سلطت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، الضوء على أسباب تهوى سعر الجنيه مجيبة على سؤال "لماذا يتأكل الجنيه المصري"، فيما واجه هشام رامز، محافظ البنك الم ضغوطا كبيرة قبل أن يستقيل من منصبه. ونقلت الصحيفة عن محللون اقتصاديون ، في سياق تقريرها المنشور عبر موقعها الإلكتروني، بأن الوصول المقيد إلى العملة الاجنبية عرقل النمو وأن التراجع السريع نوعًا ما في العملة سيلعب دورًا إيجابيًا، موضحين أنّ خفض سعر العملة خطوة مُبَشّرة في ظل الوضع الراهن نظرًا لأنه يعزز السيولة ويساعد مصر على جذب مزيد من رؤوس الأموال -بحسب الصحيفة. ونقلت الصحيفة أيضا عن فوميليل مبيو من مصرف "ستاندارد بنك" قوله " إن الحكومة المصرية تحاول الموازنة بين تحقيق نمو اقتصادي سريع والمحافظة في الوقت ذاته على الاستقرار في الاقتصاد الكلي والظروف الاقتصادية والاجتماعية في البلاد عبر خفض سعر الجنيه ولكن بوتيرة بطيئة جدا". وأوضحت الصحيفة،إن التراجع المستمر في احتياطي النقدي الأجنبي لمصر خلال العام الجاري يشير إلى الهشاشة الواضحة لميزان المدفوعات، ولعل المشكلة التي قد تنجم عن الخفض السريع في قيمة الجنيه هو أنه قد يرفع مستويات التضخم وبوتيرة سريعة، مما يعرقل أي تأثير إيجابي ناتج عن تقليل كلفة الصادرات. وفي ذات السياق يرى محللون أنّ الحكومة تتحوط من الخفض السريع لسعر العملة، متخوفة من أن تزيد تلك الخطوة الضغوط التضخمية التي نشأت بالفعل جراء التدابير المالية التي اتخذتها الحكومة مثل خفض دعم الوقود- وفقا للصحيفة. وأشارت الصحيفة إلى أن الحكومة الجانب الأكبر من جهودها على تعزيز احتياطها من النقدي الأجنبي الذي يواجه البنك المركزي انتقادات حادة بسبب تراجعه المستمر، ويذهب محللون إلى أن البنك لا يتوقع تراجع الضغوط حتى العام المقبل. وأكدت الصحيفة على أن البنك المركزي يتطلع إلى تعزيز الاحتياطي الأجنبي على المدى القصير عبر حصوله على قرض من بنك التنمية الإفريقي وربما أيضا من خلال طرح سندات بالعملة الأوروبية الموحدة " اليورو." وأشارت الصحيفة إلى أن هشام رامز استقال من منصب محافظ البنك المركزى الأربعاء الماضي بعدما أقدم البنك على خفض سعر العملة مرتين في الأيام القليلة الماضية. وتابعت، ان رامز واجه ضغوطا متنامية جراء التدهور الأخير في احتياطي النقد الأجنبي والذي هبط من 36 مليار دولار في 2011 إلى 16.3 مليار دولار في سبتمبر الماضي. وتطرقت الصحيفة إلى أن البنك المركزي اتخذ الأحد الماضي قرارًا بخفض سعر الجنيه للمرة الثانية في أيام قلائل، ما يتيح للعملة أن تتراجع إلى 7.9301 جنيه مقابل الدولار، بعدما أبقى عليها عند 7.5301 جنيه مقابل الدولار خلال الخمسة شهور الممتدة إلى يوليو الماضي. وتابعت، كما وقعت العملات في الأسواق الناشئة تحت وطأة ضغوط متنامية هذا العام في الوقت الذي يتباطأ فيه النمو العالمي ويتجه الاحتياطي الفيدرالي " البنك المركزي الأمريكي" إلى رفع أسعار الفائدة للمرة الأولى في عقد تقريبًا.
واستطردت، لكن الظروف المحيطة بالجنيه لها خصوصيتها الشديدة، فقد سعى البنك المركزي إلى القضاء على السوق السوداء للصرف الأجنبي عبر فرض ضوابط رأسمالية ومزادات عملة، لكن وبرغم نجاح البنك فعلا في تقليل حجم تلك السوق، تقول الشركات إنّ الخطوة فرضت قيودًا على وصولها إلى العملة الصعبة كما أنها قوضت قدراتها أيضا على سداد قيمة الواردات. وألمحت إلى أن رامز واجه انتقادات شرسة من مجتمع الأعمال على خلفية التدابير التي اتخذها لمكافحة السوق السوداء، من بينها تحديد سقف العائدات الدولارية الشهرية، مما وضع حدًا لشراء المُورّدين العملة الصعبة من السوق السوداء وإيداع كميات كبيرة من النقود في البنك لتمويل أنشطتهم التجارية.