فى واقعة تمثل فضيحة من العيار الثقيل للأمم المتحدة ووسيطها الدولى فى الصراع الليبى، الدبلوماسى الإسبانى "برنارد ليون"، كشفت صحيفة الجارديان البريطانية عن اختراق دولة الإمارات العربية المتحدة لوسيط الأممالمتحدة، ودفعه لاتخاذ مواقف وممارسات موالية لبرلمان طبرق الذى تدعمه الإمارات ومصر. وكشفت عن أنه كان ينسق المواقف مع سفير برلمان طبرق فى أبو ظبى، ومع السياسى الليبى الموالى للبرلمان محمود جبريل والمقيم هو الآخر فى أبو ظبى، واتهمت "الجارديان" الإمارات باستخدام ليبيا ساحة حرب بالوكالة ضد الإسلاميين، حيث عرضت على المبعوث الأممى برنارد ليون راتبًا يوميًا أكثر قليلا من ألف جنيه إسترليني. وتقول "الجارديان" فى تقرير أعده رانديب راميشن، إن المبعوث الأممى سيحصل على راتب شهرى مقداره 35 ألف جنيه إسترليني لتدريب الدبلوماسيين الإماراتيين، ودعم السياسة الخارجية الإماراتية. ويذكر راميشن أن المبعوث الأممى لليبيا قضى الصيف وهو يتفاوض حول وظيفة فى دولة خليجية تدعم طرفا فى الحرب الدائرة فى ليبيا، التى يقوم بالتوسط بين أطراف النزاع فيها. ويشير التقرير إلى أن مبعوث الأممالمتحدة الخاص ووزير الخارجية الإسبانى السابق ليون عرضت عليه وظيفة فى يونيو هذا الصيف، كى يعمل مديرا للأكاديمية الدبلوماسية فى الإمارات. وتلفت الصحيفة إلى أن الإمارات قد أعلنت الأربعاء أن ليون سيتولى منصب إدارة الأكاديمية التى أنشئت العام الماضي، بهدف نشر الدبلوماسية الخارجية الإماراتية وإدارة العلاقات الإستراتيجية وتدريب الدبلوماسيين فى الإمارات. ويبين الكاتب أنه من المتوقع أن ينهى ليون مهمته فى ليبيا الجمعة، حيث سيترك البلاد فى أزمة مغلقة تتنافس فيها الأطراف التى لم توافق بعد على خطته لإنشاء حكومة وحدة وطنية. مشيرًا إلى أن ليون نفى أن يكون هناك أى تضارب فى المصالح، حيث أكد أنه كان سيترك عمله فى الأممالمتحدة فى الأول من سبتمبر هذا العام. وكتب ليون فى رسالة إلكترونية تلقتها "الجارديان": "الدفاع الوحيد ضد هذه الاتهامات هو عملي". وأضاف: "كما قلت فى الماضي، اقرأوا مقترحاتى والاتفاق والحكومة المقترحة، وكلها رأى فيها طرفا النزاع فى ليبيا مقترحات عادلة". واطلعت "الجارديان" على رسائل إلكترونية تظهر كيف عرض على ليون تولى منصب مدير عام للأكاديمية فى يونيو، وتبع هذا تفاوض حول زيادة الحصة المالية المخصصة للسكن. وفى أغسطس، قال إنه سيسافر مع عائلته كى يقيم فى أبو ظبي. وينقل التقرير عن محللين قولهم إن الحرب الأهلية الليبية تتغذى من التنافس الخارجي. مشيرين إلى أن مصر والإمارات تستخدمان البلد ساحة حرب ضد الإسلاميين الذين يزعم أنهم يتلقون دعمًا من تركيا وقطر. ويقول راميشن إن وظيفة ليون الجديدة تثير تساؤلات حول حياديته كونه مبعوث سلام يمثل الأممالمتحدة. فبعد خمسة أشهر من تعيينه فى دوره وسيطا فى ليبيا أرسل من حسابه الشخصى رسالة إلكترونية مؤرخة فى 31 ديسمبر عام 2014 إلى وزير الخارجية الإماراتى الشيخ عبد الله بن زايد، وأخبره فيها أنه بسبب بطء تقدم محادثات السلام تبحث الدول الأوروبية والولاياتالمتحدة عن خطة (ب) مؤتمر سلام كلاسيكي، وهو بحسب رأيى الشخصي، أسوأ من الحوار السياسي؛ لأنه