يتطلع اليمنيون إلى شهر رمضان الذي لم يعد تفصلهم عنه سوى سويعات، معربين عن أملهم في أن "تصوم" طائرات التحالف، ودبابات الحوثي عن القتال المتواصل منذ قرابة الثلاثة أشهر. ويأمل اليمنيون أن تنجح الأممالمتحدة في إبرام هدنة إنسانية طويلة خلال شهر رمضان، بالتزامن مع مباحثات جنيف التي انطلقت أمس الإثنين. ودعا الأمين العام للمنظمة الأممية بان كي مون خلال افتتاح المباحثات إلى سرعة إبرام هدنة لمدة أسبوعين على الأقل ، لكن القرار الأخير ما يزال بأيدي أطراف النزاع. ونزح عشرات الآلاف من اليمنيين إلى الأرياف والمدن البعيدة هربا من جحيم المعارك، فبدت المدن الرئيسية التي كانت تشهد زحاما في الأيام الأخيرة من شهر شعبان في كل عام، شبه خالية من البشر بشكل لافت، بيد أن الكثيرين منهم يعتزمون العودة إلى مدنهم لقضاء شهر رمضان، إلا أن مخاوف مازالت تراودهم من إخفاق الأممالمتحدة في فرض هدنة. عبدالملك المحيا، موظف حكومي من سكان مدينة تعز (جنوبيصنعاء) الذين نزحوا إلى جبل صبر القريب من المدينة، يقول لمراسل الأناضول "نعيش ظروفا إنسانية صعبة، ولا يمكن أن نحتمل صيام رمضان ونحن نازحين في منازل أقارب لنا، نريد العودة لمنازلنا". ويضيف "هذه الأيام لا حديث للناس سوى عن هدنة الخمسة أسابيع (فترة رمضان وعيد الفطر)، الناس استسلموا للحرب ويريدون أن يحظى رمضان فقط بخصوصية، ولا يهمهم بقية أشهر السنة"، ويردف بأسى "ما أبسط أمانينا". ويتزامن شهر رمضان ، الذي من المتوقع أن يحل غداً الأربعاء أو بعد غد الخميس، مع مفاوضات جنيف التي سينخرط فيها وفد الحوثيين وحزب الرئيس السابق علي عبدالله صالح، ابتداء من اليوم الثلاثاء، بعد تأخرهم ليوم كامل في جيبوتي . أما عبدالباقي الورافي، بائع الخضروات في سوق تعز المركزي، فيقول "نأمل أن يترك المتحاربون الناس يصومون بهدوء، رمضان لا يحتمل الحرب، ولا الالتفاف على الاتفاقيات والهدن، لا بد من هدنة حقيقية لا تشبه هدنة 12 مايو (آيار)". وكان العميد أحمد العسيري المتحدث باسم قوات التحالف قد أعلن في الثاني عشر من مايو/آيار الماضي هدنة إنسانية لمدة 5 أيام، واستمرت حتى نهايتها على الرغم من تبادل مختلف الأطراف اتهامات بانتهاكها. ويعيش النازحون في الأرياف أوضاعا إنسانية مأساوية، فإضافة الى انعدام مياة الشرب النظيفة، تبرز مشكلة الإيواء بشكل لافت، خصوصا مع تدفق الهاربين من المعارك في المدن المشتعلة. وخلت غالبية المدن اليمنية التي تشهد معارك بين الحوثيين والمقاومة الشعبية من حركة الناس في الأسواق، وخصوصا تعز وعدن والضالع ومأرب ، بسبب نزوح السكان منها إلى الأرياف. محمد العيدروس، من سكان حي خور مكسر في محافظة عدن (جنوب) يروي لمراسل الأناضول "مستودعات الغذاء التي كان الناس يتزاحمون على أبوابها احترقت بفعل قذائف الحوثيين، والبقية قام مالكوها بإغلاقها بالأحجار والأسمنت إلى أجل غير مسمى، خوفا من الحرق والنهب".
وخلافا لتعز وعدن، تبدو الاستعدادت في العاصمة صنعاء لاستقبال رمضان شبه طبيعية ،حيث بدأت الروح تعود تدريجيا إلى الأسواق، خاصة في أوقات النهار.
ويقول سكان محليون في صنعاء التي لا تشهد معارك ميدانية، إن القصف الجوي هو ما يحول دون تدفقهم على الأسواق، وانهم يتحاشون التواجد بالقرب من المواقع الحوثية المستهدفة للطيران. ويعرب عبدالسلام يحي(موظف حكومي) عن أمله قائلاً لمراسل الأناضول "نتمنى أن يسبب حلول رمضان إحراجا للمتحاربين ويكفوا عن إمطارنا بالصواريخ والقذائف، لا نريد أن نسمع سوى صوت مدفع الإفطار والسحور فقط.. فلرمضان ساعات روحانية في صنعاء وخصوصا في الليل".. مستدركاً "لكن من ذا سيحضر لصلاة التراويح والقيام في المساجد إذا استمر القصف الجوي؟!"، ويجيب عن سؤاله بحسرة "لا أحد".
وأعلنت الأممالمتحدة، مؤخراً، ارتفاع عدد النازحين في اليمن جراء الحرب إلى أكثر من مليون شخص منذ أواسط مارس/آذار الماضي.
وقال المتحدث باسم المنظمة الدولية، ستيفان دوجاريك في تصريحات صحفية إن "الأرقام تظهر أن أعداد النازحين مرشحة للزيادة كلما وصلنا إلى مناطق جديدة" في اليمن.
ويشهد اليمن فوضى أمنية وسياسية، بعد سيطرة جماعة "الحوثي"، قبل نحو 3 أشهر، على المحافظات الشمالية منه وفرض سلطة الأمر الواقع، مجبرة السلطات المعترف بها دوليا على الفرار لعدن، جنوبي البلاد، وممارسة السلطة لفترة وجيزة من هناك، قبل أن يزحف مقاتلو الجماعة، المحسوبون على المذهب الشيعي، باتجاه مدينة عدن وينجحون في السيطرة على أجزاء فيها من ضمنها القصر الرئاسي.
ويوم 21 أبريل/ نيسان الماضي، أعلن التحالف، الذي تقوده السعودية، انتهاء عملية "عاصفة الحزم" العسكرية التي بدأها يوم 26 مارس/ آذار الماضي، وبدء عملية "إعادة الأمل" في اليوم التالي، التي قال إن من أهدافها شقًا سياسيًا يتعلق باستئناف العملية السياسية في اليمن، بجانب التصدي للتحركات والعمليات العسكرية للحوثيين وعدم تمكينها من استخدام الأسلحة من خلال غارات جوية.