أجمع خبراء عسكريون على أن تشكيل لجنة عسكرية مشتركة بين القاهرةوالرياض لتنفيذ مناورة استراتيجية كبرى على أراضي السعودية، بالتزامن مع حملة "عاصفة الحزم" في اليمن، هو تلويح بإمكانية استخدام القوة العسكرية بشكل متطور في وقت لاحق، بحسب ما تؤول إليه الأحداث في اليمن. ومساء أمس، اتفقت القاهرةوالرياض على تشكيل لجنة عسكرية مشتركة بينهما؛ "لبحث تنفيذ مناورة استراتيجية كبرى على أراضي السعودية" بمشاركة قوة عربية مشتركة تضم قوات من مصر والسعودية ودول الخليج"، وهي المناورة الأولى من نوعها، إن حدثت، في ظل العملية العسكرية التي تقودها الرياض "عاصفة الحزم" في اليمن. محمد نبيل فؤاد، الخبير العسكري ومساعد وزير الدفاع السابق، قال للأناضول إن "الاتفاق على مناورة بين القوات المصرية والسعودية، تحمل احتمالين أحدهما احتمال رئيسي وهو التلويح باستخدام القوة دون استخدامها، في تأكيد للنوايا على تضامن مصر مع أشقائها في الخليج في هذه المرحلة، كما أنه يمكن أن تكون هناك مراحل لاحقة بحسب تطور الأحداث". هذه المراحل التي حملها الاحتمال الثاني، بحسب الخبير العسكري، وهي إمكانية الخداع في التوقيت أو الاتجاه، بمعنى أن يكون هناك عمل عسكري يتم على غرار المناورة في توقيت آخر، أو عملية عسكرية تتم على غرار المناورة في اتجاه آخر، بخلاف المنطقة المتفق عليها في الأراضي السعودية. وأوضح فؤاد، أنه في كلتا الحالتين، تسعى كل من القاهرةوالرياض على التنسيق معا فيما يتعلق بتدريب القوات من الجانبين على أساليب الجانب الآخر، وإحداث تفاهم بينهما حتى إذا حدثت عمليات فعلية لا يكون هناك خلافات تعاونية أو معلوماتية. لواء بحري يسري قنديل، الأستاذ بكلية القادة والأركان التابعة للقوات المسلحة، ورئيس المخابرات البحرية المصرية الأسبق، اتفق مع فؤاد فيما ذهب إليه، قائلاً: هذه المناورة تأتي بغرض استخدام سياسي للقوة التي يمكن أن تظهر في التوقيت المناسب، إلى جانب إمكانية أن تحدث مناورة في مكان قريب من الأحداث، وهذا لا يتنافى مع كون المناورة إشارة وتأييد إضافي لدول الخليج. وأضاف الخبير العسكري: كما أن هذه المناورات تأتي بغرض توحيد الأساليب والمفاهيم المتعلقة بالقتال كنوع من أنواع الاتقان العسكري تحسباً لأي عملية مشتركة في المستقبل، لكن لا يمكننا الجزم بأنه هناك خطة لذلك في الوقت الراهن.
بدوره، قال محمد بلال الخبير العسكري وقائد القوات المصرية إبان حرب الخليج الثانية 1990 للأناضول "لا يمكن أن نغفل وجود مناورات سابقة بين القوات المصرية والسعودية قبل أحداث اليمن، وهو ما يعني أن التدريب المشترك بين البلدين مستمر، لكن حدوث هذه المناورة بالتزامن مع عاصفة الحزم سيكون له تداعياته، وهو ما يعلمه صانع القرار المصري". عن هذه التداعيات تابع بلال أن "إظهار التضامن المصري مع دول الخليج والتعاون العسكري بينهما مستمر تحت أي ظرف، حتى وإن كانت المناورات تتم بقوات رمزية، فهذا في حد ذاته يعد تلويحا باستخدام القوة قد يجبر الحوثيين على التفاوض والقبول بحل سياسي قريب". واستبعد الخبراء العسكريون أن تكون المناورة بمثابة تمهيد للقيام بعملية برية، معتبرين أن مثل هذا القرار لن يحدث بسهولة في اليمن، لأن أسلوب التدخل تتحكم فيه عوامل عدة منها طبيعة الأرض والقتال اليمني، التي تدفع الجميع بما في ذلك مصر، لإعادة النظر أكثر من مرة في التدخل إما من الداخل عن طريق تسليح الحوثيين أو من الخارج، متفقين على أن التلويح بالقوة غرضه إجبار الحوثيين على القبول بحل سياسي. ويأتي الاتفاق على هذه المناورة، وسط جدل أثير بشأن مسألة التدخل البري في اليمن، وهو ما ترجّحه بعض الشواهد بدءا من تدريب على "إنزال" في بيئة جبلية خلال المناورات السعودية الباكستانية التي حملت مسمى "الصمصام" في نسخته الخامسة في ميدان "شمرخ" بمركز الملك سلمان للحرب الجبلية، شمال منطقة الباحة بالسعودية الجمعة قبل الماضي. هذا إلى جانب عدم استبعاد تدخل إحدى دول التحالف، بريا، وهو ما دعمه اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بقادة الجيش، الأحد الماضي، لبحث تطورات الأوضاع في اليمن، لاسيما بعد خروج تصريحات قال فيها السيسي إن بلاده "لن تتخلى عن الأشقاء في الخليج، وستقوم بحمايتهم إذا تطلب الأمر". واعتبر كتاب وسياسيون مصريون لقاء السيسي بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة لقرابة الست ساعات لمناقشة أوضاع اليمن بمثابة "الحصول على الضوء الأخضر قبل إرسال قوات برية خارج البلاد". ومنذ 26 مارس الماضي، تواصل طائرات تحالف عربي تقوده السعودية، قصف مواقع عسكرية لمسلحي جماعة "الحوثي" ضمن عملية "عاصفة الحزم"، التي تقول الرياض إنها تأتي استجابة لطلب الرئيس عبد ربه منصور هادي بالتدخل عسكرياً ل"حماية اليمن وشعبه من عدوان الميليشيات الحوثية".