عندي تحفظات علي اختيار د.كمال الجنزوري لرئاسة حكومة الانقاذ,وربما يكون لديك تحفظات مثلها أو مختلفة عنها..تحفظي الرئيسي يتعلق بعمر الرجل حيث أتم عامه 78 (متعه الله بالصحة وطول العمر) وتقديري أن المرحلة الاستثنائية الخطيرة تحتاج مجهودا ذهنيا ونفسيا وبدنيا غير طبيعي,أيضا كان تعامل د.الجنزوري مع وسائل الإعلام أثناء رئاسة الحكومة في عهد الرئيس السابق لم يكن جيدا حيث كان يضيق بالنقد الشديد..أما ثالث تحفظاتي أن الرجل لم يعرف عنه ممارسة العمل السياسي طوال عمره المديد,وربما تلك (الميزة) هي التي منحته فرصة تولي مناصب عديدة داخل النظام السابق,فقد كان وزيرا للتخطيط ومحافظا للوادي الجديد..المؤكد أن ابتعاد رؤساء حكومات مبارك عن ممارسة السياسة كان أهم المؤهلات الحاسمة لاختيارهم لرئاسة الوزراء..وللموضوعية فإن الجنزوري أراد ممارسة صلاحياته كرئيس وزراء( بجد) لمصر وليس كبير سكرتارية رئيس الجمهورية,وقد ذكر لي كثيرون ممن كانوا في الدائرة الأولي بجوار الرئيس السابق أن سبب خروج الجنزوري من رئاسة الوزارة بتلك الطريقة المهينة كان لتزايد شعبيته في الشارع..لكن الجنزوري وهو يتولي الآن مهمة رئيس الوزراء سيكون قد ابتعد عن دولاب العمل بالدولة 12 عاما والتي شهدت تغييرات هائلة علي أيدي دارها جمال مبارك ورجاله مما أوصلنا الي تلك الحالة. رغم الأسماء المطروحة من ميدان التحرير أو في وسائل الإعلام فإن د.البرادعي يبدو مؤهلا لتولي منصب رئيس الوزراء بسبب كفاءته لكن الرجل منقسم عليه في ميدان التحرير وعند المواطنين وبعض التيارات السياسية الإسلامية..كما أنه طالب الجنزري بتولي المهمة وأعلن مساعدته ودعمه (وفق تصريحات الجنزوري)..ويتمتع الجنزوري بسمعة طيبة في الشارع ولدي المواطن البسيط.. ظني أن المجلس العسكري كان يريد الجنزوري رئيسا للوزراء منذ فترة لكن جري ما أدي الي تأجيل أو الغاء الفكرة,وللتذكرة فقد كان الجنزوري هو رئيس الوزراء الوحيد من عصر مبارك الذي دعاه المجلس العسكري لحضور اجتماع ضمه مع شخصيات عامة مثل عمرو موسي والبرادعي..بينما لم يدع المجلس د.علي لطفي مثلا وقد كان رئيسا للوزراء في عهد مبارك.. مجمل أداء د.الجنزوري وتصريحاته خلال اليومين الماضيين وبعد تكليفه بالوزارة تبدو مطمئنة فقد أكد تمتعه بكافة الصلاحيات لكن التجربة والممارسة هي أكبر اختبار لتلك التصريحات . علي الجانب الآخر فإن الرجل تواجهه تحديات كثيرة يجب التعامل معها بذكاء شديد حتي يفلت من كم الحفر الموجودة في طريقه..فلايزال جزء كبير من ميدان التحرير يرفضه كرئيس للوزراء ويطرحون أسماء بديلة..لذا يبدو حرص الجنزوري التقاء عدد من شباب الثورة سعيا للحصول علي (دعم) الميدان لكنه غير حريص علي (شرعية) الميدان مثلما فعل سلفه.. تبدو فكرة المجلس الاستشاري الذي اقترحها رئيس الوزراء المكلف جيدة خاصة أنها ستضم شخصيات ذات وزن سياسي في الشارع مثل الدكاترة عبد المنعم ابو الفتوح والبرادعي وحسام عيسي,لكن هل سيقبل هؤلاء أن يكون دورهم استشاريا فقط أم سيسعوا -حال قبولهم الفكرة- الي الحصول علي صلاحيات لهذا المجلس. من التحديات الخطيرة التي يواجهها الجنزوري كذلك مسألة الانفلات الأمني الكبير الذي ضرب كل مناحي الحياة المصرية,لذا فإنه اذا لم يبدأ ولايته الجديدة في استعادة الأمن,فسوف يفقد تأييد الشارع سريعا مثلما فقد سلفه بسبب اهمالة حل تلك الاشكالية. لايمكن الحديث عن مهام الحكومة الجديدة دون التعرض لحالة الاقتصاد المصري في الشهور العشرة الماضية..فالجنزوري مطالب مع حكومته بضبط الغلاء الفاحش في الأسواق والتي بات يهدد الأمن الاجتماعي وكذلك ايجاد حلول ناجعة لتفاقم مشكلة البطالة. الايام القليلة القادمة ستكون فارقة في المشهد السياسي بناء علي ماسيفعله الجنزوري وكيفية رد الشارع عليه. [email protected]