كشفت منظمة هيومان رايتس ووتش الحقوقية عن تفاصيل استمرار قمع السلطات الأمنية بمنع سفر كل من القيادات والأعضاء بأحزاب سياسية، ونشطاء شباب، والعاملون في منظمات غير حكومية، ومُساعد سابق للرئيس المعزول محمد مرسي و ذلك بلا سند قانوني فى ظل تزايد إجراءات التضييق والترهيب من قِبل أجهزة الأمن، بما يشمل مصادرة جوازات السفر للتحول الدولة المصرية إلى سجن كبير على حد تعبير المنظمة . وأكدت لمنظمة فى بيان لديها ،اليوم الأحد ، بأنه على السلطات إنهاء هذه القيود غير القضائية، وأن تتيح للمواطنين سُبل الطعن في قرارات منع السفر وتعيد إليهم جوازات سفرهم. واستدلت المنظمة بتقارير إخبارية وشهادات من نشطاء تحدثت معهم المنظمة ، لافتة إلى أن ضباط "مصلحة الجوازات والهجرة" التابعة لوزارة الداخلية في مطار القاهرة الدولي لديهم سلطة واسعة، لإيقاف أي مواطن، ومطالبته باستصدار تصريح أمني لمغادرة البلاد، بغض النظر عن مقصده أو الغرض من زيارته. ومن جانبه ، قال نديم حوري نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "لقد سجنت السلطات المصرية آلاف المعارضين العامين الماضيين وهي الآن تحوّل حدود البلاد، في الواقع، إلى أسوار سجنٍ ،و الانعدام الكامل لأي رقابة على سلطة الأمن الوطني يعني ترك المواطنين دون أي خيار" على حد وصفه. ووثّقت هيومن رايتس ووتش 32 حالة على الأقل لمصادرة ضباط أمن المطار جوازات سفر نشطاء سياسيين وعاملين بمنظمات غير حكومية، مع إخبارهم بأن الأمن الوطني "سيتصل بهم"،فيما لم يتمكن أغلبهم من استعادة جوازاتهم. ونقلت المنظمة عن العديد ممن تعرضوا لمنع السفر قولهم "إنهم أُوقفوا في المطار أثناء المرور بمنطقة فحص الجوازات وحقق معهم عناصر من جهاز الأمن الوطني التابع لوزارة الداخلية، والمعروف سابقا باسم أمن الدولة، ثم مُنعوا من قِبل هذه العناصر من مغادرة البلاد، مع عدم إبداء أسباب محددة في أغلب الحالات، ومصادرة جوازاتهم أحياناً كثيرة" على حد قولهم . و ألمحت المنظمة إلى شكاوى الأحزاب السياسية من القيود على أعضائها، وبوعد الرئيس عبد الفتاح السيسي في مايو 2015 بالتدخل ،فيما لاتزال القيود ما زالت سارية –على حد تعبير المنظمة-، بالإضافة إلى لم يتمكن العديد من أعضاء الأحزاب من استعادة جوازاتهم. كما نقلت المنظمة عن نشطاء ومحامون ل هيومن رايتس ووتش بإن مكتب النائب العام لم يتخذ إجراءات عند لجوء أفراد إليه لمحاولة الإبلاغ عن وقائع المنع من السفر. وأكدت المنظمة على منع الأمن الوطني لسياسيين من السفر لمؤتمرات سياسية ونشطاء من حضور ورش عمل مستدلة بإحدى الوقائع، في 4 أكتوبر حيث أوقف عناصر الأمن الوطني في مطار القاهرة الدولي مجموعة من الشابات في طريقهن لألمانيا بدعوة من منظمة أوروبية للتدريب على مكافحة العنف ضد المرأة، وقاموا باستجوابهن بالإضافة إلى وقف الأمن ل 5 نساء أخريات كُنّ سيسافرن معها وكُنّ ينتظرن إقلاع الطائرة، واستجوبوهنّ جميعا وفتشن هواتفهن وحواسبهن سريعا. وأشارت المنظمة إلى واقعة أخرى في 31 أغسطس تعرّض 10 مدونين وناشطين شباب كانوا في طريقهم لمؤتمر شبابي تنظمه "الشبكة العربية للتربية المدنية" في الأردن لتجربة مشابهة. و يقول محمود عبد الظاهر، المدوّن والعضو في "حزب الدستور"، ل هيومن رايتس ووتش إن مصلحة الجوازات استجوبتهم بشأن غرض الرحلة