5 دول لن تشهد انتخابات مجلس الشيوخ.. سوريا والسودان وإسرائيل أبرزهم    محافظ القليوبية يتابع أعمال النظافة ورفع الإشغالات بالخصوص    الرئيس الإيراني يبدأ زيارة رسمية إلى باكستان السبت لتعزيز التعاون الثنائي    ملك المغرب يعطي تعليماته من أجل إرسال مساعدة إنسانية عاجلة لفائدة الشعب الفلسطيني    الرئاسة الفلسطينية: مصر لم تقصر في دعم شعبنا.. والرئيس السيسي لم يتوان لحظة عن أي موقف نطلبه    فرنسا تطالب بوقف أنشطة "مؤسسة غزة الإنسانية" بسبب "شبهات تمويل غير مشروع"    القوات الأوكرانية خسرت 7.5 آلاف عسكري في تشاسوف يار    البرلمان اللبناني يصادق على قانوني إصلاح المصارف واستقلالية القضاء    تقرير: مانشستر يونايتد مهتم بضم دوناروما حارس مرمى باريس سان جيرمان    عدي الدباغ معروض على الزمالك.. وإدارة الكرة تدرس الموقف    خالد الغندور يوجه رسالة بشأن زيزو ورمضان صبحي    راديو كتالونيا: ميسي سيجدد عقده مع إنتر ميامي حتى 2028    أبرزهم آرنولد.. ريال مدريد يعزز صفوفه بعدة صفقات جديدة في صيف 2025    مصر تتأهل لنهائي بطولة العالم لناشئي وناشئات الإسكواش بعد اكتساح إنجلترا    جنوب سيناء تكرم 107 متفوقين في التعليم والرياضة وتؤكد دعمها للنوابغ والمنح الجامعية    تحقيقات موسعة مع متهم طعن زوجته داخل محكمة الدخيلة بسبب قضية خلع والنيابة تطلب التحريات    محافظ القاهرة يقود حملة لرفع الإشغالات بميدان الإسماعيلية بمصر الجديدة    نيابة البحيرة تقرر عرض جثة طفلة توفيت فى عملية جراحية برشيد على الطب الشرعى    مراسل "الحياة اليوم": استمرار الاستعدادات الخاصة بحفل الهضبة عمرو دياب بالعلمين    مكتبة الإسكندرية تُطلق فعاليات مهرجان الصيف الدولي في دورته 22 الخميس المقبل    ضياء رشوان: تظاهرات "الحركة الإسلامية" بتل أبيب ضد مصر كشفت نواياهم    محسن جابر يشارك في فعاليات مهرجان جرش ال 39 ويشيد بحفاوة استقبال الوفد المصري    أسامة كمال عن المظاهرات ضد مصر فى تل أبيب: يُطلق عليهم "متآمر واهبل"    نائب محافظ سوهاج يُكرم حفظة القرآن من ذوي الهمم برحلات عمرة    أمين الفتوى يحذر من تخويف الأبناء ليقوموا الصلاة.. فيديو    ما كفارة عدم القدرة على الوفاء بالنذر؟ أمين الفتوى يجيب    القولون العصبي- إليك مهدئاته الطبيعية    جامعة أسيوط تطلق فعاليات اليوم العلمي الأول لوحدة طب المسنين وأمراض الشيخوخة    «بطولة عبدالقادر!».. حقيقة عقد صفقة تبادلية بين الأهلي وبيراميدز    النزول بالحد الأدنى لتنسيق القبول بعدد من مدارس التعليم الفني ب الشرقية (الأماكن)    لتسهيل نقل الخبرات والمهارات بين العاملين.. جامعة بنها تفتتح فعاليات دورة إعداد المدربين    محقق الأهداف غير الرحيم.. تعرف على أكبر نقاط القوة والضعف ل برج الجدي    وزير العمل يُجري زيارة مفاجئة لمكتبي الضبعة والعلمين في مطروح (تفاصيل)    هيئة الدواء المصرية توقّع مذكرة تفاهم مع الوكالة الوطنية للمراقبة الصحية البرازيلية    قتل ابنه الصغير بمساعدة الكبير ومفاجآت في شهادة الأم والابنة.. تفاصيل أغرب حكم للجنايات المستأنفة ضد مزارع ونجله    الشيخ خالد الجندي: الحر الشديد فرصة لدخول الجنة (فيديو)    عالم بالأوقاف: الأب الذي يرفض الشرع ويُصر على قائمة المنقولات «آثم»    تمهيدا لدخولها الخدمة.. تعليمات بسرعة الانتهاء من مشروع محطة رفع صرف صحي الرغامة البلد في أسوان    