لم تكن الاشتباك التي شهدتها محافظة المنوفية منذ أيام بين أفراد من الجيش والشرطة، الأولى من نوعها، حيث تكررت مرارًا على مدار السنوات اللاحقة على ثورة 25 يناير 2011، حتى أصبحت الخلافات مشابهة لبعضها ك"الكربون" وإن اختلفت في أبطالها من حيث الرتب المشاركة والزمن والمكان. وارتبط بكل حادثة إعلان فوري عن اجتماع عاجل على مستوى القيادات من الدفاع والداخلية ومحاولة لاحتواء الموقف عبر التأكيد على الدور البطولي الذي تبذله أفراد الجيش والشرطة في تأمين البلاد ووجوب التعاون بين الطرفين. وكانت محافظة المنوفية شهدت في الساعات الأولى من صباح الأربعاء الماضي قيام قوات من الشرطة العسكرية بمحاصرة قسم شرطة شبين الكوم ومديرية الأمن ومحكمة شبين الكوم، وذلك للقبض على أمين شرطة "طلال وصال" بإدارة مرور المنوفية بعد تعديه بالسب والقذف على عقيد طيار محمد فتحي. الأمر الذي أثار الطيار وقام بالاتصال بالشرطة العسكرية التي حضرت مدعمة بالمدرعات وقامت بمحاصرة عدد من المباني الأمنية وقسم شبين الكوم الذي تحصن به أمين الشرطة هو وزملاؤه، حيث رفض ضباط ومأمور المركز تسليم أمين الشرطة إلى الشرطة العسكرية وقاموا بغلق الأبواب بالجنازير. فيما استمر الحصار لعدة ساعات حيث رفض الطيار التنازل والرضوخ إلى القيادات الأمنية والتنفيذية بالمحافظة وعلى رأسها محافظ المنوفية ومدير الأمن. بينما قامت الشرطة العسكرية برفع الحصار بعد صدور أوامر من قيادات عليا بالقوات المسلحة حتى لا يتسبب الأمر في أزمة كبيرة تاركين الأمر للتحقيق الذي ستتولاه النيابة العسكرية. وأكد اللواء عادل سليمان، الخبير الأمني والإستراتيجي، أن المشاجرات بين أفراد الجيش والشرطة في الشارع المصري ليست ظاهرة جديدة وإنما لها جذور تاريخية حيث وقعت عشرات الحالات من قبل في السبعينيات والستينيات وهي ترجع في الأصل إلى شعور التمييز التي يسيطر على بعض أفراد هاتين المؤسستين النابع من عدم تطبيق القانون بشكل صحيح ووضع حدود بين عمل المؤسسات المختلفة. وأضاف أن "هناك العديد من المؤسسات تسعي إلى تمييز أفرادها ليصبحوا ذي نفوذ وسلطة لذلك انتشرت مقولة "أنت تعرف أنا مين"؟. وأضاف أن "زيادة هذه الظاهرة بعد 25 يناير نتيجة للاحتكاك المباشر بين أفراد الجيش والشرطة خاصة وان الشرطة هي المنوطة بحفظ الأمن الداخلي إلا أن مشاركة الجيش لها وإن كان قد قل خلال الفترة الأخيرة جعل أفراده يشعرون بأنهم هم الأقوى والأفضل ولا يسمحون لوجود رقيب عليهم من أي شخص آخر". ولفت إلى أن "المسئولين هم المتسببون في الأصل لانتشار هذه الظاهرة وذلك بسبب الإفراط في شعور السيطرة والتحكم الذي قد يصل للضابط الصغير الذي يتعامل مباشرة مع الأفراد مما قد يتسبب في المزيد من الاحتكاك بين أفراد الجيش والشرطة". وأوضح أن هذه الظاهرة لا يمكن القضاء عليها ولكن يمكن تقليلها تدريجيا من خلال التوعية المستمرة والالتزام بتطبيق القانون بشكل صحيح. واعتبر اللواء عبد اللطيف البديني مساعد وزير الداخلية الأسبق أن تكرار حالات الشجار بين أفراد من الجيش والشرطة مجرد حوادث سلبية، تكون بأخطاء من الطرفين نتيجة لمواقف لحظية ليس لها عمق نفسي بين أفراد الجيش والشرطة. ولفت إلى أنه بالرغم من تكرر هذه الحوادث الفردية إلا أن علاقة الجيش بالشرطة لم تكن على هذا المستوى من قوة العلاقات والترابط كالفترة الحالية. وعزا مساعد وزير الداخلية الأسبق تكرر هذه الحوادث إلى جهل من بعض أفراد الشرطة بالقوانين الفاصلة بين الجيش والشرطة، بالإضافة إلى تعاملهم مع ضباط الجيش بشيء من الندية، الأمر الذي يثير ضباط القوات المسلحة والذين تعلموا في مؤسسة نظامية على كيفية مواجه هذه الحوادث وتفادي تكرارها. وأكد البديني أن عملية الاحتواء التي تجريها القيادات السياسية من خلال الاجتماعات المتكررة بين قيادات وأفراد الجيش والشرطة للتأكيد على الترابط والتعاون هو الحل الأمثل لمواجهه هذه الخلافات الفردية التي لا ينبغي أن تصل إلى القيادات. وحول تأثير هذه الحوادث على المواطن، أكد البديني أن "المؤسستين القويتين هما مجرد متلقيين للأوامر من رأس الدولة، ولذلك لن يصل الأمر بين الجيش والشرطة إلى النزاع الذي يقلق المواطن".