التحول الفكرى الذى طرأ على الفكر السلفى وأقصد هنا التيارات السلفية التنظيمية – عقب ثورة يناير بات محل بحث وتحليل من العديد من الباحثين الجادين والذين يجتهدون لتقديم رؤية بحثية رصينة قد تكون محل توافق أو اختلاف ، أو مصدر سعادة أو غضب وهذا أمر متوقع لأى عمل بحثى محايد والذى يجب أن نعتاد عليه وننظر إلى نتائجه باهتمام وليس ب " اتهام " والرسالة التالية تحمل رؤية كاتبها بخصوص التحول السلفى أضعها بين يدى القارىء وليس من الضرورة أن أكون متوافقاً مع كل ما فيها ولكن يبقى الأخذ والرد حق أصيل للكاتب على قارئه وهو ما أرجو أن يتسع له صدر كاتب الرسالة بل صدورنا جميعا .. يقول فى رسالته " السلام عليكم ورحمة الله وبركاته تحية لك سيدى الكريم . . . اكتب هذه الكلمات تعقيبا على مقالكم فى جريدة المصريون الغراء بتاريخ 30/10/2011 بعنوان "أزمة السلفيين" توقعى لهذه الحالة داخل التيار السلفى ليست مبنية على سوء ظن بهذا التيار الذى نحسب جميع أعضاءه على خير ولا نزكيهم على الله ولكن لمعرفتى التى ادعى انها جيدة بمقتضيات وسلوكيات العمل السياسى والحركى والتنظيمى خلال 15 عاما قضيتها متابعا وراصدا للساحة الإسلامية وما بها من حركات واتجاهات ومشاركا ببعضها أحيانا ، هذا المجال الذى دخله إخواننا "السلفيين" فجأة منذ بضعة أشهر فقط. أود هنا ان اسجل خليطا من بعض الملاحظات والخواطر والنصائح بدون ترتيب ولا حسن صياغة فلست من اهل الكتابة: - أولاً: - بهذه السرعة تحول الرأى الفقهى عند الأخوة السلفيين من حرمة المشاركة فى كل الفعاليات الانتخابية بدءا من انتخابات اتحاد الطلاب فى الجامعات الى انتخابات الرئاسة ، إلى "المشاركة واجب دينى"؟ طبعا لا أنكر عليهم هذا التحول ولقد طالبناهم بمراجعة هذا الرأى مرارا. ولكن الم يكن ينبغى أن يأخذ هذا الرأى حقه فى المراجعة والتقويم من قبل علماء السلفيين قبل طرحه على الأفراد؟. لم نسمع واحدا منهم خرج علينا وقال إن اختيارنا الفقهى كان خاطئا وها نحن نصححه. خصوصا أن هذا الاختيار الفقهى ظل راسخا مع التيار السلفى منذ نشأته تقريبا. لم نسمع عن مداولة ومناقشة تفضى إلى قناعة عند أفراد التيار السلفى بما كانوا عليه من خطأ وإعادة نظر فيما ينبغى أن يكونوا عليه فى المرحلة اللاحقة. لماذا لم يسألوا عن الدليل كما عهدناهم دائما؟ ثانياً: - مع أن واحدا من السلفيين لم يمارس العمل السياسى من قبل إلا أن التيار السلفى سارع إلى ممارسة العمل السياسى بعد الثورة وقام بتكوين 3 أحزاب دفعة واحدة. ماذا أريد بهذه الملحوظة؟ أن التيار السلفى بعد إيمانه بأهمية العمل السياسى بعد نجاح ثورة 25 يناير ، وما يستدعيه هذا العمل من تنظيم ومنهجية حركة ، بهذه الحال لم يعد ينبغى أن يكون هناك أى فارق تقريبا بين التيار السلفى وبين مدرسة الإخوان المسلمين! فقد كان هذا الأمر هو جوهر الخلاف فيما سبق. إضافة إلى مسائل الخروج على الحاكم الظالم ، التنظيم والإمارة والبيعة . . . الخ كل هذه المسائل الخلافية بين الفريقين من المفترض أنها حسمت الآن بالنسبة للسلفيين بعد التغيرات الدراماتيكية التى حدثت فى توجهاتهم وأرائهم بعد الثورة المباركة لماذا لا يتحرك هؤلاء المخلصون دعما إلى أترابهم من الإخوان المسلمين الذين خبروا العمل السياسى وعرفوا دروبه منذ ثمانين عاما ، والذين يعتبرون الآن التيار السياسى الوحيد فى مصر الذى يملك هيئة برلمانية بها ما يتجاوز 150 نائبا كلهم نواب حقيقيين جاؤوا بإرادة الشعب على مر المجالس المنتخبة منذ عام 1984؟ أين الاختلاف؟ فى تطبيق الشريعة؟ إن الإخوان يريدون تطبيق الشريعة ، وسوف يطبقونها بالتدريج كما أنزلت بالتدريج. لماذا نفتت أصوات الكتلة الإسلامية بين سلفى واخوانى مع إقرار الجميع بتفوق الإخوانى عن السلفى سياسيا ولا شك. لماذا لا نتوحد جميعا حول الاخوان ومشروعهم الذى هو الآن نفس المشروع السلفى؟ ثالثاً: - لا زلت اذكر ما كتبه شيخنا بكر ابو زيد فى كتابه العظيم "حلية طالب العلم" حينما أوصى طلاب العلم الذين يدرسون بعض المواد الشرعية العلمي مثل علم الحديث بان يخصصوا من دراستهم وقتا للرقائق حتى لا تقسو القلوب. سبحان الله . . . يدعوهم الشيخ الجليل الواعى الفاهم المربى الذى خبر أسرار القلوب وتقلباتها أن يخصصوا جزءا من وقتهم للرقائق حتى لا تقسوا قلوبهم من دراسة علم الحديث! فكيف بمن يريد ممارسة العمل السياسى وكلنا يعلم ما للعمل السياسى من إغراءات قد تنسى الإنسان دينه كله ذكر بعضا منها الشيخ ياسر البرهامى فى معرض حديثه للسلفيين. ان تجاهل البرنامج التربوى عند السلفيين مع انغماسهم فى السياسة بهذا الشكل سيؤدى الى مالا يحمد عقباه وما نرى بوادره الآن من محاولة للاستئثار بمواطن المسؤولية ، هو أمر خطير ينبغى أن يتداركه علماء هذا التيار العريض. هذا وبالله التوفيق م/هانى عبد الفتاح " انتهت رسالة القارىء الكريم وتبقى رؤيته محلاً للبحث والقبول والطرح وصولاً إلى ما يصلح البلاد والعباد . [email protected]