ليستوعب 190 سيارة سيرفيس.. الانتهاء من إنشاء مجمع مواقف كوم أمبو في أسوان    تعاون مصري - سعودي لتطوير وتحديث مركز أبحاث الجهد الفائق «EHVRC»    كبدك في خطر- إهمال علاج هذا المرض يصيبه بالأورام    محافظ سوهاج يشهد تكريم أوائل الشهادات والحاصلين على المراكز الأولى عالميا    الوطنية للصلب تحصل على موافقة لإقامة مشروع لإنتاج البيليت بطاقة 1.5 مليون طن سنويا    وزير البترول يبحث مع "السويدى إليكتريك" مستجدات مجمع الصناعات الفوسفاتية بالعين السخنة    هشام يكن: انضمام محمد إسماعيل للزمالك إضافة قوية    ضبط طفل قاد سيارة ميكروباص بالشرقية    حملة «100 يوم صحة»: تقديم 23 مليونًا و504 آلاف خدمة طبية خلال 15 يوماً    انطلاق المرحلة الثانية لمنظومة التأمين الصحي الشامل من محافظة مطروح    SN أوتوموتيف تطلق السيارة ڤويا Free الفاخرة الجديدة في مصر.. أسعار ومواصفات    خبير علاقات دولية: دعوات التظاهر ضد مصر فى تل أبيب "عبث سياسي" يضر بالقضية الفلسطينية    بدء الدورة ال17 من الملتقى الدولي للتعليم العالي"اديوجيت 2025" الأحد المقبل    يديعوت أحرونوت: نتنياهو وعد بن غفير بتهجير الفلسطينيين من غزة في حال عدم التوصل لصفقة مع الفصائل الفلسطينية    تنسيق الجامعات 2025.. تفاصيل برنامج التصميم الداخلي الإيكولوجي ب "فنون تطبيقية" حلوان    وزير الصحة يعلن تفاصيل زيادة تعويضات صندوق مخاطر المهن الطبية    طارق الشناوي: لطفي لبيب لم يكن مجرد ممثل موهوب بل إنسان وطني قاتل على الجبهة.. فيديو    أمانة الاتصال السياسي ب"المؤتمر" تتابع تصويت المصريين بالخارج في انتخابات الشيوخ    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الخميس 31-7-2025    فوضى في العرض الخاص لفيلم "روكي الغلابة".. والمنظم يتجاهل الصحفيين ويختار المواقع حسب أهوائه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الغفلة الخطيرة والرحلة الاخيرة
نشر في المصريون يوم 17 - 03 - 2015

الناس يغفلون وفي دنياهم يمرحون وهم عنها عما قريب راحلون وعلي اعمالهم مجزيون " فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره " الزلزلة
الظلم ملأ الافاق والجور معه في سباق والقتل علي قدم وساق والغدر كذلك في نفس السياق، وكل الذين يفعلون ذلك او يمولون او يفوضون او يدعمون او يرضون انما هم في غفلة عن الحق والعدل والشرف معرضون ...!!
للاسف لا ينجع فيهم تذكير، ولا يفلح معهم تحرير ، ولا يؤثر فيهم نذير، وأنهم قد دني اجلهم و قرب حسابهم، ومجازاتهم على أعمالهم وهم في غفلة خطيرة معرضون، عما خلقوا له، وعما زجروا به. كأنهم للدنيا خلقوا، وللتمتع ولدوا ،وللباطل وجدوا الا ما رحم ربي وعصم ، والله تعالى لا يزال يجدد لهم التذكير " اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُو ن * ما يأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ * لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّواْ النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ " الانبياء
سحرة يموجون في ظلمهم ويروجون باطلهم ،تجد قلوبهم غافلة ونفوسهم معرضة وعقولهم لاهية بمطالبها الدنيوية، وانشغالتها الشيطانية ، اشتغلوا بتناول الشهوات و اتباع الملذات، والعمل بالباطل، والأقوال الردية، والاعمال المخزية، هؤلا يغفلون والقيامة والحساب والجزاء ليس منهم علي بال الا ما رحم ربي وعصم !!
