في تعليقها على الانتخابات البرلمانية التركية, ذكرت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" الأمريكية أن النتيجة غير الحاسمة, التي حصل عليها حزب العدالة والتنمية الحاكم, تعود إلى تباطؤ الاقتصاد التركي وارتفاع نسبة البطالة, التي ساهمت في تغيير قناعات بعض الناخبين, بالإضافة إلى أعمال العنف, التي تخللت الحملات الانتخابية, والاستقطاب الحاد, الذي اجتاح تركيا في الفترة الأخيرة. وأضافت الصحيفة في تقرير لها في 7 يونيو أن حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي جلس في السلطة في تركيا بلا منافس منذ عام 2002 , حصل هذه المرة على نسبة أقل من التوقعات, تعتبر "نكسة" للحزب, الذي حصل على حوالي 50% من الأصوات عام 2011. وتابعت الصحيفة أن انخفاض نسبة التأييد للحزب الحاكم في تركيا أدى إلى إنعاش آمال الأحزاب الأخرى وخاصة حزب "الشعوب الديمقراطي الكردي", الذي تخطي عتبة العشرة بالمائة من الأصوات, مما أتاح له دخول البرلمان التركي, في سابقة من نوعها. ونقلت "لوس أنجلوس تايمز" عن زعيم حزب "الشعوب الديمقراطي الكردي", قوله :"علينا أن نبدأ بداية جديدة بأن نضع الناس في قلب النظام". وأضافت الصحيفة أن المحللين نظروا إلى انتخابات 7 يونيو في تركيا, على أنها قد تساهم بتقوية أساس التجربة الديمقراطية في هذا البلد ذي الثمانين مليون نسمة, أو قد تذهب به في الاتجاه الآخر, وترسخ سلطة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان, الذي يتمتع بكاريزما مميزة أكسبته شعبية واسعة. وأظهرت نتائج غير رسمية فوز حزب العدالة والتنمية الحاكم في الانتخابات البرلمانية, التي أجريت في تركيا في 7 يونيو, بنسبة لا تمكنه من تشكيل الحكومة منفردا، بينما حقق حزب الشعوب الديمقراطي الكردي مفاجأة , وأصبح أول حزب ممثل للأكراد يصل إلى البرلمان في تاريخ تركيا الحديث. وحسب النتائج غير الرسمية، حصل حزب العدالة والتنمية على أكثر من 41% من مجموع أصوات الناخبين، وهو ما يعني فوزه ب260 من مقاعد البرلمان البالغ عددها 550 مقعدا. وهذه هي المرة الرابعة على التوالي أن يفوز حزب العدالة والتنمية بالانتخابات البرلمانية، لكنها الأولى بدون زعيمه السابق رئيس الجمهورية الحالي رجب طيب أردوغان. وبلغت نسبة المشاركة الإجمالية 86% من عدد الناخبين، حسب أرقام أوردتها وكالة "الأناضول". ويبلغ مجموع المواطنين الذين يحق لهم التصويت أكثر من 53 مليونا داخل تركيا، وثلاثة ملايين في الخارج. وحصل حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة على نحو 25%، مما يعني فوزه ب130 مقعدا في البرلمان، بينما حصد حزب الحركة القومية نحو 16% ليفوز ب82 مقعدا في البرلمان. وحقق حزب الشعوب الديمقراطي مفاجأة، وأصبح أول حزب ممثل للأكراد يتمكن من دخول البرلمان، بعد تخطيه حاجز العشرة بالمائة وحصوله على نسبة تقارب 13% مما يخوله 78 مقعدا. وقال رئيس الوزراء التركي رئيس حزب العدالة والتنمية أحمد داود أوغلو في أول تعقيب مقتضب على نتائج الانتخابات أمام حشد جماهيري في محافظة قونيا مسقط رأسه :"لا تقلقوا فإن قرار