في خطاب إعلان الفوز، كان من اللافت "الشكر الخاص" الذي وجهه الرئيس النيجيري المنتخب حديثا محمد بخاري إلى نظيره الأمريكي باراك أوباما على "التدخل في الوقت المناسب"، لإجراء انتخابات سلمية، وذات مصداقية في أكبر دول أفريقيا من حيث عدد السكان. ووفق مصدر رفيع داخل "الشعب الديمقراطي"، الذي ينتمي له الرئيس الخاسر في الانتخابات، غودلاك جوناثان، فإن كل من أوباما ورئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، كانا وراء اعتراف جوناثان بهزيمته في الانتخابات. وفي حديث مع وكالة الأناضول، قال المصدر ذاته، مفضلا عدم الكشف عن هويته، إن "كل من أوباما وكاميرون هاتفا جوناثان عدة مرات للاعتراف بالهزيمة قبل الإعلان الرسمي (لنتائج الانتخابات)؛ بعد أن توفرت تقارير لديهم تفيد بأن خصمه قد فاز بالفعل".
المصدر أوضح أن "هذا هو السبب في أن الرئيس (جوناثان) اتصل ببخاري يوم الثلاثاء (28 مارس / آذار الماضي) في حوالي الخامسة مساء بالتوقيت المحلي (16:00 ت.غ ) لتهنئته".
كان غاربا شيهو، المتحدث باسم حملة "بخاري"، قال في وقت سابق ل"الأناضول"، إن جوناثان اتصل ببخاري، وأقر بهزيمته في الانتخابات.
وقال "شيهو" آنذاك: "أستطيع أن أؤكد لكم أن الرئيس اتصل بالجنرال بخاري لتهنئته في تمام الساعة 5:15 مساءً بالتوقيت المحلي من يوم الثلاثاء (28 مارس)(16:15 ت.غ)".
وبالتالي، فإن المكالمة الهاتفية أجريت قبل ما يقرب من 10 ساعات من إعلان اللجنة الانتخابية المستقلة في نيجيريا فوز بخاري رسميا بالانتخابات بفارق حوالي 2.57 مليون صوت على منافسه جوناثان.
واستأنف المصدر الرفيع في "الشعب الديمقراطي" حديثه بالقول إن أوباما وكاميرون نصحا "جوناثان" بأن الانتظار حتى الإعلان الرسمي "قد يكون متأخرا للغاية لإخماد التوتر أو تهدئة غضب محتمل من جانب مؤيديه".
وتابع: "أبلغه الرجلان أن الأمر سيكون مكلفا للغاية بالنسبة لنيجيريا وأفريقيا وجوناثان نفسه لخلق لوران غباغبو آخر".
وفي الثاني من ديسمبر/ كانون الأول 2010، بعد تأجيل متكرر، أعلنت اللجنة الانتخابية المستقلة في كوت ديفوار، "الحسن واتارا" فائزا في الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة في البلاد.
غير أنّ لوران غباغبو، الرئيس الإيفواري السابق، رفض نتائج اللجنة الانتخابية المستقلة على الفور، وهو ما أدّى إلى دخول البلاد في أزمة عُرفت فيما بعد في الوسائل الإعلامية بأزمة ما بعد الانتخابات، وأدّت إلى مقتل أكثر من 3 آلاف إيفواري، حسب أرقام الأممالمتحدة.
ويقبع الرئيس الإيفواري السابق منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2011 في سجن مدينة لاهاي بهولندا، مقرّ المحكمة الجنائية الدولية، بانتظار محاكمته في يوليو/تموز المقبل على خلفية اتهامه ب"ارتكاب جرائم ضد الإنسانية".
ومضى المصدر في حزب "الشعب الديمقراطي"، قائلا: "وافق الرئيس جوناثان بشرف لإنقاذ البلاد من أي إراقة دماء".
ولم يتسن الحصول على تعقيب فوري من روبن أباتي، المتحدث باسم الرئيس جوناثان على ما ذكره المصدر.
و"جوناثان"، وهو مسيحي ينحدر من منطقة الدلتا الغنية بالنفط في نيجيريا، وهو أول رئيس نيجيري منتخب ديمقراطيا يخسر السلطة لصالح المعارضة.
وتمثل هزيمته الانتخابية الأسبوع الماضي، المرة الأولى التي يخسر فيها حزب "الشعب الديمقراطي" السلطة منذ عودة البلاد إلى الحكم المدني قبل 16 عاما بعد ثلاثة عقود من الدكتاتورية العسكرية.
وبينما ترتبط نيجيريا بعلاقات خاصة مع كل من الولاياتالمتحدة والمملكة المتحدة، تتطلع النخبة السياسية في نيجيريا إلى واشنطن باعتبارها نموذجا للنظام الرئاسي الذي مارسته نيجيريا منذ عام 1979، عندما عقدت انتخاباتها الرئاسية الأولى.
وحتى وقت قريب، كانت الولاياتالمتحدة المستورد الرئيسي للنفط الخام في نيجيريا، التي تستورد بدورها كثيرا من احتياجاتها المحلية، ومن بينها المعدات العسكرية.
وأعلنت نيجيريا استقلالها عام 1963، وهي عضو في دول الكومنولث، وهي منظمة حكومية دولية تضم أراضي الإمبراطورية البريطانية السابقة.
ويتلقى معظم ضباط الجيش النيجيري تدريبهم في أكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية، ووحدة مونز لتدريب الضباط في بريطانيا.
والأسبوع الماضي، حصل بخاري، الذي يؤدي اليمين الدستورية رئيسا للبلاد في 29 مايو/ أيار المقبل، على 15 مليونا و424 ألفا و921 صوتا من إجمالي 28 مليونا و587 ألفا و564 صوتا صحيحة، فيما حصل جوناثان (57 عاما) على 12 مليونا و853 ألفا و162 صوتا من جميع الولايات النيجيرية.