امتدحت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي, على خلفية إنجازه المتمثل بقناة السويس الجديدة, وطالبت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالتعلم منه, حسب تعبيرها. وأضافت الصحيفة في تقرير لها في 10 أغسطس أن السيسي رمى بثقله خلف إنجاز هذا المشروع الطموح, وخاطر بمستقبله السياسي, في حال لم يكلل بالنجاح, كما اعتمد على المصريين العاديين في تمويل المشروع, وليس على رجال الأعمال, على عكس ما يفعله نتنياهو,على حد قولها. وتابعت "هآرتس" أنه عندما تم اكتشاف الغاز في البحر الأبيض المتوسط، سارعت حكومة نتنياهو إلى إعطاء الامتيازات لرجال الأعمال, بدلا من أن يتم إنشاء هيئة وطنية لإدارة موارد الغاز على غرار "هيئة قناة السويس"، وبالتالي, لم يستفد الإسرائيليون العاديون بشكل كبير من اكتشاف الغاز. وأشارت الصحيفة إلى أن نتنياهو مشغول بإيران, ولا يركز على النواحي الاقتصادية وأزمات الإسرائيليين الحياتية, التي قد تنفجر في وجهه في أية لحظة, على عكس السيسي, الذي يركز على الاقتصاد وإنجاز المشروعات الكبرى بتمويل مصري ذاتي. واستطردت " الدرس الذي يجب أن يتعلمه نتنياهو من السيسي, أن المصريين قاموا بتمويل قناة السويس الجديدة بشراء سندات وصلت قيمتها إلى 8 مليارات, فيما فشلت إسرائيل في إدارة مواردها الوطنية، مثل ملف الغاز وخصخصة البحر الميت", على حد قولها. وكانت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية انتقدت عدم توجيه دعوة لإسرائيل للمشاركة في احتفالات مصر بافتتاح قناة السويس الجديدة. وأضافت الصحيفة في تقرير لها في 10 أغسطس أن السلطات المصرية تجاهلت إسرائيل فيما يتعلق بقائمة المدعوين للمشاركة في احتفالات القناة الجديدة, مشيرة إلى أن هذا الموقف هو الثاني من نوعه, حيث تم تجاهل إسرائيل أيضا خلال المؤتمر الاقتصادي الدولي بشرم الشيخ. وتساءلت الصحيفة " لماذا وضعتنا القاهرة في خانة واحدة مع أعدائها؟", زاعمة أنه لا أحد من المدعوين لاحتفالات افتتاح قناة السويس الجديدة, كان سيحتج على مشاركة الرئيس الإسرائيلي روؤبين ريفلين. وكانت مصر دشنت رسميا الخميس 6 أغسطس الفرع الجديد لقناة السويس, في احتفال كبير, حضره عدد من زعماء الدول ووفود أجنبية أخرى، ووصفه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي, بأنه هدية الشعب المصري للعالم. وأعطى السيسي إشارة البدء, إيذانا بالتشغيل الفعلي لما سمي "قناة السويس الجديدة"، واصفا المشروع, الذي بلغت تكلفته 8 مليارات دولار, بأنه "إنجاز تاريخي", قائلا إن الشعب المصري حفرها "في ظروف اقتصادية وأمنية صعبة جدا". وجرى الاحتفال بافتتاح الفرع الجديد للقناة في مدينة الإسماعيلية شمال شرقي مصر, وسط إجراءات أمنية مشددة, في أعقاب سلسلة من الهجمات شنها مؤخرا مسلحون متشددون في شبه جزيرة سيناء والعاصمة القاهرة. ووصل السيسي إلى الإسماعيلية على متن مروحية عسكرية، قبل أن يستقل يختا من العصر الملكي, مرتديا بزة عسكرية لتبحر به, عبر القناة الجديدة إلى مقر الاحتفال. ورافقت اليخت سفن حربية, فيما حلقت في سماء الاحتفال مقاتلات نفاثة ومروحيات وطائرات نقل عسكرية. وفي كلمته في حفل الافتتاح, قال السيسي :"إن المصريين بذلوا خلال سنة "جهدا كبيرا جدا لكي يقدموا للعالم ولمصر هدية من أجل الإنسانية، ومن أجل التنمية، ومن أجل البناء، ومن أجل التعمير". وكانت أعمال الحفر للفرع الجديد لقناة السويس قد دشنها السيسي في الخامس من أغسطس من العام الماضي, وطرح بنك مصر المركزي اكتتابا عاما للمصريين لتمويل أعمال إنشاء الفرع الجديد للقناة، جمع خلاله قرابة تسعة مليارات دولار أمريكي. وتضمن المشروع حفر "قناة جديدة" طولها 37 كلم، وتعميق وتوسيع القناة الأساسية على طول 35 كلم. وتقول الحكومة المصرية إن المشروع الجديد سيزيد من عائدات قناة السويس بأكثر من الضعف لتصل إلى 13.2 مليار دولار بحلول العام 2023، مما سيضخ عملة صعبة في اقتصاد البلاد , الذي يكافح جاهدا لاسترداد عافيته بعد الثورة التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك. وبعد أعمال التوسعة، تتوقع هيئة قناة السويس أن يكون بوسع نحو 97 سفينة عبور القناة يوميا بحلول العام 2023 , مقابل 49 سفينة حاليا. كما ستسمح "القناة الجديدة" بسير السفن في الاتجاهين, مما سيقلص الفترة الزمنية لعبور السفن من 18 إلى 11 ساعة. وذكرت "الجزيرة" أنه من بين الشخصيات الدولية, التي حضرت حفل افتتاح القناة الجديدة, الملك الأردني عبد الله الثاني، وملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، وأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، والرؤساء السوداني عمر البشير واليمني عبد ربه منصور هادي والفلسطيني محمود عباس, كما حضره الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ورئيس الوزراء اليوناني ألكسيس تسيبراس. وأعلنت الحكومة المصرية الخميس 6 أغسطس عطلة في البلاد، وأغلقت البنوك ومعظم الشركات والمؤسسات التجارية أبوابها احتفالا بالمناسبة. وقالت وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية إن اقتصاديين وشركات شحن يشككون في جدوى المشروع، ذلك أن زيادة حركة السفن والعائدات التي تعقد عليها الحكومة الآمال تتطلب نموا كبيرا في حجم التجارة العالمية، "وهو أمر غير متوقع في هذه المرحلة", على حد قولها. كما أن الاحتفال بافتتاح الفرع الجديد للقناة طغى عليه بعض الشيء التهديد الذي لوَّح به تنظيم الدولة "داعش" بقتل رهينة كرواتي كان قد اختطفه في القاهرة في يوليو الماضي، وهو ما رأت فيه "أسوشيتد برس" تذكيرا بالخطر الذي يشكله المسلحون المتشددون على استقرار مصر.