جاء بانتخابات رئاسية نزيهة ، و قد اعتلى كرسي الرئاسة بفارق بسيط عن منافسه ، قيل عنه أنه إسلامي متشدد جاء لتطبيق السريعة الإسلامية ، و أنه نظيف اليدين ، جاء ليناطح الفساد رأسا برأس ، وصفوه بأنه بقعة مضيئة في مستنقع فساد بعد أن عرف بالنزاهة و الاستقامة ، فيما وصفه آخرون بأنه قاتل ، ترك الشريعة التي جاء لتطبيقها لتنتهي كشعار براق خفت بريقه . و الحقيقة ، أننا قد تهنا في وصفه ، فهو و إن انقلب عليه قائد جيشه سابقا ، والذي وضعه قيد الإقامة الجبرية ، إلا أنه قد جاء في الأساس على ظهر دبابة بانقلاب عسكري على أول رئيس مدني تعرفه نيجيريا ، نعم ، انه محمد بخاري .
و محمد بخاري هو عسكري و سياسي نيجيري تولى الحكم في الثمانينيات قبل الانقلاب عليه، ثم نجح في العودة إلى القصر الرئاسي بعد فوزه في انتخابات ال 31 من مارس 2015 .
و هو مسلم ، من مواليد قرية صغيرة تدعى "دورا" تقع شمال نيجيريا ، التحق بالجيش و عمره لم يتعد ال 19 ربيعا. ثم درس الفنون العسكرية ببريطانيا قبل أن يعود إلى بلاده ليتقلد مناصب عسكرية هامة، إذ عين جنرالا ومسئولا للقوات العسكرية النيجيرية في 1980 .
اقترن اسمه بالعديد من الانقلابات العسكرية، من بينها انقلاب على أول حاكم مدني هو شيخو شجاري بعد أن وصفه بأنه "فاسد" و"غير كفؤ". ليتربع على عرش السلطة حتى 1985، وهو تاريخ تعرضه هو الآخر إلى انقلاب عسكري قاده جنرال آخر يدعى إبراهيم بابنغيدا.
استمر في الحكم نحو عشرين شهرا قبل أن يحيله قائد الجيش إلى الإقامة الجبرية ، والتي قضى فيها فترة طويلة ، حظي بشعبية كبيرة في المناطق ذات الأغلبية المسلمة ، فيما لم يحظ بنفس الشعبية في المناطق الأخرى الغير مسلمة ، و الذين خاف سكانها من صرامته العسكرية وانتمائه الديني، رغم الانطباع السائد عنه من كونه من أنظف ساسة وجنرالات نيجيريا
الشعب أحيا أملا أم أعاد ديكتاتورا
“حياة الفقراء ازدادت فقرا من أجل أن تزداد حياة الأغنياء غني.. لذا حان الوقت لطوي تلك الصفحة المأساوية من تاريخ نيجيريا"..
بتلك الكلمات البسيطة ، تودد محمد بخارى لشعبه حيث أعلن عن هدفه من الترشح لخوض الانتخابات الرئاسية في نيجيريا.
وخلال الفترة القصيرة التي حكم فيها نيجيريا, أشتهر بخارى بحكمته وصرامته وقبضته الحديدية، حيث قام بالزج ب 500 من السياسيين والمسئولين ورجال الأعمال المتورطين في أعمال فساد ، و التي أسبغ على فترة حكمه اسم "الحرب على انعدام النظام"، فلم يكترث لممارساته القاسية المخالفة لحقوق الإنسان.
ورغم أن ماضيه العسكري كان مشجعا على الانقلاب ضده ، إلا أن الأزمة الأمنية الراهنة في البلاد ، خاصة مع سقوط آلاف القتلى جراء هجمات جماعة بوكو حرام جعلت الشعب النيجيري يتوق إلى إعادة فرض الأمان و لو بالقوة أو على حساب حرياتهم و حقوقهم الطبيعية .
وقد قام بخاري خلال حملته الانتخابية بالترويج لنفسه أنه أصبح أكثر انفتاحا و بات أكثر اعتناقا للمبادئ الديمقراطية، ولكنه لم يخف أن الحل الأمني سيكون دوما نصب عينيه و أولوية و ضرورة أيضا لأي حكومة جديدة، و قد سبق له أن حمّل الرئيس السابق جوناثان في مقابلة مع CNN مسؤولية التقصير في الأداء العسكري و الأمني أمام بوكو حرام.
ومن ناحية أخرى ، فقد حرص بخاري على تقديم نفسه بأنه شخصية معادية للفساد، وظهر أنصاره حاملين المكانس، في إشارة رمزية إلى رغبتهم بتطهير المؤسسات العامة من الفساد.
أما على المستوى الديني، و على الرغم من أن بخاري يعد من أحد القيادات البارزة في الأوساط الإسلامية النيجيرية، إلا أنه طمأن أتباع الديانات الأخرى على أنه لن يقوم بأسلمة نيجيريا"، مشددا على أن عددا من معاونيه هم من المسيحيين، كما أن ابنته الصغرى تزوجت من مسيحي.
جماعة بوكو حرام
اختارته جماعة "بوكو حرام" عام 2013، باعتباره مفاوضها المفضل، لكنه رفض العرض وتم استهدافه لانتقاداته اللاذعة لهم .
مجاعة بخاري
ضربت مجاعة شهيرة مئات الآلاف من مواطني النيجر ، والذين جاءوا إلى نيجيريا هربا منها ، إلا أن بخاري قام بطردهم جميعا حتى اقترنت باسمه ، ولا تزال إلى اليوم يطلق علي هذه المجاعة التي مست شرق النيجر اسم "مجاعة بخاري".
البرادعي عن فوز البخاري
كتب البرادعي: للمرة الأولي رئيس نيجيريا يخسر الانتخابات وهو في الحكم، الرئيس الجديد محمد بخاري يفوز بنسبة 54٪.. الديمقراطية تترسخ في أكبر دولة في القارة من حيث عدد السكان (170 مليون).. الحكم الديمقراطي ليس بعيد المنال في إفريقيا.
وأمام محمد بخاري الذي يترأس حزب المؤتمر التقدمي المعارض تحديات كثيرة، أبرزها القضاء على الفقر الذي يمس شرائح اجتماعية كبيرة رغم الثروات النفطية التي تتمتع بها نيجيريا ، كديدن القارة الأفريقية التي تتميز بالفقر و الجهل و الأمية رغم توافر ثرواتها الطبيعية ، كما أن عليه واجب استعادة الأمن والاستقرار في البلد، و الأهم من كل ذلك ، القضاء على جماعة "بوكو حرام" التي باتت تهدد كل الدول المجاورة لها .