الشعب هو أصح قرار بإذن الله"، مؤكدا أنه يحترم إرادة الشعب. وأردف قائلا :"لن ننحني أمام أي قوة بأي شكل من الأشكال". وتوجه داود أوغلو بعد كلمته إلى أنقرة, حيث من المنتظر أن يلقي كلمة أمام مؤيدي الحزب. ويحتاج حزب العدالة والتنمية إلى 16 مقعدا إضافيا حتى يتمكن من تشكيل الحكومة، وهو ما يعني حسب المراقبين أن تركيا مقبلة على سيناريو حكومة ائتلافية أو انتخابات مبكرة. وقال مراسل "الجزيرة" في إسطنبول عامر لافي إن هذه النتيجة تعد "فوزا بطعم الخسارة" لحزب العدالة والتنمية، مشيرا إلى أن إسطنبول كبرى المدن التركية كانت سببا رئيسا في تراجع الحزب. وأوضح أن الحزب حصل على 42% من أصوات إسطنبول بعد أن فاز ب49% في الانتخابات السابقة. وأشار إلى غياب المظاهر الاحتفالية لمؤيدي الحزب أمام مقره الرئيسي في المدينة على عكس ما كان يحدث في الانتخابات السابقة. وفي أنقرة, قال مراسل الجزيرة عمر خشرم إن صمتا ثقيلا يخيم على العاصمة خصوصا على أنصار حزب العدالة والتنمية الذين أصيبوا بخيبة أمل بعد هذه النتائج التي قال إنها تفتح الباب لكل الاحتمالات في تركيا. وشهدت مدينة ديار بكر في جنوب شرقي تركيا, التي تسكنها أغلبية كردية, مظاهر احتفالية بعد أن أصبح حزب الشعوب الديمقراطي أول حزب ممثل للأكراد يصل إلى البرلمان. ونقلت وكالة "رويترز" عن مسؤول كبير في حزب العدالة والتنمية قوله إن الحزب قد يضطر لتشكيل حكومة أقلية، ومن المرجح إجراء انتخابات مبكرة. وقال الكاتب والباحث التركي علي باكير ل"الجزيرة" إن هناك مؤشرات على أن بعض المصوتين التقليديين لحزب الشعب الجمهوري صوتوا هذه المرة لحزب الشعوب الديمقراطي لإحباط مساعي أردوغان لتغيير نظام الحكم من البرلماني إلى الرئاسي. وأشار باكير إلى أن الاحتمالين الأكثر ترجيحا هما ائتلاف العدالة والتنمية إما مع حزب الشعوب الديمقراطي أو حزب الحركة القومية. وأوضح أن حزب العدالة والتنمية قد يتفق مع حزب الشعوب على إعطائه دورا أكبر في السياسة التركية والعمل على تحسين أوضاع الأكراد وإتمام عملية السلام الداخلي. لكنه أضاف أن هذا الائتلاف قد يواجه صعوبات بسبب اختلاف الحزبين على صعيد السياسة الخارجية. وفي الوقت نفسه، قال باكير إن الائتلاف مع حزب الحركة القومية قد يكون خيارا مطروحا، لأن ما يسمون بالقوميين الإسلاميين قد يشجعون هذا التحالف، لكنه أشار إلى أن هذا الخيار سيواجه اختبار صعبا فيما يتعلق بعملية السلام مع الأكراد التي يرفضها القوميون وكذلك على صعيد السياسة الخارجية. وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يسعى إلى الفوز بأغلبية كبيرة لحزب العدالة والتنمية لتعزيز صلاحيات الرئيس، حيث يرى أن رئاسة تتمتع بسلطات تنفيذية على غرار النظام الأمريكي ضرورية لتعزيز النفوذ الإقليمي والنجاحات الاقتصادية لتركيا العضو في حلف شمال الأطلسي. وقال أردوغان -في مؤتمر انتخابي في إقليم أرداهان في شمالي شرقي تركيا، في 6 يونيو :"يقولون إذا حصل أردوغان على ما يريد في الانتخابات, فإنه سيصبح شخصا لا يقف شيء في طريقه. إنهم يقصدون أن تركيا لن يستطيع أحد إيقافها".