تحت عنوان" تقارب حماس والسعودية يستفز بعض دول المنطقة"، قالت مجلة "المونيتور" الأمريكية، إنه على الرغم من التوتر الذي يسود علاقات "حماس" الإقليمية بين قطيعة مع مصر، وبرود مع إيران، تحاول الحركة اختراق جدار العزلة المفروض عليها من قبل إسرائيل والسلطة الفلسطينية وبعض دول الإقليم، بتقاربها مع السعودية في عهد الملك سلمان. وأضافت "حماس سعت لطي الجمود في علاقاتهما السابقة خلال حقبة الملك الراحل عبد الله، حيث شهدت الأيام الأولى من مايو مناشدة حماس للسعودية بالتدخل لإنجاح المصالحة المتعثرة مع فتح". وذكرت أن "علي بركة ممثل حماس في لبنان كشف يوم 5مايو عن اتصال خالد مشعل رئيس المكتب السياسي بالملك سلمان في الأسبوع الأخير من فبراير، وتحدثا حول دعم المملكة للمصالحة ورفع حصار غزة وإعمارها، وهناك ترتيبات لزيارة وفد من حماس للرياض". وأعلن إسماعيل هنية نائب رئيس المكتب السياسي ل "حماس" في خطبة الجمعة 1مايو، عن مساعٍ تبذلها الرياض للتوصل لاتفاق جديد للمصالحة بين حماس وفتح.
ورأت المجلة أن "رغبة حماس واضحة في تفعيل الدور السعودي للملف الفلسطيني وحشد دعم المملكة لإنهاء حصار غزة، والانقسام مع فتح، وترميم علاقتها بمصر، فضلاً عن معاناة حماس أزمة مالية خانقة بعد توقف الدعم الإيراني لها أواخر عام 2011، بسبب عدم تأييدها للنظام السوري في وجه الثورة الشعبية، وربما تنتظر حماس من السعودية دعمًا لإنقاذ الواقع الاقتصادي الصعب للفلسطينيين بغزة". واستطردت "تطلع حماس للسعودية انطلق من وجود التفاف عربي رسمي حول الرياض هذه المرحلة، حيث أثبت العهد الملكي الجديد خلال فترة زمنية قصيرة قدرته على الإمساك بزمام المبادرة في المنطقة سواء من خلال الحرب على الحوثيين، والوقوف بحزم ضد النفوذ الإيراني، والدعم المتواصل للثوار السوريين ضد النظام، ولعل العلاقة الجديدة بين قطر والسعودية تمنح حماس شعورًا بالاطمئنان أكثر، بسبب تحالفها الوثيق مع الدوحة". ونقلت المجلة عن إسماعيل الأشقر رئيس اللجنة الأمنية في المجلس التشريعي، قوله "حماس تريد اتفاق مكة جديد يشارك فيه جميع الفلسطينيين بعيدًا عن اتفاقات ثنائية بين حماس وفتح". ولفتت "المونيتور" إلى أن "اتفاق مكة وقع في السعودية يوم 8 فبراير 2007 بعد فوز حماس في الانتخابات التشريعية عام 2006، لإيقاف اقتتال فتح والحركة، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، لكنه فشل بسبب استمرار الفوضى من أجهزة أمن السلطة الفلسطينية في غزة، من خلال إعاقتها عمل حكومة حماس الجديدة، وقتل وإصابة عدد من عناصرها بحوادث مختلفة". فيما اتهم أمين مقبول، أمين سر المجلس الثوري ل "فتح"، "حماس" في 3مايو ب "إدخال السعودية على الخط الفلسطيني لتحييد مصر، معلناً أن الرياض لم تتصل بفتح لعرض مبادرات للمصالحة". وشدد الأشقر على أن "الدور السعودي الذي ترحب به حماس ليس بديلاً عن مصر في إنهاء الانقسام لأن الأخيرة حاضنة الحوارات الفلسطينية". وقالت "المونيتور" إنه "بالتزامن مع تقارب السعودية وحماس، وصل محمد دحلان القيادي الفتحاوي السابق للقاهرة يوم 3 مايو لمناقشة خطر التطور الإيجابي لعلاقات حماس مع الرياض". وأشارت إلى أن "حماس ترغب في دور سعودي يرتبط بعلاقتها المتوترة مع مصر، رغم توقف الحملات الإعلامية المصرية ضد الحركة نسبياً، وإطلاق قادة حماس تصريحات تصالحية مع القاهرة أواخر أبريل، لكن كسر احتكار مصر للملف الفلسطيني، بدخول السعودية على الخط، يمنح