"فاتح كابل".. الأزهري، صاحب الماجستير في الفلسفة الإسلامية، إنه برهان الدين رباني بن محمد يوسف، الذي اغتيل الثلاثاء 20 سبتمبر 2011 خلال وجوده بمنزله في العاصمة الأفغانية كابل. ورباني هو ثاني رئيس لدولة المجاهدين في كابل بعد سقوط الحكم الشيوعي فيها في أبريل 1992م. خرج من كابل في 26 سبتمبر 1996م على يد حركة طالبان. ظل ينتقل في ولايات الشمال التابعة له. ويعتبر أحد أبرز زعماء تحالف المعارضة الشمالي السياسيين، والمعارض لطالبان. وهو رغم أنه أول من دخل كابل عقب طرد الاحتلال السوفييتي، إلا أنه بعد 32 عامًا قُتل بها، ليسدل الستار على أحد المجاهدين الذين ناضلوا من أجل التحرر ضد السوفييت –قائدة العالم آنذاك-، ومات قبل أن تتحرر بلاده من احتلال جديد بقيادة الولاياتالمتحدة –قائدة العالم في هذا الزمان. من هو؟ رباني من مواليد 1940م في مدينة فيض آباد مركز ولاية بدخشان. ينتمي إلى قبيلة اليفتليين ذات العرقية الطاجيكية السنية. التحق بمدرسة أبي حنيفة بكابل، وبعد تخرجه من المدرسة انضم إلى جامعة "كابل" في كلية الشريعة عام 1960م، وتخرج منها عام 1963م، وعُيِّن مدرسًا بها. في عام 1966 التحق بجامعة الأزهر وحصل منها على درجة الماجستير في الفلسفة الإسلامية، عاد بها إلى جامعة كابل ليدرس الشريعة الإسلامية. واختارته الجمعية الإسلامية ليكون رئيسًا لها عام 1972. وفي عام 1974 حاولت الشرطة الأفغانية اعتقاله من داخل الجامعة، ولكن نجح في الهروب إلى الريف بمساعدة الطلبة. لم يحظ رباني بآراء الناخبين لقيادة الحركة الإسلامية في الانتخابات التي أجريت خارج أفغانستان عام 1977م، وهو ما أدى إلى انشقاق في الحركة الإسلامية التي انقسمت إلى حزبين: "الحزب الإسلامي" الذي كان يقوده قلب الدين حكمتيار، و"الجمعية الإسلامية" التي كان يقودها الأستاذ رباني. ومنذ الاحتلال السوفييتي لأفغانستان عام 1979 كان برهان الدين رباني مشاركًا في أعمال المقاومة ضد السوفييت التي عرفت ب"الجهاد الأفغاني"، وكانت قواته أول القوات التي تدخل كابل بعد هزيمة الشيوعيين فيها. وشغل قبل مقتله منصب رئيس المجلس الأعلى للسلام في أفغانستان. تاريخه السياسي في اتفاق بيشاور الذي وقّع يوم 24/4/1992 من قبل الأحزاب السبعة المشتركة في الاتحاد الإسلامي لمجاهدي أفغانستان مع حزب الوحدة الشيعي والحركة الإسلامية (الشيعية – محسني)، تمت الموافقة على تشكيل حكومة مؤقتة لمدة شهرين برئاسة صبغة الله مجددي، ثم أربعة أشهر لبرهان الدين رباني، كما نصت على أن تكون وزارة الدفاع للجمعية، ولم يقبل الحزب الإسلامي (حكمتيار) بالاتفاقية رغم توقيعه عليها، وقام بالهجوم على كابل، وبعد أن مد رباني فترة رئاسته انتهت هذه الاتفاقية تمامًا. عادت الأحزاب السابقة يوم 7/3/1993 للاجتماع في إسلام آباد عقب معارك ضارية في كابل، ووقّعت على اتفاقية عرفت باتفاقية إسلام آباد، اشتركت فيها السعودية وباكستان، ونصت على رئاسة الدولة لرباني لمدة 18 شهرًا وتولي قلب الدين حكمتيار رئاسة الوزراء ووقف إطلاق النار. لكن الاتفاقية لم تنفذ بسبب تبادل الاتهامات بين الحزب الإسلامي والجمعية، ونقض الاتفاق ليندلع القتال من جديد بين رباني وحكمتيار. في 1/1/1994 تعرض رباني لمحاولة انقلابية فاشلة على يد تحالف ضم حكمتيار ودوستم ووصبغة الله مجددي إضافة إلى حزب الوحدة الشيعي. وفي شهر يوليو 1994 جدد مجلس ولاية هرات فترة رئاسة رباني لمدة عام آخر. وفي نوفمبر من العام نفسه بدأت حركة طالبان في الظهور، وفي العام التالي (1995) أعلن رباني أنه على استعداد للتفاوض مع المعارضة، ووقّع بالفعل اتفاقًا مع حكمتيار عام 1996 يقضي بالعمل المشترك واقتسام السلطة، لكن حركة طالبان لم تمهلهم، فقد استولت على العاصمة الأفغانية كابل وأعلنت نفسها حكومة شرعية للبلاد. رباني وطالبان ظل رباني الذي خلعته طالبان من منصبه يعارض هذه الحركة، وتزعم تحالفًا للمعارضة اشتهر باسم الجبهة المتحدة لإنقاذ أفغانستان، ولا يزال يلقى اعترافًا من العديد من دول العالم، إضافة إلى احتفاظه بمقعد أفغانستان في الأممالمتحدة. ولكن عكس طالبان، عندما كان رباني في السلطة سمح للنساء الأفغانيات بالعمل والتحاق الفتيات بالتعليم المدرسي العالي. كان يُنظر إلى جهود رباني من خلال المجلس الأعلى للسلام باعتبارها خيط أمل تتعلق به أفغانستان كي تخرج من دوامة حروب لا تكاد تنقطع. ولكن مقتل رباني في هجوم الثلاثاء يلقي بظلال قاتمة من الشك على احتمالات نجاح جهود المصالحة الداخلية، وربما تتوقف جميع الاتصالات بين طالبان من جهة والرئيس الحالي حامد كرزاي وقيادة الاحتلال من جهة أخرى، لتستمر أفغانستان في دوامة من العنف لن ينهيه سوى رحيل الاحتلال. المصدر : الإسلام اليوم