انه الحق الذي قامت عليه السماوات والأرض , و الجد الذي تدبر به السموات والأرض , وان الحياة ليست لعبا وولا لهوا ولا نسيا لا باطلا , وانما جعلت للعبادة بكل ما فيها، كما أن هذا الكون لم يخلق لعبا ولا عبثا (وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين). .
السماء والأرض .. الليل والنهار .. الشمس والقمر .. السهل والجبل من خلقهم؟ ولما خلقهم؟ وكيف خلقهم؟ .. الله وحدة الخالق المدبر , والمالك الميسر الذي لا شريك له في الملك و لا شريك له في الخلق . . (لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا). .
ومن ثم تجد النهاية التي ينتهي إليها كل الأحياء: (كل نفس ذائقة الموت). .والمصير الذي إليه ينتهون: (وإلينا ترجعون). .
واعقل إنسان في مقياس النبي عليه الصلاة والسلام من يستيقظ من غفلته ويستعد لرحلته كيف؟ : عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَال : َ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَجَاءَهُ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ, فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, أَيُّ الْمُؤْمِنِينَ أَفْضَلُ؟ قَالَ: أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا, قَالَ: فَأَيُّ الْمُؤْمِنِينَ أَكْيَسُ؟ قَالَ: أَكْثَرُهُمْ لِلْمَوْتِ ذِكْرًا, وَأَحْسَنُهُمْ لِمَا بَعْدَهُ اسْتِعْدَادًا, أُولَئِكَ الأكْيَاسُ ..
قد يسافر المرء في رحلة خلوية لساعات، او رحلة ترفيهية لايام، او رحلة عمل وسعي لاعوام، ثم يعودون ..!! لكنما هناك رحلة لا عودة منها ولا رجعة معها، انها الرحلة الاخيرة رحلة الموت ..!!" واتقوا يوما ترجعون فيه الي الله " البقرة
قد يكون المرء مشتركاً في رحلة ترفيهية فيكتب كل حاجاته, لكيلا ينسى شيئاً, ثم يضع هذه الحاجات في المحفظة، معه بطاقة السفر, والجواز, والمال اللازم, وأرقام الهواتف اللازمة، وبعض الألبسة، والعدة التي يستعملها كل يوم، معه كتاب يقرؤه، آلة حاسبة يحسب عليها، لقد كتب كل الحاجات, عندئذٍ يمضي رحلة موفقةً ناعمةً، والاستعداد من علامات العقلاء، وأخطر حدث عند الناس الموت, أما أن يسكن في بيت فهذا مهم, وكذلك أن يعمر بيتاً، وأن يزوج أولاده، ولكن أخطر حدث على الإطلاق المغادرة ، الرحلة الاخيرة -الموت- العودة الي الله .. الا تحتاج الي زاد واعداد من نوع اخر ..؟!!
عندما تكون ذكيا فطنا، لا لاهيا ولا لاغيا تكثر ذكر الموت, وتكثر من الاستعداد له؛ بالتوبة, وبالوصية, وبالعمل الصالح، وبإنفاق المال، وبالدعوة إلى الله، وبالنهي عن المنكر, والأمر بالمعروف، وبخدمة الخلق، وباتباع الحق وبالإكثار من العبادة، نوافل العبادات طلب العلم، قراءة القرآن.
أعقل الإنسان في مقياس النبي -عليه الصلاة والسلام-: من أكثر ذكر الموت وأكثر الاستعداد له. ، ومن اقوال السلف الصالح : العقلاء في الدنيا ثلاث : من ترك الدنيا قبل ان تتركه، ومن بني قبره قبل ان يدخله، ومن ارضي ربه قبل ان يلقاه .... !!
و الذين لا يزالون في ظلمهم ماضون، وفي مكرهم سائرون، وفي غيهم سادرون وربما قد تجاوزوا الأربعين أو الخمسين في الأعم الأغلب أكثر أبناء جيلهم نصفهم تحت الأرض، قد يموت إنسان في التسعين، في المائة، وأنت في الخمسين تقول: بيننا وبينه أمدٌ بعيد، أما حينما يموت أقران الإنسان، ومن هم في سنه، من هم في مستواه، فالقول الحق: أنتم السابقون ونحن اللاحقون، لذلك قيل : من دخل الأربعين دخل في أسواق الآخرة ....!! علما بان الموت لا يرحم صغيرا ولا يوقر كبيرا، لايترك غنيا ولا يفقد فقيرا، لا يستثني رئيسا ولا يستبقي وزيرا، حتي سيد الانبياء عليه الصلاة والسلام .." انك ميت وانهم ميتون " لا يطرق بابا فيستاذن ولا يرسل بريدا فينذر، كل بن انثي وان طالت سلامته لابد يوما علي الة حدباء محمول ..!!
