هل ابتلع التيار الإسلامي الطعم؟ نعم وبسلاسة منقطعة النظير؛وتقديري أن من ينكر ذلك من؛فهو إما أنه يتعامى عن أن يرى الحقيقة مجردة كما هي؛أو أنه- بكل أسف – يعاني أمية سياسية شديدة؛وفي الحالين فالأمر جلل والمصاب فادح؛ذلك أننا وفقا لتقديرات واقعية ملموسة؛ومؤشرات انتخابية أولية بصدد الحديث عن غالبية الشعب المصري؛وبنسبة ربما لاتقل عن الثمانين بالمائة؛وفي ذلك تفصيل طويل؛قد أعود له يوما! أعود للسؤال الأهم؛لأقول إن رصدا عميقا أو حتى عابرا سيكشف الحقيقة بوضوح؛فالمجلس العسكري حسم أمره؛وعلت نبرته وازدادت كلماته حدة؛(الأغلبية البرلمانية ليس من حقها تشكيل الحكومة )؛ثم تطور الأمر ليصل إلى أنه(ليس من حقه حتى سحب الثقة ولا إسقاط الحكومة)؛فماذا يعني هذا؟ يعني باختصار أن مهمة الرقابة على السلطة التنفيذية انتزعت من مجلس الشعب لصالح طرف ثالث(يقولون دائما إنه مجهول)؛وتقديري أنه معلوم من السياسة بالضرورة. هذه بينتي الأولى على ما أدعي. أما الثانية فقد كانت أشد وقعا؛فقد قال المجلس العسكري؛على لسان الملا-سيادة اللواء مختار-؛(إن مجلس الشعب المنتخب القادم؛ليس من حقه وحده اختيار وترشيح أعضاء اللجنة التي ستكلف بوضع الدستور)؛ليس هذا فحسب؛فسيادة اللواء أرسل لمن يهمه الأمر في الداخل والخارج؛مفادها أن المؤسسة العسكرية – لاتشغل بالك بمن فوضها أصلا – لن تسمح بتغيير طبيعة الشعب المصري؛وبغض النظر عن ضعف الصياغة وعورات المعاني والدلالات هنا؛فإن الرسالة واضحة؛فماذا يعني ذلك؟ يعني وباختصار شديد أيضا؛أن مهمة اختيار لجنة وضع التشريع الأساس(الدستور)؛انتزعت من مجلس الشعب المنخب القادم؛ رغما عن أي أحد؛ورغما عن نتيجة الاستفتاء على مواد في الدستور؛فيما وصفه المراقبون بأنه سطو مسلح على (الإرادة الشعبية)ز تلك حجتي الثانية فيما أدعي. ثالثة البينات؛كانت المجلس الاستشاري؛إذ لن تقتصر مهامه – وفق المرسوم بقانون الذي أصدره المجلس العسكري – على الاستشارة في القضايا والقوانين والتشريعات التي تعرض عليه من المجلس ؛خلال فترة الفراغ البرلماني؛لكنها ستمتد أيضا لمهمة الأسس التي سيختار تبعا لها أعضاء لجنة المائة المكلفة بوضع الدستور القادم لمصر؛ولعل نظرة على أسماء من عينة ساويرس(الطائفي بجدارة)؛والبدوي؛وعاشور؛وغيرهما من قطع ديكور النظام المخلوع؛بل وصاحب التقرير المستأنس عن حقوق الإنسان؛خلال فترة حكم المخلوع؛ومعهم رجل رشيد سابق انقلب على كل قيمه؛ويكاد أن يتحول إلى(فرد مراسلة)؛يعطيك فكرة واضحة عن المعايير والأسس؛التي يمكن أن تتوقعها!! والنتيجة ستعني في واحدة من صورها المضحكة؛حد البكاء المر؛أن يتفرغ البرلمان القادم للتسلية باللب والمكسرات؛ كما كان يفعل أركان نظام المخلوع في إهانة واضحة للشعب ومجلسه؛أو على أكثر تقدير يتفرغ الأعضاء المحترمون لمناوشات خائبة ونضال مضحك لمصادرة كتاب؛أو حجب إعلان فاضح!! المصيبة وقعت إذاً؛والتعامي عنها أو إنكارها لن يفد؛سوى الطرف الثالث وأجندته التي تودع صفة الملتبسة (كما ظن كثيرون قبل ذلك)؛لتقترب بامتياز من صفة المريبة(حتى الآن على الأقل)؛وأخطر مايمكن أن تترتب عليه من نتائج؛هو أن نفيق على دستور للبلاد؛يكرس لكل القيم المضادة ؛ويعطي الشرعية الدستورية لكل ماعملت ثورة يناير على هدمه ونسفه؛وفي مقدمتها أن يحكم الشعب وفق إرادته الحرة واختياراته الحقيقية. أثق في نباهة القارئ؛ليعرف الطرف الثالث و(أجندته)؛وإذا سألوك عن الحل؛فقل: الميدان. والله تعالى أعلم