انتقد محللون سياسيون حكومة الدكتور كمال الجنزورى, قائلين إنها غير مناسبة للظروف الراهنة التى تمر بها مصر حاليًا، خاصة وأنه اعتمد فى اختياره للوزراء على نفس الطريقة التى كان النظام القديم قبل الثورة يختار بها الوزراء, وهم غالبًا ما يكونون تكنوقراط أو موظفين يأتون لأداء خدمة عامة بمثابة مكافأة نهاية الخدمة. وأشاروا إلى أن الجنزورى قبل تشكيل الوزارة الجديدة حتى يرد له اعتباره الذى فقده عندما أقاله الرئيس المخلوع من الوزارة فى عام 1997 وأنه إذا لم يتخذ قرارات تتناسب مع الثورة وأحداثها فإن ذلك يكون بمثابة العداء للثورة وإعادة إنتاج العجز الذى تشهده مصر منذ عدة قرون. وصف الدكتور نبيل عبد الفتاح, الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية, حكومة الدكتور كمال الجنزورى بالبيروقراطية، خاصة وأن غالبية الوزراء من التكنوقراط والموظفين وبعضهم كان جزءًا من وزراء النظام السابق وأخرون من وزراء حكومة شرف، وهوما يعد بمثابة إعادة إنتاج للعجز الموجود فى البلاد. وقال " إن الجنزورى اختار مصادر للتجنيد السياسى تنتمى إلى ذات المصادر التقليدية التى كانت سائدة فى عهد مبارك والسادات ورجال الأمن وعدد من تكنوقراط أساتذة الجامعات، مشيرًا إلى أن الجنزورى اختار الوزراء وفقا لهذه الأسس لاعتبارات سياسية خاصة به وليس للإبداع والتنمية ". وأضاف " إن الوزراء الجدد لا يستطيعون التعامل مع الأحداث السياسية والقوى الثائرة لأنهم جزء من تركيبة الحزب الوطنى المنحل وجزء من حكومة شرف الضعيفة بالإضافة إلى أن اختيار رئيس الوزراء لوزراء متقدمين فى السن يعبر عن رؤى قديمة لا تتواكب مع ثورة يناير وأحداثها ". وأكد أن الجنزورى يعتبر توليه الحكومة فى هذا التوقيت فرصة لرد اعتباره بعد أن استبعده مبارك بشكل سلبى, وبعدما ثبت فشله فى المشاريع الكبرى التى أعدها وعرضها على الرئيس المخلوع والتى أدت إلى حدوث فجوة بينه وبين مبارك، فالجنزورى لم يكن له أى حضور أو دور منذ أن ترك المنصب وحتى خلع مبارك. وأوضح أن حكومة الجنزورى بهذا التكوين تعتبر مؤشرًا لاستكمال القضاء على روح الإبداع والاجتهاد والإنتاج لافتقاره إلى الحيوية والتفكير السياسى حيث إن اختيار التكنوقراط يعد البداية والعدو الخطير للثورة والثوار. وقال الدكتور محمد الجوادى, الكاتب السياسى وصاحب كتاب التشكيلات الوزارية فى عهد الثورة, "إن الجنزورى لم يتبع سوى معايير خاصة به عند اختيار وزراء حكومته، فهو بطبيعته صاحب عقلية محدودة ضيقة الأفق ويعتمد على معلوماته قبل اعتماده على طموحاته ولذلك اختار شخصيات يسهل قياداتها والسيطرة عليها من باب الصح والخطأ والقانونى والغير قانونى والممكن واللا ممكن، مؤكدا أن رئيس الوزراء ليس لديه آفاق لإحداث تنمية حقيقية سوى المشروعات الكبرى التى استنزفت ثروات مصر ولم يتحقق منها شىء" . وأشار إلى أن الجنزورى لم تصل إليه ثورة يناير بعد وأن توليه لزمام أمور البلاد الآن يعد نوعا من مضاعفة المشكلات لأنه ليس فى وعيه نظرا لتأخر سنه وصحته ومزاجه النفسى وهذا ما جعله لا ينتمى إلا لشىء واحد ألا وهو رد الاعتبار، ولم يعد يملك ولاءً سواء لنفسه. ووصفه فى اختياره لوزراء حكومته بالمسن الذى ينادى جميع أبنائه وأحفاده باسم واحد سواء كانوا بنات أو صبيان. من جهته، أكد الدكتور جمال زهران, أستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس, أن حكومة الجنزورى حكومة إدارية يغلب عليها الطابع الوظيفى .. حيث جاءت الوظائف بالنسبة للوزراء الذين تم اختيارهم على أنها مكافأة نهاية الخدمة وترقى وظيفى وليس تولى منصب سياسى. وقال " إن الجنزورى استند إلى هذه القاعدة فى اختياره لأنه يريد أناسًا يسهل تطويعهم فهو لا يريد مناهدة بحكم عمره ولا يريد أن يسمع كلامًا مخالفا لكلامه ولايطيق سماع صوت المعارضين بحكم تركيبته الأوتوقراطية الاستبدادية وبما أنه نتاج نظام استبدادى فسيصعب عليه إدارة نظام ومرحلة انتقالية للديمقراطية وسيكون معوقا وليس داعما لهذا النظام ". وأوضح أن الجنزورى يستطيع تحقيق نجاح فقط إذا اتبع وسيلة لتحرير نظام الدولة من الاستبداد إلى الديمقراطية ، وتحريرنا من نظام مبارك ورموزه وقواعده وتطهير النظام من الفساد، وإذا لم يحدث ذلك فلن يكون هناك بديل سوى حكومة الثورة .