في لقاء نظَّمه مركز «بروكينجز» للأبحاث في واشنطن يوم الجمعة الماضي شكَّكَ وزير الدفاع الأمريكي بوجود ضمانات لتحقيق أهداف الخيار العسكري ضد البرنامج النووي الإيراني، معتبرًا أن ضربات جوية من شأنها أن تعيق البرنامج لفترة مؤقته لكنها لن توقفه كليًّا، كما حذَّر من «العواقب غير المقصودة» لمثل هذا الخيارالذي يهدد «بتصعيد» قد «يغرق الشرق الأوسط في مواجهة وصراع سنندم عليهما». وعلى الرغم من عدم استبعاده للخيار العسكري تمامًا، فإن هذه التصريحات تعبر عن رفض - على الأقل مؤقتًا - واضح بلهجةٍ غير معتادة لأي عملٍ عسكري يستهدف إيران بهدف تعطيل برنامجها النووي، فضلًا عن الصيغة التحذيرية من مغبة هذا الخيار الواضح أن المقصود بها إسرائيل. تسعى الولاياتالمتحدة الأميركية من خلال هذه التصريحات إلى إثناء إسرائيل عن المضي قدمًا في القيام بضربة عسكرية ستكون تبعاتها أكبر من أن تتحملها إسرائيل وحدها، وفي نفس الوقت توفر هذه التصريحات للولايات المتحدة مساحة للتحرك والنأي بنفسها عن التورط المباشر في الصراع إن أقدمت إسرائيل بالفعل على هذه الخطوة. ترى الحكومة الأميركية مؤشرات على توجه إسرائيلي لعمل عملٍ عسكري ضد إيران، وهذا يتناقض في الوقت الراهن مع سياسة الولاياتالمتحدة الأميركية التي تقوم حاليًّا على فرض العقوبات والضغط السياسي، بالإضافة إلى ما يعتقد أنه عمليات سرية مستمرة لمحاولة تعطيل تطور البرنامج. وعلى الرغم من العلاقات الاستراتيجية والمتينة التي تربط بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل، فإن بعض المسؤولين الأميركيين غير متأكدين من النقطة الحرجة التي يمكن أن تقدم إسرائيل عندها على توجيه ضربة عسكرية إلى مواقع إيران النووية، والتوقيت الذي يمكن أن تشن فيه مثل هذا الهجوم. منذ إبداء الوكالة الدولية للطاقة الذرية قلقها من أبعاد عسكرية للمشروع النووي الإيراني شهد الشرق الأوسط تصعيدًا جديدًا؛ حيث بدأت إسرائيل تلمح لاستهداف المشروع عسكريًّا؛ فقد جاء تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية في الثامن من الشهر الماضي ليزيد التوتر الذي كان قائمًا بالفعل حيث أرسل الإسرائيليون إلي إيران رسالتهم التصعيدية باختبارهم الصاروخ الطويل المدى «أريحا3»، وتلَى ذلك تدريبات أجراها سلاح الجو الإسرائيلي في إيطاليا. ولكن هل يمكن لإسرائيل فعلا أن تقدم على مثل هذه الخطوة بدون مساعدة أمريكية أو على الأقل موافقة أمريكية؟ في الحقيقة أن في سجل السلوك الإسرائيلي ما يدعم مثل هذه الإمكانية، وهو ماحدث بالفعل عندما قصفت القوات الجوية الإسرائيلية المفاعل النووي العراقي «أوزيراك» عام 1981. تنقل «رويترز» عن «بروس ريدل» الخبير السابق بوكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي.أي.إيه) في شؤون الشرق الأوسط والذي عمل مستشارًا لأوباما «إسرائيل لها سجل طويل من شن عمليات عسكرية من بغداد الى تونس دون إخطار واشنطن مسبقًا». قد يتسع أمن الولاياتالمتحدةالأمريكية لإمكانية امتلاك إيران لسلاح نووي، وبالفعل فإن هناك فكرًا سياسيًّا نظر لإمكانية تعايش الولاياتالمتحدة مع قنبلة نووية إيرانية، ولكن على النقيض فإن إسرائيل تعتبر إيران المسلحة نوويًّا «تهديدًا وجوديًّا»، نظرًا للقرب الجغرافي .