تتجه مؤشرات الفرز فى المرحلة الثانية من الانتخابات البرلمانية المصرية التى تجرى بعد حرمان 30 عامًا من التصويت النزيه إلى حصد الإسلاميين للمزيد من المكاسب رغم حملة التخويف والتفزيع التى شنتها صحف الفلول وإعلام مبارك، بما يؤكد أن "غزوة الصناديق" نجحت فى الإطاحة بمدفعية "التوك شو"، وأن الانتخابات لا تدار بالفضائيات، وأن وعى المصريين أكبر من إعلام البيزنس ومانشيتات الثورة المضادة. طوابير المصريين التى كانت سلوكا يوميا لسنوات للحصول على رغيف الخبز أو أسطوانات الغاز أو حتى لاستخراج رخصة قيادة فى إدارات المرور، اختلفت خلال اليومين الماضيين لتحل طوابير الديمقراطية، أمام لجان الاقتراع بطول بلغ فى أحيان كثيرة مئات الأمتار للإدلاء بأصواتهم، فى مشهد تاريخى يؤكد قدرة المصريين على اختيار برلمان يمثلهم، وتجاوز 10 أشهر من الانقسامات ولغة التخوين، ومحاولات إشعال ميدان التحرير، وتأجيل الانتخابات لأجل غير مسمى. وعلى الرغم من الإشادة الأمريكية والغربية والدولية بنزاهة العملية الانتخابية، وأن التجاوزات طفيفة ولا تؤثر على سير النتائج، فإن صحف وفضائيات المتورطين فى موقعة الجمل ومقترضى المليارات من البنوك فى عهد مبارك، والمواقع الإلكترونية المدعومة بمال صفوت الشريف ورجل الأعمال محمد أبوالعينين، ظلت تعزف ألحان التشويه والتزوير، وتستخدم "العدسات المكبرة" لإبراز تجاوزات وصفها رئيس لجنة المشاركة الديمقراطية بالكونجرس الأمريكى ديفيد دراير، بأنها كانت طفيفة، وأنها لا تؤثر فى النهاية على سير العملية الانتخابية، موضحًا أنه لا توجد انتخابات مثالية فى العالم حتى فى الولاياتالمتحدة. صحيفة حزب رشح الفلول على قوائمه حملت مانشيت "تزوير فى عز الضهر"، وموقع مشبوه تورط فى علاقات مع جهاز أمن الدولة يغض الطرف عن نزاهة العملية الانتخابية، وصحيفة أحد رجال البيزنس المعروفين بعلاقاتهم مع نظام مبارك، أبرزت فقط ما يشوه مشهد العرس الديمقراطى بعد خسارة الليبراليين، وتناست زمن تقفيل الصناديق وتبديل النتائج، وتسويد البطاقات، وإدلاء الموتى بأصواتهم، وإطلاق السجناء الجنائيين والبلطجية لإرهاب الناخبين، واستخدام السلالم الخشبية للوصول إلى لجان الاقتراع فى انتخابات 2005، وإلغاء الإشراف القضائى فى انتخابات 2010 بأوامر جمال مبارك وأحمد عز، وهى ظواهر اختفت تمامًا فى انتخابات برلمان الثورة. ويمكن القول إن ارتفاع نسب الإقبال على التصويت عزز من نجاح العملية الانتخابية وأعاد الاعتبار لصوت رجل الشارع، حيث بلغت نسبة الإقبال على التصويت فى المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية 62 بالمئة، وسط توقعات بأن تظل معدلات الإقبال على وتيرتها وقد تزيد، وهى نسبة كبيرة مقارنة بانتخابات مبارك التى كانت نسبة التصويت بها 12 بالمئة. ويبدو أن "توسنة" المشهد المصرى بات أمرًا واقعيًا فى ظل تقدم الإسلاميين، ومن الحكمة السياسية تنحية مانشيتات الفلول جانبا، واحترام إرادة المصريين، ونتائج غزوة الصناديق.