بعد حكم المحكمة العليا بجنوب أفريقيا، اليوم الأحد، بمنع الرئيس السوداني عمر البشير من مغادرة أراضيها، لحين البت في طلب المحكمة الجنائية الدولية، قال خبراء إنه من المستحيل أن يلقي الرئيس عبدالفتاح السيسي نفس مصيره، باعتبار أن مصر ليست عضوًا في المحكمة الجنائية الدولية، ومن ثم لا يجوز خضوع مصر لأحكامها. وقال المستشار محمد حامد الجمل، رئيس مجلس الدولة الأسبق، إن قرار المحكمة الجنائية الدولية بجنوب أفريقيا بتوقيف البشير واعتقاله ومنعه من مغادرة جنوب أفريقيا مخالف للعهد الذي منحته له بعدم الاعتقال. وأضاف، أن رفض البشير مواصلة القمة وتقديم خطابه، اليوم، خطوة في مسارها الصحيح، وذلك للحد من قرار المحكمة العليا بجنوب أفريقيا بتوقيفه. وأوضح أنه لا يحق للمحكمة إصدار قرار بمنع الرئيس السوداني، عمر البشير، من مغادرة البلاد، طالما أن القضاء لم يبت في طلب المحكمة الجنائية الدولية باعتقاله. وأشار إلى أنه فيما يتعلق بالحديث عن أن تعرض الرئيس السيسي لنفس مصير البشير، فإن هذا "كلام عار تمامًا من الصحة، على اعتبار أن مصر ليست عضوًا في المحكمة الجنائية الدولية، حيث إن الاتفاقية الدولية الخاصة بالمحكمة الدولية، تشترط انضمام الدولة التي تريد أن تحرك المسئولية الجنائية لبعض الحكام، وأيضًا من يريد اتخاذ إجراءات ضد أي من الحكام لابد أن تكون دولة لها صفة الشخصية الدولية". وفيما يتعلق بالدعوى المقدمة ضد الرئيس السيسي بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، قال الجمل إنه "لم يكن لمقدمي الطلب حق التقاضي لمطالبة المحكمة بممارسة الاختصاص عملاً بالمادة 12 من نظام روما الأساسي". وأشار إلى أن "مكتب المدعى العام قرر أن الوثائق المقدمة ينبغي التعامل معها على أنها رسالة، عملاً بالمادة 15 من نظام روما، ومع ذلك، لما كانت المزاعم التي تحتويها الرسالة خارجة عن الاختصاصين الإقليمي والشخصي للمحكمة فإن مصر ليست من الدول الموقعة على (نظام روما)؛ وبالتالي فإن النظر في هذا الطلب لابد أن يقدم من جانب الدولة إذا كانت غير موقعة أو أن يتم الإحالة من جانب مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة للنظر في هذا الطلب". وأوضح أن "المحكمة الجنائية الدولية مختصة بمحاكمة أي فرد قام بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، لافتا إلى أن المحكمة الجنائية الدولية تأسست سنة 2002 كأول محكمة قادرة على محاكمة الأفراد المتهمين بجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجرائم الاعتداء". وقال الجمل، إن "هذه المحكمة لا تستطيع أن تقوم بدورها القضائي ما لم تبد المحاكم الوطنية رغبتها أو كانت غير قادرة على التحقيق أو الادعاء ضد تلك القضايا، فهي بذلك تمثل المآل الأخير، فالمسئولية الأولية تتجه إلى الدول نفسها، كما تقتصر قدرة المحكمة على النظر في الجرائم المرتكبة بعد 1 يوليو 2002، تاريخ إنشائها، عندما دخل قانون روما للمحكمة الجنائية الدولية حيز التنفيذ". وأكد الجمل أن عدد الدول الموقعة على قانون إنشاء المحكمة بلغ نحو 121 دولة حتى 1 يوليو 2012 "الذكرى السنوية العاشرة لتأسيس المحكمة"، وقد تعرضت المحكمة لانتقادات من عدد من الدول منها الصين والهند وأمريكا وروسيا، وهي من الدول التي تمتنع عن التوقيع على ميثاق المحكمة. وتعد المحكمة الجنائية هيئة مستقلة عن الأممالمتحدة، من حيث الموظفين والتمويل، وقد تم وضع اتفاق بين المنظمتين بحكم طريقة تعاطيهما مع بعضهما من الناحية القانونية. وفتحت المحكمة الجنائية تحقيقات في أربع قضايا: أوغندة الشمالية وجمهورية الكونغو الديمقراطية والجمهورية الأفريقية الوسطى ودارفور، كما أنها أصدرت 9 مذكرات اعتقال وتحتجز اثنين مشتبه