زمان كانت المعاكسة في أحيان كثيرة تؤدى إلى الزواج, دلوقتي مع تطور المعاكسة غالبًا ما تؤدى إلى أقسام الشرطة, وكان يوجد أيضًا ما يعرف ب"الشهامة" وهو عندما يعاكس شاب أي فتاة يتدخل السادة المحترمون المارون بالشارع للدفاع عنها, لكن الآن لا يتدخل ممن لا يعرفون شيئًا عن الشهامة تجنبًا للمشاكل والخناقات وعملاً بالمقولة السائدة "امشي جنب الحيط", والمعاكسات مثلها مثل أي ظاهرة من ظواهر الحياة تتطور مع مرور الزمن تمامًا. المرحلة الأولى "بنسوار يا هانم" في الستينيات كانت أيامها تشعر الفتاة بأنها في أمان طالما أن هذا الصنف من الرجال موجود في الحارة فلا داعي للقلق, ومن كلمات المعاكسة الرقيقة والرومانسية في ذلك الوقت مثل "مساء الورد" أو "أحلى صباح", وكان وقتها يعيب المجتمع على هذا الشاب الذي يعاكس, ويوصف بأنه لم يكمل تربيته وصايع قاعد يعاكس في بنات الناس. المرحلة الثانية "يا أرض أحفظي ما عليك" فترة ما بعد الستينيات, كان يعيش ناس طيبون محترمون وكان شعبنا شعبًا عفويًا, يوجد به معاكسات لكن بشكل مدلل مثل فتياته الحسناوات, فكانت الفتاة عندما يعاكسها ابن الجيران الأزعر ويبتسم لها ثم يقول "صباح الورد يا أحلى وردة"، ترفع الفتاة عينيها لاستراق النظر إلى الشاب القادم نحوها بكل خجل, بعدها ينسحب بكل هدوء وأدب. المرحلة الثالثة "أموت أنا وأعيد السنة" وبعد كده بفترة قصيرة بدأت المعاكسة بالألفاظ وما فيش بنت فيكي يا مصر إلا وتعاني من المعاكسات المستفزة والسخيفة وساقطة في مجتمعنا اللي عاش ينادي بالعادات والتقاليد اللي بدأت تغيب عنه بالتدريج, ووقتها كانت للمعاكسة منظور آخر بالفتاة البدينة وقتها هى التي كانت تلفت الأنظار ويعجب بها الشباب ,ويقال عندها "أنها فتاة بنت العز" وكانت البدينة هي التي تمتلك مواصفات الجمال. المرحلة الرابعة "أكيد كانت ماما نحلة عشان تجيب العسل" من الأمور اللافتة في هذه الفترة وهى بداية الألفية الجديدة التي ليست ببعيد عن وقتنا هذا, كانت الفتاة لا تستمع إلى مجرد معاكسات بل كانت تستمع إلى قصائد غزل معلقات غرامية, وكان من المعروف أن الشاب الذي لا يعاكس البنات هو شاب على خلق ودين، والشاب الذي يعاكس هو شاب "لعبي" و"صايع" و"بتاع بنات". بعدها انقلبت الموازين وتغيرت المبادئ كأشياء كثيرة في مجتمعاتنا, زمان كانت المعاكسة ذات اتجاه واحد، وهو معاكسة الشباب للبنات. لكن الآن أصبحت البنات أكثر تطورًا، وبدأن بمعاكسة الشباب تطبيقًا لمبدأ المساواة في المجتمع والمرأة مثل الرجل, ومن الطريف أن تدخل الفتيات سباق معاكسة الشباب وهو ما لم نكن نتخيله, والغريب أنها أصبحت معاكسة الفتيات للشباب تتم بطريقه محترفة ومدروسة. المرحلة الخامسة "أيتها المزة الجامدة إني أهواك بشدة.. فلا تكوني مفترية أيتها الحتة الطرية", و"أبوس الواوا" وهذه أحدث لغة لمعاكسة البنات فى الوقت الحالي, وهذا أبسط تعليق يوصف الوضع السائد في مجتمعنا الآن, والذي يبدو ساخرًا أحيانًا وكوميدي موجع فى أحيان أخرى, بل وتحولت هذه الظاهرة إلى النقيض ففي الأفلام العربية القديمة وحواديت أمهاتنا, كانت المعاكسة نوعًا من فن التعبير عن الإعجاب بالمرأة, أما الآن فهي أصبحت نوعًا من السخرية. وساعدت هذه الظاهرة على تغيير فكرها عن الشباب, وأصبحت الآن بالفعل نظرية السندريلا في فيلم "إشاعة حب" في مقولتها الشهيرة الشاب الخلوق الذي لا يعاكس هو "شاب مقفل" و"خام" و"لخمة" تهرب منه الفتيات، لكن الشاب الذي يعاكس ويغازل هو الشاب "cool" و"المدر دح" ، ده اللي تجرى البنات ورآه وعارف الدنيا كويس. "فيس بوك".. المعاكسات الإلكترونيات أما مع تقدم العصر والانفتاح التكنولوجي وظهور مواقع التواصل الاجتماعي، "فيس بوك" فقد تحوّل الموقع الاجتماعي إلى وجهة جديدة للشباب والفتيات من هواة الغزل والمعاكسات ليصبح وسيلة جديدة للمعاكسات في ظل تزايد المرتادين لهذا الموقع فيبدأ الشباب ب"التلميح" عبر إرفاق صورهم الشخصيّة التي اختاروها بعناية فائقة بعد أن عدّلوها ببرامج "الفوتوشوب" لتظهر بصورة جذّابة, ويختارون عبارات الغزل والرومانسية عند التعريف بأنفسهم, فيما لا يتردّد آخرون في نشر أرقام هواتفهم وبريدهم الإلكتروني ويطلبون من الراغبين في التواصل معهم الاتصال بهم أو مراسلتهم على "البريد الخاص". وفي المقابل يلجأ الكثير من الفتيات إلى التخفّي وراء أسماء وصور مستعارة ونشر صور عارضات أزياء لتكون وسيلة جذب للشباب الذين يتهافتون على مثل هذه الصفحات ويطلبون صداقة أصحابها. ولم يخل الأمر من التطفّل أحيانا حيث يبحث المعاكسون عن ضحاياهم ويدخلون على الصفحات التي تحمل أسماء فتيات أو مجموعات مثل "بنات مدينة كذا.." "بنات جامعة أو ثانوية كذا..." ويكتبون في صفحاتها عبارات وكلمات غرامية ويذيلونها بأرقام هواتفهم. قد أدى ذلك إلى انحسار طرق المعاكسة وتراجعها بعض الشيء، وأصبحت المعاكسات إلكترونية هى نواة المعاكسة الحديثة.