فى الذكرى الرابعة لإحياء ثورة 25 يناير، ظهرت عدة حركات تتبنى العنف، وتتخذه منهجًا في مواجهة السلطة، كرد فعل على ممارساتها القمعية ضد معارضيها، وللثأر لعمليات القتل والانتهاكات الواسعة ضد المعتقلين بالسجون، كمبرر لها في اللجوء إلى استراتيجية العنف، بعدما أعلنت أنها سئمت سلمية الإخوان. وكان من بين هذه الحركات "العقاب الثوري" و"المقاومة الشعبية" و"مجهولين" و"حسم" و"مولوتوف ضد الانقلاب"، وأعلنت صراحة استخدام السلاح فى وجه كل من يعتدي على المتظاهرين فى الشوارع، وتبنت عدة عمليات جرت خلال الفترة الماضية. وأكدت هذه الحركات أن شباب مصر هو المحرك الرئيسي للثورة التي أضاعتها الحسابات السياسية لأطراف محتفلة، ورأت ضرورة أن "تنتهج المسار الثوري الصحيح للتخلص من النظم الدكتاتورية والقمعية التى تعمل على وأد الثورة عمومًا". وقابلت الجماعة بروز هذه الحركات المسلحة بالصمت وعدم نفيها علاقتها به وما تمارسه من عنف، إلا أنه مع إعلان حركات أكثر عنفًا مثل تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" انضمام أعداد كثيرة من الإخوان إلى صفوفه، وخروجهم عن بيعة محمد بديع، المرشد العام للجماعة، ومبايعتهم أبي بكر البغدادي، زعيم "داعش"، سارعت الجماعة إلى نفى علاقتها بكل هذه الحركات واسترجاع شعار مرشدها "سلميتنا أقوى من الرصاص". إذ قال محمد منتصر، المتحدث الإعلامي باسم "الإخوان"، إن موقف الجماعة هو "الرفض التام لكل أعمال العنف ولا علاقة لنا بأي جماعات أو حركات تقوم بالعنف"، مضيفًا أن "الإخوان ترفض كل أعمال العنف، ثورتنا سلمية وستظل سلمية". ونفى منتصر، علاقة الجماعة بجماعة "أنصار بيت المقدس" و"العقاب الثوري" و"المقاومة الشعبية"، وغيرها من الجماعات، مشددًا على أن جماعة الإخوان "ترفض نهج العنف تمامًا ولا علاقة لها بأي جماعات أو حركات تقوم بالعنف". وحمل النظام الحالي المسؤولية عن زيادة العنف وخلق ما أسماه "بيئة العنف" للجماعات والمجموعات التي تقوم بذلك. وفى هذا الإطار، أكد إسلاميون، أن الحركات العنيفة التى طفت على الساحة شعبية تكونت نتيجة العنف الذي يمارسه النظام ولا تمت للجماعة بصلة، مشيرين إلى أن ارتفاع وتيرة الأحداث وتكرار الضربات الموجعة للمعارضين قد تعرض البلاد لحالة فوضى كبرى. وقال الدكتور عمرو عادل، القيادي بحزب "الوسط"، إن "سلمية الإخوان المسلمين هي من جرأت المؤسسة العسكرية على الإطاحة بهم"، مشيرًا إلى أن "ما يحدث من عنف تقوم به قوة ثالثة خارج نطاق الإسلاميين"، وصفها بأنها "مجموعات مقاومة تطورت يومًا بعد يوم من قبل الرافضين لعنف النظام الحالى وتمثل الشعب المصرى الثائر". وردًا على ظهور عشرات الحركات تبنت العنف لمواجهة النظام الحالى وتم نسبتها لجماعة الإخوان، رأى عادل أن "ظهور هذه الكيانات غير مرتبط تنظيميا بالإخوان وإنما نتيجة طبيعية لما يحدث في الشارع"، وأرجع ذلك إلى ما وصفه ب "الجنون الممارس من طبقة الفساد المسلح الحاكمة". واعتبر أنه "من الخطأ البالغ من كل الأطراف أنها حصرت الصراع فى ثنائية العسكر والإخوان وأغفل الجميع أن هناك شعبًا منتهكًا"، مشيرًا إلى أن ظهور تنظيم "داعش" في هذا المناخ القاتم يدفع الكثير إلى التحرك تجاهه، حيث أظهرت الأحداث أن العالم لا يرى إلا القوة. وقال إن "احتمالية صنع النظام لمثل هذه الحركات لتصدير عنف الجماعة وارد، ولكن بدرجة ليست كبيرة بعد تجاوز الشارع لهذه الفرضية؛ لأن ارتفاع وتيرة تلك الأحداث تزيد من سيولة الدولة وتجعلها مع عدة ضربات موجعة قد تتعرض لحالة فوضى كبرى". ومضى قائلا: "لو استمر التصعيد على هذا المعدل عدة أسابع ستفقد السلطة قدرتها على السيطرة تمامًا". من جهته، قال مصطفى البدري، عضو المكتب السياسي ل "الجبهة السلفية"، إن الجماعة لا تصرح بكفر كثير من الكفار الأصليين، ولا تجاهد من يستحق الجهاد، ولا تتبرأ ممن أوجب الله عليهم التبرؤ منه، ولا تستنكر إلا ما يستنكره النظام العالمي "الإرهابي"، مضيفًا أنها استنكرت أحداث نيويورك والرياض ولم تستنكر ما فعله الأمريكان بأفغانستان والعراق، وأدانت أفعال "داعش" ولم تدن جرائم التحالف الدولي المتتابعة. وأوضح البدرى أن "ادعاء انتهاج الجماعة للعنف إنما هو لإجبارها على تقديم مزيد من التنازلات عن قيمها ومبادئها، ولشرعنة النظام العالمي المؤسس لإلغاء فكرة الجهاد الإسلامي"، لافتًا إلى أن "هذا النظام العالمي يسمح لكل الطوائف بحيازة السلاح واستعماله ضد المسلمين". ورأى أن "هذه الحركات التي تتبنى العمل المسلح، كثير منها جاءت كرد فعل طبيعي لعنف الجيش والشرطة والقضاء فى مصر، حيث لم يجدوا سبيلا لدفع الظلم إلا هذا السبيل، وليس لهم انتماء لجماعة ولا تنظيم معين، وأغلبهم تلاقوا بغير ترتيب مسبق، وهو ما يتضح خلال خطاباتهم وتحركاتهم". وذكر أن "كثيرًا من الحركات التى تتبنى العنف المسلح لا تنتمى للإخوان (كتنظيم)، إنما قد ينضم لها بعض أفراد من شباب الجماعة بسبب ما يستشعرونه من ظلم وقهر على كل المستويات". من جهته قال مختار غباشي، نائب مدير المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية: "الموقف ملتبس مما يصعب نسبة هذه الحركات لجهة معينة سواء جماعة الإخوان المسلمين النظام بغرض توريط الجماعة في العنف". وتابع: "لا توجد أدلة على أن هذه الحركات تابعة للجماعة كما لا توجد ما يدل على تبعيتها للنظام"، موضحًا أن "جماعة الإخوان أصبحت الواجهة لكل الاتهامات التي تلاحق التيار الإسلامي، بحيث أصبح من يقطع شجرة يتهم بأنه إخوان"، لافتًا إلى أن كل طرف يتخذ إمكانياته لكسر الطرف وأن الكل يبحث عن مخرج ولكن الآليات غير واضحة.