أعلن الدكتور المستشار محمد فؤاد جاد الله، نائب رئيس مجلس الدولة، أن حالة "الطوارىء" بالبلاد انتهت في 30 سبتمبر بقوة الإعلان الدستوري الصادر في 30 مارس، مع انقضاء الشهور الست التي حددها دون تمديد، وهو ما يطعن في تمديدها دون عرضها على إستفتاء شعبي. وأضاف خلال ندوة: "دستورية حالة الطوارىء فى ضوء الإعلان الدستوري" التي عقدها مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، الأحد، إن هناك صعوبة في بناء الدولة وإجراء الانتخابات البرلمانية في ظل سريان قانون الطوارىء وخاصة بعد ثورة 25 يناير التي أطاحت بنظام حسني مبارك. وحذر من أن الشعب المصري أمام محاولة لتحويل ثورته إلى "شعار براق" خال من مضامينه الثورية، ومحاولة العمل المنظم على تشويه الثوار واستنزاف طاقتهم، وصناعة الانقسامات فيما بينهم، وخلق ما أسماه ب "ثوار وهميين"، للوصول إلى حالة رفض شعبي للثوار الحقيقيين وسحب الالتفاف الشعبي من حولهم عبر اختلاق أزمات يومية. وأعرب جاد الله عن رفضه القاطع لقرار المجلس العسكرى بتفعيل قانون الطوارىء والتدخل فى وسائل الإعلام وعمليات الاقتحام والغلق ببعض القنوات الفضائية، فيما وصفها بأنها إجراءات إستثنائية وأمنية بمثابة تطبيق للأحكام العرفية. وخلص نائب رئيس مجلس الدولة إلى أن "تفعيل قانون الطوارىء رسالة سياسية أكثر منها قانونية لردع كل من يحاول الوقوف أو انتقاد المجلس العسكرى أو الحكومة وكأنهما فوق سيادة الشعب وسلطة فوق الدستور والقانون"، واصفًا القرار ب "اغتصاب دستوري، ومحاولة لإجهاض الثورة". وكان المجلس العسكري أعلن عقب اجتماعه مع رؤساء 13 من الأحزاب السياسية في مصر أنه يدرس وقف "حالة الطوارئ"، بعد الجدل الذي أثاره تمديدها حتى يونيو من العام المقبل دون استفتاء شعبي. وقال الدكتور جمال نصار، أستاذ القانون العام بكلية الحقوق، جامعة القاهرة، إن حالة الطوارىء لا يمكن فرضها بقانون بل بحكم دستورى، مضيفًا أن "الطوارىء" انتهى سريانها بصدور الإعلان الدستورى، وذلك لسقوط " الظهير الدستوري" الذى يبرر سريانها وظهور "ظهير دستوري" آخر لنص المادة 59 من دستور 1971. وأوضح أن مصر أمام احتمالين؛ أولهما أن المجلس العسكرى يحاول تفعيل النظام القديم للهيمنة عليه، أو طامع في السلطة ويريد ترتيب البيت من الداخل، بعدما أوجد تبريرًا موضوعيًا وظاهريًا لفرض حالة الطوارىء. من ناحيته، انتقد الدكتور محمد نور فرحات، الفقيه الدستوري، أستاذ القانون بجامعة الزقازيق، الوضع الراهن في مصر، قائلاً إنها تعيش حالة ارتباك قانوني شديد، وإن القانون لا يعرف لفظ "التفعيل"، وهو إما أن يكون "مطبقًا" أو "يلغى"، لأن لفظ "تفعيل" لا وجود بالقانون، واصفًا الأمر ب "اللغو بالقانون". وطالب فرحات المجلس العسكرى بإلغاء حالة الطوارىء فورًا، بعدما وصف تفعيلها بأنه "ابتداع جديد لم يشمله الإعلان الدستوري"، وقال إنه "كان على المجلس العسكرى اللجوء إلى إدارة الفتوى والتشريع بمجلس الدولة لاستصدار رأي قانوني بهذا الشأن وليس اللجوء إلى "الفتاوى الفردية" فى تفعيل القانون" ورأى فرحات أن القوانين الطبيعية تتضمن ما يكفي لمواجهة أعمال "البلطجة والإرهاب"، وأن "الطورائ" لا تمنع إيقاف تهديد أمن البلاد للخطر، كما أن الأجهزة الأمنية فى مصر لديها القدرة على إنتاج القانون والضبط والتحقيق وتنفيذ الأحكام ومواجهة حرق الكنائس والإخلال بالأمن دون استخدام حالة الطوارىء. وقال إن "الطوارىء" أوجدت لدى رجال الشرطة عادة مهينة، في أن يتعاملوا مع المواطن متحللين من أي ضوابط قانونية أو مادية دستورية". من جانبه، أعلن خالد علي، مدير المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، أنه قام برفع دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى ضد الدكتور عصام شرف، رئيس مجلس الوزراء والدكتور محمد عبد العزيز الجندي، وزير العدل، لامتناعهما عن إحالة المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية 126 لسنة 2010 والمادتين 59 و62 من الإعلان الدستوري الصادر فى 30 مارس 2011 للمحكمة الدستورية العليا لتفسيرهما والوقوف على مدى سقوط حالة الطوارىء من عدمه. وقال إن مصر تشهد حالة مريرة وصراعًا بين قوى الثورة المصرية التى تتوق إلى الحرية والعدالة الإجتماعية وبعض القوى والسلطات التى تسعى لإعادة لإنتاج نظام بوليسي وقمعي يسمح بالانفراد بحكم البلاد، معتبرًا أن ذلك تجلي في انتشار فرق البلطجة المنظمة في ظل غياب أمني لم تشهده البلاد بهدف خلق حالة فوضى تساعد على قبول فرض القوانين الاستثنائية التي تصادر الحقوق والحريات تحت زعم استعادة هيبة الدولة.