريون" نشر الحلقة الثانية من زياراتها الميدانية ل"مستشفيات الموت" فى العدد القادم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.