على صوت تفجير مدخل منزلها، استيقظت عائلة جاسر حمادنه من مخيم بلاطة للاجئين الفلسطينيين قرب نابلس، بشمال الضفة الغربية، ليجدوا أنفسهم في غضون بضع دقائق بين عشرات الجنود الإسرائيليين المقنعين، والمدججين بالسلاح. تحاول الزوجة نادية حمادنة الوصول إلى أطفالها، خشية إصابتهم بالرعب جراء هذا المشهد، إلا أنها فوجئت بأن الجنود ينتشرون في كل جزء من البيت، حسب قولها. وفي معرض وصفها لعملية اعتقال زوجها جاسر حمادنة، قالت نادية لمراسل الأناضول: "عند الساعة الثانية فجرا، استيقظنا على صوت انفجار، ولم تمر دقائق حتى وجدنا أنفسنا بين عشرات الجنود". وتابعت "تم تجميعنا في غرفة واحدة، بعد أن تم اعتقال زوجي على الفور، وبدأ الجيش بتفتيشه".
ومضت قائلة وهي تشير إلى أثاث وملابس أهل بيتها المبعثرة "انظر دمروا كل شيء، اقتلعوا البلاط، كسروا الخزائن، لم يتبقى شيء في المنزل دون تكسير وتخريب".
وفي حسرة تابعت حمادنة (40 عاما) "كنت أجهز ابنتي للزواج، كسروا كل شيء ونثروا ملابسها وحاجاتها، حتى أنهم سرقوا مبلغا من المال كنت احتفظ به لإتمام تجهيزات الزواج، كما صادروا أجهزة الهاتف المحمول والحاسوب".
في ذات السياق، قال فؤاد الخفش مدير مركز أحرار لدراسات الأسرى (غير حكومي)، إن "الجيش الإسرائيلي يقوم في العادة باقتحام البلدات الفلسطينية بأعداد كبيرة لاعتقال ما يسميهم مطلوبين، ويتعامل مع مواطنين عزل كأنهم في ساحة حرب، حيث يقتحم منازلهم ليلا، ويقتادهم بأسلوب وحشي".
وأضاف الخفش في حديث لوكالة الأناضول "في العديد من عمليات الاعتقال يقتحم الجنود البيوت بعد تفجير مداخلها، مقنعين، وباستخدام كلاب بوليسية".
وأشار إلى أن من يتم اعتقاله "يكبل برباط بلاستيكي وتعصب عيناه، وغالبا ما يتعرض للضرب والتضييق من قبل الجنود خلال نقله من بلدته إلى مركز التوقيف والتحقيق".
وتابع الخفش، وهو أسير محرر اعتقل عدة مرات، "ذات مرة استيقظت ليلا فوجدت قوة عسكرية إسرائيلية فوق رأسي وأنا في سريري".
صايل زهدي (22عاما)، من مدينة رام الله وسط الضفة الغربية، قال إن بيت عائلته "تحول إلى ثكنة عسكرية خلال دقائق، في منتصف ليلة شتاء ماطرة وباردة في ديسمبر (كانون أول) الماضي، بعد أن تم تفجير بوابة المنزل".
ومضى في وصفه عملية اعتقال شقيقه نزار لوكالة الأناضول: "احتجز الجنود الرجال في العراء، بينما تركوا السيدات والأطفال في غرفة بداخل المنزل، واعتقلوا شقيقي نزار، حيث قيدوه واعصبوا عيناه".
وتابع "بعد نحو أربع ساعات، انسحب الجيش بعد تحقيق ميداني مع كل أفراد العائلة، وجدنا البيت كأن زلزال أصابه، لا يوجد شيء مكانه، تكسير الخزائن والأثاث، كما تم اقتلاع البلاط".
ومطلع الأسبوع الحالي، شن الجيش الإسرائيلي حملة اعتقالات طالت سبعة مواطنين من بلدة بيت ريما، الواقعة غرب رام الله، من بينهم الشقيقين محمد وحسين تميم الريماوي.
تميم الريماوي والد الشقيقين، قال لوكالة الأناضول "استيقظنا على قوة عسكرية اسرئيلية تدق باب المنزل بأسلحتها، وبأعداد كبيرة من الجيش تحيط المنزل من كل الاتجاهات، ثم اقتحموا البيت وتفرق الجنود فيه يفتشون كل ما فيه، بطريقة تخريبية".
ومضى قائلا "تعرضت لوعكة صحيحة خلال الاقتحام واستيقظت بعد عدة ساعات، كان الجيش قد اعتقل محمد وحسين، وتم تقديم الإسعاف الأولي لي من قبل طواقم إسعاف فلسطينية حضرت للموقع".
الأسير المحرر بكر عتيلي، قال بدوره لوكالة الأناضول "اعتقلت في الساعة الثالثة فجرا من منزلي وسط نابلس، وتعرضت خلال عملية الاعتقال للضرب والشتم والتحقيق".
وتابع: "تم تقييدي وتعصيب عيوني، ونقلي بآليات عسكرية إلى معسكر الجلمة قرب جنين، بشمال الضفة الغربية، وذلك بعد أن تم تفتيش المنزل ومصادرة كل الأوراق الخاصة بي وبزوجتي، ومنها جوازات السفر وشهادات جامعية، كما تم مصادرة أجهزة حاسوب وهواتف خلوية".
وتشهد الارضي الفلسطينية اليوم، مواجهات واسعة في ذكرى يوم الأسير الفلسطيني الذي يحيه الشعب الفلسطيني كل عام في هذا اليوم من السنة.
ومنذ 17 أبريل/نيسان 1974 يحيي الفلسطينيون "يوم الأسير"، وهو اليوم الذي أطلق فيه سراح أول أسير فلسطيني، محمود بكر حجازي، في أول عملية لتبادل الأسرى بين الفلسطينيين وإسرائيل.
وتشن إسرائيل حملة اعتقالات يومية في الضفة الغربيةالمحتلة، بحجة اعتقال ما تسميهم مطلوبين لأجهزتها الأمنية، وغالبا ما تكون في ساعات الليل.
وبحسب هيئة شؤون الأسرى والمحررين التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، يقبع في السجون الإسرائيلية 6500 أسير، بينهم 478 صدر بحقهم أحكاماً بالسجن المؤبد لمرة واحدة أو لمرات عديدة، و21 أسيرة، بينهن قاصرتان، و205 أطفال أعمارهم دون سن ال18، و480 معتقلاً إدراياً، و13 نائباً، بالإضافة إلى وزيرين اثنين سابقين.