كشف تقرير، صدر اليوم أن المصريين أودعوا أموالاً تقدر بنحو 1.29% من الناتج المحلي الإجمالي في حسابات سرية ببنك "إتش إس بي سي" فرع سويسرا خلال الفترة ما بيني عامي 2006 و2007. وبحسب التقرير الذي صدر بالتعاون بين منظمتي "تحالف الشفافية المالية" و"كريستيان إيد"، فإنه هذا التوقيت (2006 و2007) كان نظام البنك به ثغرات تمكن العملاء من استخدام الحسابات للتهرب من الضرائب. ويجمع "تحالف الشفافية المالية" مجموعة من حكومات دول من مناطق مختلفة في العالم مع منظمات مجتمع مدني لمواجهة التدفقات المالية غير المشروعة التي تكبد الدول النامية خسائر، وتعد منظمة "كريستيان إيد" أحد أعضاء هذا التحالف وهي منظمة بريطانية تهدف إلى مكافحة الفقر. واستند التقرير، الذي شمل 170 دولة، في تقديراته لحجم الأموال المودعة في حسابات سرية ببنك إتش بي سي بسويسرا إلى البيانات التي كشفها تحقيق استقصائي ضخم أصدره "الكونسرتيوم العالمي للصحافة الاستقصائية" هذا العام. التقرير الذي جاء بعنوان "النظر إلى سويس ليكس بعدسات أخرى"، حول القيمة المطلقة للأموال المودعة بالفرع السويسري إلى نسبة من الناتج الإجمالي لكل دولة، ليلفت النظر إلى ضخامة حجم الأموال التي قد تتهرب من الضرائب نسبة لحجم اقتصاد كل بلد. وقال التقرير "عندما أطلق الكونسرتيوم العالمي للصحافة الاستقصائية تحقيقه الصحفي عن (المعلومات) المسربة حول أكثر من 100 ألف حساب لعملاء إتش إس بي سي سويسرا، ركزت معظم وسائل الإعلام على القيمة المطلقة للأموال التي ترتبط بكل دولة". "سمعنا عن 21 مليار دولار ترتبط بالولايات المتحدة و12 مليار ترتبط بفرنسا.. عندما تستخدم نفس البيانات وتنظر إلى الحسابات المخفية كنسبة من الناتج الإجمالي للبلدان.. تأخذ المشكلة شكلا آخر". وبحسب تقديرات التقرير، الذي اعتمد على قيم الناتج الإجمالي للبلدان في عام 2013، فإن نسبة الأموال المصرية المودعة في حسابات سرية بسويسرا من الناتج المحلي الإجمالي تتفوق على العديد من النسب في الاقتصادات المتقدمة، إذ تمثل أكثر من ثلاثة أضعاف النسبة الإيطالية، ونحو 10 أضعاف الألمانية و12 ضعف الصينية. وقال جوزيف ستيد، الاقتصادي بكريستيان إيد، لموقع "أصوات مصرية" التابع لوكالة "رويترز"، إن "مصر لديها بعض المعاهدات الثنائية الضريبية مع دول أخرى ولكن ليست كلها تتضمن شروطا لتبادل المعلومات، فمثلا مصر لديها معاهدة ثنائية ضريبية مع سويسرا ولكن لا تتضمن هذا الشرط... فهي لا تستطيع أن تطلب من سويسرا مدها بالمعلومات لمساعدتها على إخضاع أموال مصرية للضريبة.. وهي الأموال التي قد تكون مودعة في بنوك سويسرية للتهرب من الضرائب". وبحسب تحقيق التسريبات السويسرية، فإن الحسابات السرية المسربة عن فرع إتش إس بي سي في سويسرا خلال الفترة من نوفمبر 2006 إلى مارس 2007 كانت تدار من خلال نظام به ثغرات كان يمكن استغلاله للتهرب من دفع الضرائب. ويحذر التقرير من أن الدول ذات الدخل المنخفض قد لا تتمكن من الاندماج في النظم الجديدة التي تضعها الدول المتقدمة لتوفير المعلومات عن الأموال لمكافحة التهرب الضريبي. إذ يشير التقرير إلى نظام "التبادل الأوتوماتيكي للمعلومات" والذي من المتوقع أن تصدق عليه قيادات الدول العشرين الكبار في اجتماعها بتركيا 20 نوفمبر المقبل والذي سيتيح الكثير من المعلومات عن الأموال المودعة في الأجهزة المصرفية لتتبعها ضريبيا، لكن الدول ذات الإمكانيات التقنية المحدودة قد لا تتمكن من الاندماج في هذا النظام بسبب قاعدة المعاملة بالمثل. فبحسب التقرير، "إذا أرادت حكومة مالي أن تعرف معلومات عن الأموال المحتمل أن يخبئها مواطنوها في انجلترا للتهرب من الضرائب، فعليها توفير معلومات أيضا عن المواطنين الإنجليز الذين يقومون بنفس الممارسات في بنوك مالي، ولكن بعض الدول النامية ليست لديها الإمكانيات التقنية للقيام بذلك". ويرى ستيد أن مصر تحتاج إلى إعادة التفاوض على المعاهدات الضريبية لتتضمن كلها شروطا لتبادل المعلومات، بالإضافة للمطالبة بتوفير تقارير التبادل الاتوماتيكي للمعلومات بدون تطبيق قاعدة المعاملة بالمثل لمدة خمسة أو عشرة أعوام إذا لم يكن متاح لمصر تطبيقها على الفور.