بعض المحللين يرى أن توجه أكثرية الناخبين للتصويت لصالح التيار الإسلامى فى الانتخابات البرلمانية، يصلح مقياسًَا لنتيجة الانتخابات الرئاسية المقبلة. ثلاثة مرشحين حتى الآن سينافسون أنفسهم بقوة وفق هذه النظرية، وتتوقف حظوظ كل منهم على مدى اعتداله. والاعتدال مقصود منه أن تكون مرجعيته إسلامية وليس متشددًا فى التطبيق الحرفى والسريع للشريعة. هؤلاء هم الدكاترة محمد سليم العوا، وحازم صلاح أبوإسماعيل، وعبدالمنعم أبوالفتوح. وربما يظهر مرشحون آخرون من التيار الإسلامى فى الفترة القادمة خصوصًا عند فتح باب الترشيح. نظرية أخرى تقول، إن هناك محاصصة لتقاسم الحكم ولكنها سرية، فمثلاً الدكتور مأمون فندى يميل إلى وجود صفقة بين الإخوان والمجلس الأعلى للقوات المسلحة، يأخذ الإخوان بموجبها البرلمان، وتترك رئاسة الجمهورية لمرشح يدعمه العسكر إن لم يكن مرشحهم المباشر. لا أعتقد بصحة ذلك، فمصر دخلت المشهد الانتخابى من بابه الواسع، وهوالإقبال الشعبى والتصويت الحقيقى الخالى من التزوير والتدخل الإدارى. والمشهد سيتكرر فى الانتخابات الرئاسية، ولن يؤثر عليه سوى المزاج العام للناخبين. الصفقة تقتضى أن يدعم الإخوان مرشح "العسكرى" وإن حدث ذلك فلن يستجيب الناخب على الأرجح، فذاكرته مليئة بمرارات 60 عامًا من حكم العسكر والعلمانيين الذين صنعوا السياسات ونفذوها ولم يجن الشعب سوى الفقر والأمية والجهل. ليس من الضرورى أن يؤيد الناخبون الذين صوتوا لمرشحى حزب الحرية والعدالة، الاتجاه الإخوانى بالنسبة إلى المرشحين الرئاسيين. فهناك فارق بين مرشح برلمانى إسلامى ينافسه علمانيون وبين مرشح رئاسى يتبناه الإخوان ولكنه علمانى أو عسكرى. على سبيل المثال إذا لم يدعم الإخوان عبدالمنعم أبوالفتوح فليس بالضرورة أنه سيفقد الذين صوتوا للإسلاميين فى البرلمان، بل قد يؤدى ذلك لزيادة فرصه. فى المقابل يتمتع الدكتور محمد سليم العوا بحظوظ قوية لكنه برأيى خسر الحظوظ الأقوى بعد دخوله المجلس الاستشارى، فقد وضع نفسه داخل الذاكرة الجمعية الممتلئة بمرارات الناس من الذين توسدوا السلطة فى الماضى. وهذا يحسب لذكاء أبوالفتوح لرفضه دعوة المجلس العسكرى الانضمام إلى "الاستشارى" الذى يشبهه الدكتور مأمون فندى فى مقال أخير له بجريدة "الشرق الأوسط" بمجلس تشخيص مصلحة النظام فى إيران. ويبقى الحديث عن الدكتور حازم صلاح أبوإسماعيل، الضلع الثالث فى مثلث المرشحين الإسلاميين. ترى النظرية التى تربط نتائج الانتخابات البرلمانية بالرئاسية، أنه سيحصل على النسبة نفسها التى حصدها السلفيون وهى كبيرة لكنها لا ترشحه للمنصب الرفيع، وكان يمكنه زيادتها لولا عوامل شخصية يرفضها المزاج العام للناخبين رغم تعاطفه مع الإسلاميين بشكل عام.. فقد ظهر أبوإسماعيل متشددًا، عنيفًا. وفى المرات التى أتيح له أن يخاطب جمهورًا مختلفًا كما حدث عندما استدعته الجامعة الأمريكية ليتناقش مع طلابها، افتقد بعض "الذكاء الاجتماعى" الضرورى لمن يمارس السياسة، فقد انسحب لأنه أراد أن يكون متكلمًا وليس منصتًا للأسئلة مجيبًا عنها. هذا ما يسميه علماء السياسة والإعلام فن "الإنصات" الذى لا يتمتع به إلا القلائل. لا يعنى ذلك أننا عرفنا "الرئيس" من الآن، أو أن موازين القوى ظهرت مبكرًا، فهى مجرد قياسات على الحالة الراهنة تحتمل الخطأ والصواب ولا يمكن الاعتماد عليها. [email protected]