فاذا كنا في رحلة ومضى ثلثا الوقت, فالوقت المتبقي يخصص للاستعداد للعودة، سافر إلى أي مكان، فالرحلة عشرة أيام, وبعد اليوم السابع تفكر في العودة، في قطع التذاكر، في جمع الأغراض، في شراء الهدايا، في اختيار المواصلة المناسبة، بعد اليوم السابع التفكير ينعكس، كيف نعود؟: ومن دخل في الأربعين دخل في أسواق الآخرة، يجب ان يستعد للرحلة الاخيرة ..!!
عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ:الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ, وَالْعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا, وَتَمَنَّى عَلَى اللَّه . اخرجه الترمذي في السنن
ورغم ان الموت كل يوم يطرق مسامعنا ويقلق مضاجعنا يذرف مدامعنا، الا ان الاعم الاكثر لا يكترث ..!! وخاصة اهل المعاصي والكبائر..!! عن أنس -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: اكثروا ذكر الموت فإنه يمحص الذنوب, ويزهد في الدنيا، فإن ذكرتموه عند الغنى هدمه، وإن ذكرتموه عند الفقر أرضاكم بعيشكم .
" يومئذ تعرضون لا تخفي منكم خافية " الحاقة ، لا حصالات ولا نتوءات ولا خزانات، ولا جيوب، تجد الغني بعد ثوانٍ صار خبراً يذاع ..!! كل ممتلكاته انتقلت لغيره، بالإضافة إلى حاجاته الخاصة، له خزانة صغيرة في البيت, فيها بعض الهدايا الثمينة التي أهديت إليه يوماً، يؤخذ المفتاح، وتفتح مركبته, ما كان يعيرها لأحد, تركب من بعده، بيته يُسكن من بعده، امرأته قد تتزوج من بعده، أولاده بعد حين ينسونه, فلا بد من التفكر بالموت، الإنسان حينما يؤمن بالله عز وجل, ويصطلح معه, فالموت لا يرعبه كثيراً، الإنسان يخاف الموت بقدر ذنوبه، والدليل: قال تعالى: " قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ " الجمعة
علامة أن تكون مع الله في أحسن حال: ألّا تخاف الموت، علامة أنك مؤمن, ولك عمل طيب: أنك لا تخشى الموت، أما الظالم يكره الموت، الغادر يكره الموت، القاتل يكره الموت، الخائن يكره الموت ..!! يكرهون لقاء الله ...!!
لقد مر عليه الصلاة والسلام بمجلس قد استعلاه الضحك -فقد ترى جلسة بنزهة, فيها ضحك غير معقول، صوت مرتفع, وحركة, وتمطٍ، وتعليقات-.
قال: هؤلاء لو عرفوا ما أمامهم لما ضحكوا هذا الضحك، لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيراً ولضحكتم قليلاً .. ! فما بال الذين يضحكون لظلمهم ويفرحون لغدرهم ويسعدون لجورهم فهم مثل الملعون قارون لذلك قال له قومه " لا تفرح ان الله لا يحب الفرحين " القصص اي الفرحين امثالك يا قارون ..!!
أن يعلم الإنسان أن أمامه سؤالاً فهذا ضروري، والحساب دقيق، وأمامه جنة أو نار إلى الأبد، شيء مخيف، شيء مصيري.