بهما ينتظران المحاكمة. ويقع المقر الرئيس للمحكمة في هولندا لكنها قادرة على تنفيذ إجراءاتها في أي مكان. وقد يخلط البعض ما بين المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، والتي تدعى اختصارًا في بعض الأحيان المحكمة الدولية (وهي ذراع تابع للأمم المتحدة يهدف لحل النزاعات بين الدول)، لذلك لابد من التنويه بأنهما نظامان قضائيان منفصلان. المدعي العام للمحكمة هو فاتو بنسودا حاليا وسابقا كان المحامي الأرجنتيني لويس مورينو اوكامبو. فيما أكد الدكتور أيمن سلامة، خبير القانون الدولي، أن ما يتردد حول رفض الرئيس عبدالفتاح السيسي، السفر إلى جنوب أفريقيا للمشاركة في قمة الاتحاد الأفريقي؛ خوفًا من توقيفه بداعي ارتكابه جرائم حرب، كلام لا أساس له من الصحة. وقال إن ما يروج بأن الرئيس السيسي، كان سيلقى مصير الرئيس السوداني عمر البشير، بتوقيفه في جنوب أفريقيا، بناءً على دعوى من المحكمة الجنائية الدولية، التي أصدرت مذكرتي توقيف بحق البشير، الأولى لعام 2009 بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، والثانية لعام 2010 بتهمة ارتكاب جرائم إبادة، وهما على علاقة بالنزاع في دارفور "غرب السودان"، شائعة من شأنها إحداث فوضى. وأشار سلامة إلى إن وضع موقف الرئيس السيسي يختلف عن موقف "البشير" لأن الأخير أصدرت المحكمة الجنائية مذكرتي توقيف بحقه، أما السيسي، فرفضت المحكمة دعاوى، رفعها حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، ضد الرئيس مرتين. وأضاف أن المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، في تنزانيا، رفضت هي الأخرى، في دورتها المنعقدة طلب إحدى المنظمات الحقوقية من المحكمة أن تصدر رأيًا استشاريًا حول ما إذا كان 30 يونيو ثورة أم انقلابًا. من جانبه قال أحمد ماهر، عضو الهيئة العليا لحزب "الوسط"، إن "هناك العديد من الدلالات التي يمثلها تنفيذ حكم المحكمة الجنائية الدولية على الرئيس السوداني عمر البشير". وأوضح أن "هذه الدلالات تنعكس على مدى إمكانية ملاحقة الرئيس السيسي دوليًا بعد ارتكابه لمجازر بشرية قبل توليه الرئاسة، كما أن المحكمة الدولية قبلت الدعوى المقدمة من أسر الضحايا الذين لاقوا حتفهم في رابعة العدوية والنهضة، مشيرًا إلى أن هناك محاكم في إسبانيا وبلجيكا وبريطانيا تقبل قضايا أخرى تدينهم". وأكد ماهر أن المسؤولية السياسية تقع على عاتق المسئولين في الفترة منذ 30 يونيو وحتى الآن، مضيفًا: "حتى إذا لم يتم الحكم بتوقيف السيسي جراء الانتهاكات التي شهدتها مصر بعد عزله للإخوان إلا أن إدانته سيكون لها مردود معنوي كبير. وأوضح أن هناك العديد من القضاة في مختلف محاكم العالم يطبقون القانون والعدل بعيدًا عن السياسة التي قد تعلب دورًا مهمًا عند بعض الدول. وكانت محكمة في جنوب أفريقيا، قد أصدرت، اليوم الأحد، قرارًا بمنع الرئيس السوداني، عمر البشير، من مغادرة البلاد واعتقاله، بعدما تقدمت أمامها منظمة غير حكومية بدعوى قضائية؛ للمطالبة بتوقيف البشير. ودعت سلطات جنوب أفريقيا إلى توقيف الرئيس السوداني، أثناء زيارته لحضور قمة الاتحاد الأفريقي التي تنعقد، اليوم الأحد، في جوهانسبيرج، إلا أن الرئيس عمر البشير رفض مواصلة القمة وتقديم خطابه وغادر إلى بلاده وهو في حالة من الغضب والاستياء. جدير بالذكر أن الرئيس البشير، توجه السبت الماضي، إلى جنوب أفريقيا في زيارة ليست الأولى له خارج البلاد، بعدما صدرت مذكرة المحكمة الجنائية الدولية بحقه في عام 2009، غير أن هذه الزيارة تثير جدلاً كون وجهتها إلى دولة مُوقعة على ميثاق المحكمة الجنائية الدولية. ويأتي قرار المحكمة بعدما تقدمت أمامها منظمة غير حكومية بدعوى قضائية للمطالبة بتوقيف البشير.