يعامل طرفى النزاع على قدم المساواة". ويفيد التقرير بأن الدولة الليبية تحولت إلى ساحة حرب أهلية تشارك فيها ما يقرب من 1600 فصيل مسلح، تعمل فى بلد لا يتجاوز تعداد سكانه 6 ملايين نسمة. ويدعم كل فصيل منها جماعة أو جماعتين سياسيتين، المؤتمر الوطنى الذى يمثل الإسلاميين ومجلس نواب طبرق. ويواصل ليون القول إن خطته تقوم على "كسر التحالف الخطير" بين تجار مصراتة الأثرياء والإسلاميين الذين يدعمون المؤتمر الوطني. وأضاف أنه يريد دعم مجلس نواب طبرق المدعوم من مصر والإمارات. ويقول ليون بصراحة إنه "لا يعمل من أجل خطة سياسية تضم الجميع"، ويتحدث عن استراتيجية "تنزع الشرعية عن المؤتمر الوطني". ويعترف بأن "الحركات والمقترحات كلها تم التشاور فيها مع مجلس نواب طبرق والسفير الليبى فى الإمارات عارف نايض ورئيس الوزراء السابق المقيم فى أبو ظبى محمد جبريل". وتنقل الصحيفة عن ليون قوله لوزير الخارجية الإماراتي: "يمكننى المساعدة والتحكم بالعملية حينما أكون هنا، وكما تعرف فلا أخطط للبقاء طويلا هنا. وينظر إلى على أنى متحيز مع مجلس النواب، ونصحت الولاياتالمتحدة وبريطانيا بالعمل معك". وينوه الكاتب إلى أن ليون ينكر أن يكون قد حابى طرفا على حساب آخر فى النزاع، ويقول إنه قدم "خطة عادلة" لإنهاء الحرب. وكتب رسالة إلكترونية ل"الجارديان" يقول فيها إنه أقام "اتصالات مشابهة مع الدول الأخرى التى تدعم الأطراف الليبية الأخرى وبالروح ذاتها، وأنا متأكد أننى كنت سأقول لهم فى المناسبة ذاتها إنهم يمكنهم الاعتماد علي. ومهمتى هى بناء ثقة بينهم فى داخل وخارج ليبيا". ويورد التقرير، أنه فى رسالة أخرى لوزير الدولة الإماراتى سلطان الجابر لوزير الخارجية قال فيها إن ليون لن يجد مسكنا مناسبا فى أبو ظبى بمبلغ 360 ألف درهم (63 ألف جنيه إسترليني) كمخصصات سكن سنوية. وقالت الرسالة أنه يريد ضعف المبلغ لاستئجار منزل للعائلة فى الجزيرة الراقية السعديات، وهى الجزيرة التى بنى فيها فرع لمتحف اللوفر وجاجينغهام. ويكتب الوزير أن ليون "يزعم أنه يمكن أن يجد مسكنا مناسبا فى مدريد بناء على المبلغ المخصص له. والمنزل الذى يريد استئجاره فى السعديات يتراوح إيجاره ما بين 500 ألف إلى 600 ألف درهم إماراتى فى العام". وتوضح الصحيفة أن تعليمات الأممالمتحدة تشترط للوسيط أن عليه "ألا يقبل شروطا من لاعبين خارجيين يمكن أن تؤثر على حيادية العملية، وأن عليهم تحويل المهمة إلى وسيط آخر أو كيان وسيط إن شعروا أنهم غير قادرين على مواصلة الحيادية". وكانت الصحيفة قد أرسلت إلى ليون رسالة يوم الإثنين، حيث سألته عن القصة، ورد يوم الأربعاء قائلا إنه لم "يوقع العقد بعد، وكل ما فى الأمر هو حديث". وطلب من "الجارديان" ألا تنشر القصة، وعرض مقابلة معها لشرح الأمر. ولكن الإمارات أعلنت عن قبوله الوظيفة يوم الأربعاء قبل أن تتم المقابلة. وتختم "الجارديان" تقريرها بالإشارة إلى أن ليون أكد أنه تم التلاعب برسائله الإلكترونية، وأنها لم تقدم بطريقة صحيحة، وأنه فكر بالاستقالة من عمله فى بداية يناير، والعمل فى المجال الأكاديمى فى أمريكا، وقال: "فقط بعد أشهر عندما كان عقدى مع الأممالمتحدة سينتهى بدأت بمناقشة مستقبلى الوظيفي".