يقول الله تعالي " وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ "(ق:19).. أن تجد الإنسان أمامك قلبا نابضا ، لسانا ناطقا ، وجها مشرقا ، إرادة تملأ الدنيا ..!! ثم من بين الأبناء والأصدقاء ..!! من بين الأطباء والاحباء .. من بين الغرباء والأقرباء ، من بين الأغنياء والفقراء.. يأتي مخلوق لا يراه احد ولا يشعر به احد...فجأة.. وفي لحظات تجد هذا القلب النابض قد توقف ، وهذا اللسان الناطق قد سكت ، وهذا الوجه المشرق قد ذبل ، وهذه الإرادة القوية قد تلاشت ..!! ماذا حدث ؟ !! هنا حار العلماء .. وسكت الأنبياء .. ورد رب الأرض والسماء " وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً "(الإسراء:85) .. ماذا جري ؟!! " قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ "(السجدة:11) إنها لحظات الرجوع " وَاتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ " (البقرة:281) انه يوم العودة .. عودة المخلوق إلي الخالق .. عودة المرزوق إلي الرازق ، عودة الضعيف إلي القوي ، عودة الفقير إلي الغني " يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ "(فاطر:15) وهذا تصوير القران للموقف المهيب " فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ* وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ* وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَكِن لَّا تُبْصِرُونَ* فَلَوْلَا إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ* تَرْجِعُونَهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ " (الواقعة : 83 -87)
ابو الدرداء يقول: عجبت لمؤمل والموت يطلبه، وغافل وليس بمغفول عنه، وضاحك ملء فيه لا يدري أساخط عنه الله أم راضٍ؟.
حكمة بالغة بالغة أرادها الله، أنواع الموت لا تعد ولا تحصى، من موت بلا سبب إطلاقاً، إلى مرض يدوم ثلاثين سنة طريح الفراش, يعني بأعلى درجات القوة يموت.
هذا مثل سباق الدنيا؛ الغني يموت، الفقير يموت، القوي يموت، الضعيف يموت، الذكي يموت، الأحمق يموت، الكافر يموت، كلهم يموت.
تعددت الأسباب والموت واحد !! لكن من ينزجر؟ من يتذكر؟ من يتعظ؟ كفي بالموت واعظا ...
رجل سأل طبيباً: نسبة نجاح العملية كم؟ قال له: بالمائة ثمانون، قال له: كيف؟ قال: إذا أجرى العمليةَ عشرةُ أشخاص فيموت اثنان، فقال: لا أريد, لأني أريد بالمائة مائة، فقال: لو كانت النتائج مائة في المائة لما مات أحد.
لذلك خطب عمر بن عبد العزيز رحمه الله اخر خطبة له فقال : أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّكُمْ لَمْ تُخْلَقُوا عَبَثًا ، وَلَنْ تُتْرَكُوا سُدًى . وَإِنَّ لَكُمْ مَعَادًا يَجْمَعَكُمُ اللَّهُ لِلْحُكْمِ فِيكُمْ وَالْفَصْلِ فِيمَا بَيْنَكُمْ ، فَخَابَ وَشَقِيَ عَبْدٌ أَخْرَجَهُ اللَّهُ مِنْ رَحْمَتِهِ الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ، وَجَنَّتِهِ الَّتِي عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ ، وَإِنَّمَا يَكُونُ الْأَمَانُ غَدًا لِمَنْ خَافَ اللَّهَ وَاتَّقَى ، وَبَاعَ قَلِيلًا بِكَثِيرٍ ، وَفَانِيًا بِبَاقٍ ، وَشَقْوَةً بِسَعَادَةٍ . أَلَا تَرَوْنَ أَنَّكُمْ فِي أَسْلَابِ الْهَالِكِينَ ، وَسَيَخْلُفُهُ بَعْدَكُمُ الْبَاقُونَ ؟ أَلَا تَرَوْنَ أَنَّكُمْ فِي كُلِّ يَوْمٍ تُشَيِّعُونَ غَادِيًا أَوْ رَائِحًا إِلَى اللَّهِ ، قَدْ قَضَى نَحْبَه ُ ، وَانْقَطَعَ أَمَلُهُ ، فَيَضَعُونَهُ فِي بَطْنِ صَدْعٍ مِنَ الْأَرْضِ غَيْرِ مُوَسَّدٍ وَلَا مُمَهَّدٍ ، قَدْ خَلَعَ الْأَسْلَابَ ، وَفَارَقَ الْأَحْبَابَ ، وَوَاجَهَ الْحِسَابَ ؟ . رحمه الله ، وقال عليه الصلاة والسلام : "نعمتان مغبون فيهما كثيرٌ من الناس الصحة والفراغ " وهنا يجدر بنا ان ندعو بدعاء الصديق أبو بكر رضي الله عنه يدعو : اللهم لا تدعنا في غمرة ولا تأخذنا على غرة ولا تجعلنا من الغافلين ...
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.