وسمحت لهم بالمرور لمنطقة انتظار الطائرة بعد أن أظهروا دعوات المؤتمر. لكن عند البوابة طُلب من عبد الظاهر العودة و"الحديث مع ضابط بالأمن الوطني"، واستجوبه رجل في ثياب مدنية في حجرة بمرآب المطار ثم جلب جميع زملاء عبد الظاهر واستجوبهم وصادر جوازاتهم،و بعد أيام، تلقى كل منهم مكالمة من مكتب الأمن الوطني في مدينته فيما استجوبهم الضباط لكن لم يعيدوا إليهم جوازاتهم، حسب رواية عبد الظاهر. وتابع عبد الظاهر إن الضباط أخبروا زملاءه بأن المنع من السفر "لأسباب أمنية" ورفضوا تقديم تأكيد كتابي بمصادرة جوازات السفر. ونقل عن أحد الضباط قوله: "لو والدك قال لك لا تسافر الآن، فلن تسافر". وأكدت الفتيات ، وعبد الظاهر وزملاؤه بشكاوى للنائب العام بشأن هذه الوقائع ولم يتلقوا أي رد ،كما نقلت وسائل الإعلام عدة وقائع أخرى شبيه ففي 15 يوليو ذكرت "بي بي سي" أن أمن مطار القاهرة أوقف الشيخ محمد جبريل، وهو إمام جامع عمرو بن العاص التاريخي في القاهرة، ومنعه من السفر إلى لندن بعد أيام من إمامته لصلاة دعى فيها على "الحكام الظالمين" ودعى ل "الشباب المُعتقل. كما ذكرت المنظمة الوقائع الأخرى التي ذكرها نشطاء ووسائل إعلام محلية محمد القصاص، الناشط السياسي، في يناير ؛ وأسماء محفوظ، عضوة "حركة شباب 6 أبريل"، في أكتوبر ؛ ونجلتيّ خيرت الشاطر، نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين المسجون، في أكتوبر 2014 ،بالإضافة إلى منع السلطات فى مايو الناشط السياسى سيف عبد الفتاح – أستاذ في العلوم السياسية خدم لفترة وجيزة في 2012 كمستشار للرئيس السابق مرسي – من السفر إلى ماليزيا دون إبداء أسباب. وأضافت المنظمة عن قضايا أخرى، كان قضاة ووكلاء نيابة هم من أصدروا قرارات بالمنع من السفر كما علمت هيومن رايتس ووتش، لكن حتى في تلك الحالات، كان العديد منها غير متسق مع المعايير الدولية لتقييد حرية التنقل، بما في ذلك السفر. وألمحت المنظمة إلى واقعة منع إسراء عبد الفتاح – الناشطة السياسية والموظفة السابقة في والمشاركة في تأسيس "المعهد المصري الديمقراطي" – من السفر إلى الولاياتالمتحدة، حيث حصلت على منحة للدراسة بجامعة ستانفورد. وأطلعت عبد الفتاح هيومن رايتس ووتش على رسالة من الشؤون القانونية بوزارة الداخلية إلى المحكمة الإدارية ورد فيها أنها موضوعة على "قوائم ترقب الوصول والسفر" ضمن قرار الأمن الوطني الصادر في 16 نوفمبر 2013، وأمر آخر لمنع السفر بحقها، صادر عن قاضي تحقيق في 24 ديسمبر 2014. كما استدلت المنظمة بواقعة منع الصحفيين أيضا من السفر مثل عبد الحليم قنديل، رئيس تحرير صحيفة "صوت الأمة" الخاصة، من السفر مرتين في عام 2015، آخرهما في 8 أغسطس والسياسي الليبرالي عمرو حمزاوي بالإضافة إلى الناشط السياسي والنائب السابق مصطفى النجار والذى قال ل هيومن رايتس ووتش إنه عرف بالاتهامات المنسوبة إليه فقط عندما قرأ عنها في الصحف في يناير 2014 مشيرا إلى إن النيابة أمرت بمنعه من السفر بدءا من يناير ، وإن كان لم يتم إخباره أو إخبار محاميه بأية تفاصيل عن القضية حتى وقت قليل قبل بدء جلسات المحاكمة في مايو 2015. في أغسطس 2013، أصدر قاضي تحقيق حظر سفر على 75 قاضيا، منهم طلعت عبد الله، النائب العام السابق الذي عيّنه مرسي. اتُهم ال 75 ب "العمل في السياسة" والتحيز السياسي، بسبب