لم يكن هناك أقوى دلالة من حجم الروح المؤيدة من الشعب السوري لقيام الجيش السوري الحر أكبر من إعلان الثورة وكل فعالياتها يوم الجمعة المنصرمة الرابع عشر من أكتوبر – جمعة أحرار الجيش – في دلالة رمزية معبرة لحجم الأمل والتأييد والتضامن مع هذا الجيش الجديد لسوريا وفي تعبير قوي للغاية لحجم الإرهاب والفجور في القتل والتعدي على الحُرمات الذي صبّه النظام على أبناء الشعب دون أن يكّل هذا الفداء الأسطوري أو يتراجع قيد أنملة عن تحرير أرضه من النظام الإرهابي في دمشق , وتتوضح لنا قضية دور الجيش السوري الحُر في مستقبل الثورة من خلال هذه العناصر الرئيسية في تشكله وتوجهاته : 1- تواتر وتكثف حركة الانشقاق وتحولها إلى زحف مستمر للخروج من جيش يمثل النظام ويشرع عبادته والسجود لرمزه ويتلذذ بقتل أطفال شعبه في الوقت الذي يعتمد فيه حماية أمن إسرائيل ومصالح إيران ليلتفت الشعب إلى الجيش الجديد جيشٌ وطني ابتدأ أول خطوات تاريخه التأسيسية بتقديم جماعات من مجنديه وضباطه كشهداء لحماية المدنيين وتخليص الفتيات بعد تعرض بعضهن للاغتصاب وتأمين فك الحصار عن بعض الأحياء والمدنيين بل ومحاولة حماية التظاهرات المدنية للحرية , وهي رمزية تأسيس ذات بعد مؤثر لدى الشعب السوري بعد أن واجه فيه تشكيلات عسكرية موالية للنظام تهدم بيته وتنتهك عرضه وتقتل طفله . 2- هذه الصورة المشرقة لشخصية جندي وضابط الجيش السوري الحر ساهمت وستساهم أكثر في حركة الانضمام المستقبلية من قطاعات النظام العسكرية إلى التشكيل الذي اخذ وضعه الآن كجيش وطني سوري يجعل ميثاقه الدستوري الحفاظ على إنسان الوطن والحفاظ على حدوده في مقابل العسكري الآخر الذي أمّن حدود العدو وذبح مواطنه في الداخل . 3- هذا الارتفاع السريع في عدد الجيش الوطني الحر والمتزايد أضحى يؤهله للقيام بالخطة رقم 2 بعد المساهمة في تأمين ما استطاع إليه سبيلا من أرواح المدنيين وممتلكاتهم , وهي تأمين تموضعه في الحدود التركية وتوزيع فيالقه للاستعداد للخطة الإستراتيجية التي تقتضي تأمين الدعم للثورة المدنية في ساعة الحسم المركزي ومقدمات انتقال السلطة إلى الخيار الشعبي الحر . إذن هذا التكامل الجديد في صفوف الجيش الوطني السوري الحر جاء متزامنا مع استكمال الإعلان الميثاقي للمجلس الوطني ليكون بالفعل احد المحاور الرئيسية لخطة انتصار الثورة . الطليعة الفدائية الصلبة وقد لاقى تأسيس هذا الجيش تلك الروح الفدائية للشعب وبات واضحا لكل مراقب أن كل مدارات الاحتواء الضخمة للنظام والدعم الإيراني وحزبه في لبنان ودعم الموقف الروسي والصيني وبعض الأطراف العربية له قد سقطت في كل جولاتها السابقة عبر قوة الإرادة الشعبية ذات الإيمان الروحي الصلب وحركة الفداء الاستشهادي لكل شرائح الشعب التي أضحت تغذي كل يوم بغد اكبر إصرار مما قبله كلما توسع النظام في جرائمه , ولقد كان تزامن ذكرى استشهاد الطفل الفلسطيني محمد الدرة مع مذبحة الرستن السورية وتنفيذ الجهاز العسكري للنظام عملية إعدام لبعض الأطفال لوحة تعطي بعدين مزدوجين مهمين الأول أنّ حجم الإجرام الذي يبلغ هذا المدى لا يمكن أن يستقر مع شعبه والبعد الثاني أنّ هزيمة النظام بعد وحشية مجزرة الرستن وخروج درعا البلد وحماة تضامناً معها تؤكد أن الوضع الأسطوري الفدائي للشعب السوري أكسير حياة لا يملك احد أن يوقفه وهو تحت الرعاية السماوية ويزحف فقط وبلا تردد أو تململ لتحقيق إسقاط النظام . هنا تبرز دلالات المشهد وهي أن هذا المحور الشعبي الذي تحمل وحيدا منعزلا مسئولية زلزلة النظام أضحى له محورين مساندين ينتظر مساندة الحلفاء العرب والأتراك وبلا شك ان تحرّك المملكة لتطويق هذا النظام المجرم الذي احبطه البعض في جامعة الدول العربية خطوة مهمة مقدرة يتأمل الشعب العربي كله وخاصة السوريين ان تستمر الرياض في تبني عزل النظام المجرم وفسح المجال في المحافل لممثلي الشعب الحقيقي المُجسّد حالياً في المجلس الوطني . ويرجح المراقب أن الجانب التركي والعربي والدولي سيتعاطون مع الثورة الآن ببعد جديد بعد أنّ تبين لهم أن حركة التاريخ لن تعود ولن يؤجّل قرار الشعب السوري في إسقاط النظام وبالتالي سيتعامل المشهد مع هذا التقدم الجديد مختارا ومضطرا , وهنا تقفز مسئولية تاريخية على حكومات و نخب وقواعد الرأي العام العربي بان تتحول إلى قوى ضغط على حكوماتها للاعتراف والدعم لهذه التطورات , وتركيز الجهد الحكومي لإسناد اسطنبول مادياً وسياسيا وخاصة الدول العربية المركزية لتتحد مع الموقف الشعبي العربي للطلب من تركيا فتح كامل الحدود للدعم اللوجستي الشامل وهو المطلب الرئيسي لهذه المرحلة وهو السؤال الذي عليهم أن يجيبوا عليه قبل سؤالهم المستمر للثوار عن خطتهم ..ما خطتكم انتم أيها العرب رسما وشعبيا لدعم خطة الانتصار النهائي لإنقاذ الشام , وحماية هذا الشعب العظيم من محرقة التاريخ المعاصر , وتحقيق أمنيته في حريته من التحالف الإرهابي الإيراني الأسدي .