يقع الكثير من الآباء والأمهات في خطأ جسيم، حين يبالغون في تدليل بناتهم - خاصة لو كن الصغيرات بين إخوتهن، أو كُنَّ الوحيدات وباقي الإخوة ذكور.. وذلك بتلبية مطالبهن كافة وقتما شئن، والحرص الدائم على إرضائهن ولو على حساب الآخرين، وعدم تدريبهن على الصبر على رغباتهن وتحمل المسؤولية والمشاركة في أعمال المنزل من تنظيف وترتيب وطهي وخلافه.. ما يجعلهن مستهترات عنيدات أنانيات، يأخذن طول الوقت ولا يعطين، وغير قادرات على الاعتماد على أنفسهن أو تحمل أي ضغوطات أو أعباء من أي نوع..
لا شك في أن تدليل الفتيات والتلطف والرفق بهن ومعاملتهن بالحسنى وتربيتهن بالحب بالقدر المعقول له عميق الأثر على سلامة تكوين شخصياتهن، وجعلهن رقيقات رحيمات مرهفات المشاعر ، مما ينعكس إيجابًا على علاقتهن بأزواجهن وتربية أبنائهن فيما بعد تربية سليمة تحقق لهم الاستقرار والسلام النفسي والعاطفي.. أما المبالغة في تدليل الفتيات فله آثار سلبية وعواقب وخيمة عليهن وعلى المحيطين بهن - خصوصا بعد الزواج - إذ تكون حياة كل منهن على صفيح ساخن معظم الوقت لكثرة الخلافات وتجددها باستمرار، لأن الحياة الزوجية تختلف شكلًا وضمنًا عن الحياة في كنف الأسرة تحت رعاية الأب والأم، لذلك تتعرض الفتاة المدللة إلى صدمة نفسية بعد زواجها - لاسيما إن كان زوجها اتكاليا، صعب المراس وحاد الطبع.. حيث تتصور المدللة خطأً أن زوجها سيكون نسخة من أبيها الذي يدللها ولا يرفض لها طلبا، ويتغاضى عن أخطائها ويبررها في أحايين كثيرة!.. وما إن تتزوج فتُفاجأ بأن عليها أن تعطي أكثر مما تأخذ، وتطيع إذا أُمِرت، وتتحمل وتصبر إذا حُرِمت أو واجهت عقبات في حياتها.. فتبدأ المشكلات، وتزداد الفجوة عمقا بينها وبين زوجها الذي غالبا ما يعجز عن تحمل تصرفاتها وتقصيرها نحوه ونحو الأبناء، فضلًا عن مطالبها الكثيرة التي لا تنتهي والتي لا تراعي بها ظروفه وتشعره بالنقص واليأس وقلة الحيلة!.. ويزداد الأمر سوءًا حين يتدخل أهلها سلبًا في حياتها الزوجية، ويكملون مسلسل الإفراط في تدليلها، ويبررون تصرفاتها الخاطئة نحو زوجها، ويجعلونها تزداد عِنادًا وعصيانًا!..
الجدير بالذكر أن معظم الرجال الشرقيين يفضلون الارتباط بفتاة ناضجة عاقلة صبورة، ويرفضون الزواج من المدللة التي تريد أن تظل طفلة لا تريد أن تكبر، لأنها ستكون عبئا عليهم، ولن تشاركهم وتقاسمهم مسؤوليات الزواج الجسام، ولن تعينهم على تحمل عقبات الحياة التي لا تنتهي، بل ستزيدها صعوبة وتعقيدا..
لذا يجدر بالآباء والأمهات ألا يفرطوا في تدليل بناتهم، ويعودوهن على العطاء والبذل والصبر وتحمل المسؤولية، والاعتماد على أنفسهن، ومساعدة الآخرين، والمشاركة الإيجابية في البيت منذ الصغر - وإن كان في البيت خادمة - حتى يجنبوهن شر الفشل حال زواجهن وتعرضهن لمشكلات وأزمات لا حصر لها نتيجة التدليل الزائد في الصغر، وأن يحاول كل مُرَبٍّ وقع في هذا الخطأ أن يبادر إلى تصحيح الأمر، وتهيئة فتاته المدللة للحياة الزوجية المختلفة تماما عن حياتها تحت رعايته، حيث ستقوم على المشاركة والتعاون والعطاء أكثر من الأخذ، وسيكون لها زوجةً الدور الأكبر والأهم في هذه الحياة لأنها منبع المودة والرحمة والعطاء والصبر الذي ينهل منه الزوج ليستطيع مكابدة ضغوط وأعباء الحياة وأداء عمله بشكل جيد، فيتحقق بذلك الاستقرار والأمان لأفراد الأسرة كلهم.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.