حماس هامشًا أكبر في تحقيق مطالبها من المصالحة، لأن الموقف المصري مساند بصورة علنية للسلطة الفلسطينية". من جانبه، قال صلاح البردويل، القيادي البارز في حماس "ترحيب حماس بالدور السعودي يأتي لتوفير شبكة أمان سياسية ومالية لتحقيق المصالحة، ولا يتناقض مع الدور المصري، بل يعززه". واعتبرت "المونتيور" أن ترحيب حماس بالدور السعودي يعود لإدراكها أهمية المملكة ومكانتها، وقناعتها بأن المنطقة مقبلة على تحولات هامة، وأن خارطة إقليمية بدأت بالتشكل، ومن هنا تريد حماس اللحاق بالقطار، لذلك لم تعارض ضمنيًا لعملية "عاصفة الحزم" ضد الحوثيين في اليمن". ورأت أنه "في نفس الوقت يثير التقارب التدريجي بين حماس والسعودية غضب السلطة الفلسطينية، التي أعلنت الفصائل المقربة منها يوم 4 مايو رفضها لأي تدخل سعودي في ملف المصالحة". وأضافت أن "السلطة الفلسطينية قد شعرت براحة كبيرة وهي ترى حماس معزولة في سجن غزة، لا يتصل بها أحد، لذلك لم تخف انزعاجها من بدء حماس خلخلة هذا الحصار السياسي بتواصلها مع بعض دول الإقليم، لاسيما السعودية، التي تستغل تراجع الدور المصري في المنطقة، وتحاول ملء هذا الفراغ". وأردفت "حماس تعلم تمامًا أن الرئيس عباس لا يستطيع معارضة أي دور للرياض في الملف الفلسطيني، بسبب تأثير السعودية ونفوذها الكبير في المنطقة، لكنه يدفع الناطقين باسمه للتركيز على دور مصر، لكسب ودها على حساب السعودية". ولفتت إلى أن "هناك أهمية للتذكير بفشل الدعوات التي أطلقها عباس يوم 28مارس بمطالبة الجامعة العربية بعملية عسكرية ضد حماس في غزة، على غرار حرب اليمن لأنه يرى في حكم حماس لغزة انقلاباً، ويريد من خلال العملية العسكرية إعادة الشرعية للقطاع ممثلة بالسلطة الفلسطينية، وقد استنكرت حماس دعوة عباس هذه، واعتبرتها مقدمة لحرب أهلية بين الفلسطينيين". ونقلت المجلة عن عضو في مجلس الشورى السعودي رفض الكشف عن هويته قوله "الرياض سوف تلتقط دعوات حماس لإنجاز المصالحة، لأنها تريد استقطاب الحركة إليها، وقطع الطريق على طهران التي قد تفتح أبوابها للحركة مجددًا، رغم التوتر القائم، وجاء سعي الرياض لإعادة العلاقة مع حماس مع تغير سياستها الخارجية، وبحثها عن إيجاد تحالف كبير لمواجهة المد الإيراني في المنطقة، والملك سلمان يعتبر ذلك من أولى أولوياته السياسية". فيما تحدث جمال خاشقجي الكاتب السياسي السعودي المقرب من دوائر صنع القرار في الرياض، ورئيس قناة العرب الإخبارية، يوم 4 مايو، بكثير من الإيجابية عن حماس، واعتبرها تمثل الشريحة الأوسع من الفلسطينيين، وهو كلام ليس معهوداً عن السعوديين الرسميين. ورأت "المونيتور" أن حماس تترقب عن كثب النفوذ المتزايد للسعودية في المنطقة، ما يدفعها لتوظيفه في إنجاح المصالحة، حيث لم تستطع مصر ممارسة تأثيرها على الفلسطينيين، والتزمت الصمت إزاء تدهور واقعهم خاصة في غزة دون أن تحرك ساكناً، رغبة منها بالضغط أكثر على حماس، لكن حماس غير متأكدة من موافقة مصر على سحب الملف الفلسطيني منها. وتابعت" أنه في الوقت ذاته، تدرك حماس أنها كلما اقتربت من السعودية أكثر، فإنها تبتعد عن إيران حليف الأمس التي واصلت فرض شروطها القاسية على الحركة لإعادة المياه لمجاريها في علاقتهما، بعدم لقاء خالد مشعل لمرشد الثورة خامنئي في زيارته المؤجلة لطهران، والطلب من حماس الاعتذار عن موقفها المساند للثورة السورية، وإعلان تأييدها للنظام السوري، حتى وصلت لهذه الحالة غير المرضية لهما.