بيان أصدروه بعد عزل مرسي يعارضون فيه عزله بالقوة ويطالبون القوى السياسية بالحوارى فيما أُرسل 56 من القضاة إلى المحكمة التأديبية، التي أجبرت 41 منهم على التقاعد في مارس ، وهو قرار نددت به بقوة 12 منظمة مجتمع مدني مصرية، قائلة إن القضاة عوقبوا للتعبير عن الرأي. وتراجع محكمة أخرى طعن القضاة في القرار. ومن جانبها ، وثقت وثقت "مؤسسة حرية الفكر والتعبير" في يونيو 2015 – وهي منظمة مصرية مستقلة – منع سفر أساتذة جامعيين لمؤتمرات أكاديمية، إلا لو حصلوا على إذن من الأمن حيث قالت المؤسسة إنها اكتشفت هذا القيد عندما أخبر مسؤولون بوزارة التعليم العالي أستاذ العلوم بجامعة القاهرة نبيل لبيب يوسف بأنه يحتاج إلى موافقة أمنية قبل السفر إلى المجر للإشراف على رسالة دكتوراه مشتركة تخص طالب مصري، رغم أن الجامعة وافقت على رحلته فيما رفع محامون بالمؤسسة قضية فى 4 يوليو في المحكمة الإدارية، وقالوا إن منع يوسف من السفر يقوّض الاستقلال الأكاديمي وينتهك قوانين تنظيم الجامعات بالإضافة إلى توثيق المؤسسة عدة قيود أخرى على السفر فرضتها وزارة الخارجية ومسؤولون بالأمن على بعثات سفر أكاديمية، لا سيما إلى تركيا. واستدلت المنظمة أيضا بقمع السلطات فى السفر للخارج بواقع مايو 2014 بمنع أمن مطار القاهرة عبد الله عاصم (17 عاما)، وهو طالب الثانوية الذي عُرف إعلامياً بالمخترع الصغير، من السفر إلى كاليفورنيا لتمثيل مصر في مؤتمر علمي دولي لافتة إلى أنه تم القُبض على عاصم قبل أسبوعين من ذلك التاريخ وواجه اتهامات بالتظاهر والانتماء ل "الإخوان المسلمون". وأضافت المنظمة بأن السلطات قررت منع أيضا خالد القزاز، مستشار مرسي السابق للسياسات الخارجية، من السفر خارج مصر حيث تم القبض على القزاز ومعه مساعدين آخرين لمرسي في 3 يوليو 2013 واحتُجز بمعزل عن العالم لأكثر من 5 شهور أثناء سجنه و لم يُتهم القزاز بأية جريمة، وأُفرج عنه في يناير على خلفية حالته الصحية، بعد أن أخلت النيابة طرفه من الاتهامات، على حد قول أسرته ولكن سرعان ما تم مُنع القزاز وأسرته من السفر 3 مرات إلى كندا. كما نددت المنظمة الحقوقية أيضا بمنع الأمن لمجموعة من قيادات الأحزاب السياسية وأعضاءها من السفر في 16 مايو إلى جمهورية التشيك لحضور مؤتمر عن المشاركة السياسية حيث كان أعضاء المجموعة من "الحزب الديمقراطي الاجتماعي"، الحزب العلماني المُعارض الأساسي في البرلمان المصري السابق،– ومن حزب الدستور، الذي أسسه محمد البرادعي الحائز على جائزة نوبل للسلام.،كما ضم الوفد حزبين آخرين مواليين للسيسي بشكل عام، هما "حزب الإصلاح والتنمية" (ليبرالي) و"حزب النور" (إسلامي سلفي)، بالإضافة إلى حزب معارض هو "مصر القوية". و اختتمت المنظمة بيانها بتصريحات عن عدة نشطاء وعاملون في منظمات غير حكومية ل هيومن رايتس ووتش إنهم أُوقفوا بشكل متكرر وأحيانا استجوبهم عناصر من أجهزة الأمن لدى عودتهم من رحلات في الخارج فيما واجه بعضهم مضايقات إضافية ومنع من السفر ، فيما أكدت المنظمة مؤكدة على إضرار سياسة الدولة في المنع من السفر نشطاء من أجل الديمقراطية وأكاديميين وصحفيين وطُلاب وقضاة وسياسيين لافتة إلى تطبيق المنع بشكل فضفاض لدرجة أنه أضر حتى ببعض المعلقين والسياسيين الذين يظهر أنهم مؤيدين للرئيس عبد الفتاح السيسى على حد وصف المنظمة.