وقعت مصر وفرنسا رسميا، مساء اليوم الإثنين، اتفاقيات تعاون عسكري، تقضي بشراء القاهرة أسلحة متطورة من باريس، من بينها 24 طائرة "رافال". والصفقة أعلن عنها الرئيس الفرنسي، فرانسوا أولاند، الخميس الماضي، أثارت عده تساؤلات، لاسيما أنها الصفقة الأولى للطائرة منذ انتاجها عام 1986، بحسب بيان للإليزيه. 1-ما هي الطائرة رافال؟ هي طائرة مقاتلة فرنسية متعددة المهام من الجيل "الرابع والنصف"، صنعت من قبل شركة داسو أفياسيون. كان أول تحليق للطائرة عام 1986، لكن حدث تطوير لها عبر عده أجيال، حتى وصلت إلى الجيل الحالي (الرابع والنصف). ولدى الطائرة عده إمكانيات، تجعلها الأكثر تطورا، بحسب صحيفة "ليزيكو" الاقتصادية الفرنسية في عددها الصادر يوم الثلاثاء الماضي، ومنها، وفق مراسل الأناضول : أولا: يمكن للطائرة حمل صواريخ اعتراضية مضادة للطائرات وصواريخ لضرب الأهداف الأرضية، كما أن بوسعها حمل أسلحة نووية، وتتنوع الصواريخ التي تشكل ترسانة الطائرة بين "Mica IR" و "EM" و"سكالب" الموجهة وAASM هامر"، بالإضافة إلى صاروخ "ايكوست" المضاد للسفن. ثانيا: تستطيع الرافال حمل 9 أطنان من الأسلحة في 14 نقطة على جسم الطائرة تمكنها من حمل أنواع مختلفة من صواريخ (جو- أرض) وصواريخ (جو - جو)، وصواريخ مضادة للسفن، إضافة إلى قدرتها على تنفيذ هجمات استراتيجية بأسلحة نووية وصواريخ كروز التي تم إعدادها للاستخدام على الطائرة في 2005. ثالثا: تستطيع الطائرة حمل 6 صواريخ "إي إي إس إم" الفرنسية التي تصل دقة تصويبها إلى 10 أمتار، إضافة إلى مدفعان 30 مم سعة 2500 طلقة. رابعا: تحمل رادار " أر بي إي 2" الإيجابي الذي تم تطويره بواسطة شركة سالس الفرنسية والذي يستطيع متابعة 8 أهداف في وقت واحد. 2- لماذا لم تسوق الطائرة رافال قبل بيعها لمصر؟ ورغم هذه الإمكانيات المرتفعة للطائرة، إلا أنها لم تسوق من قبل ، ويعد عقد تصديرها لمصر هو الأول من نوعه. وفي تصريحات سابقة لوكالة الأناضول، أرجع صفوت الزيات العميد المتقاعد بالجيش المصري ذلك، إلى أن سعر الطائرة رافال لا يعد تنافسيا، قياسا بأنواع أخرى من الطائرات. وفي وقت سابق رفضت الهندوالبرازيل شراء الطائرة الفرنسية "رافال"، رغم اهتمامها بالطائرة. وقال الزيات "الهند رأت حينها أن ما تحتاجه من الطائرة لا يعادل الثمن المقرر لشرائها، فقررت حينها الاستغناء عنها، واستبدالها بالطائرة الروسية " SU-50-PAK" . وتابع "كان المقرر بيع 36 طائرة رافال للهند بقيمة 8 مليارات دولار، بما يعادل 340 مليون دولار للطائرة الواحدة ، شاملة خدمات الصيانة والتدريب، لكنها فضلت الطائرة الروسية التي تؤدي الأهداف المطلوبة وتباع بسعر أقل". الخبير العسكري أشار أيضا إلى أن "نفس الأمر حدث بالنسبة للبرازيل، والتي قررت استبدال الطائرة رافال بالطائرة السويدية (جريبين) لنفس السبب". وفشلت صفقة بيع الطائرة الفرنسية، والتي قدرت حينها بعدد 126 طائرة بقيمة 30 مليار دولار، ولجأت البرازيل حينها للطائرة "جريبين". وكانت الإمارات العربية المتحدة قد رفضت في نوفمبر من عام 2011 شراء الطائرة "رافال " لنفس السبب الاقتصادي، ووصف الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبو ظبي، أسعارها بأنها "غير تنافسية". وقال بن زايد، في تصريحات صحفية حينها، "للأسف يبدو أن شركة داسو لا تدرك أن الإرادة السياسية وكافة الجهود الدبلوماسية لا يمكنها أن تتغلب على الشروط التجارية غير التنافسية وغير القابلة للتطبيق العملي". 3- لماذا الصفقة في هذا التوقيت؟ وإذا كانت الهندوالبرازيلوالإمارات قد رفضوا الطائرة لأسباب اقتصادية، فإن توقيت الصفقة من الأسئلة الهامة التي ينبغي البحث عنها. فعلى الرغم من السعر غير التنافسي لها، إلا أن الصفقة تحكمت فيها السياسة أكثر من الاقتصاد، كما قال العميد المتقاعد صفوت الزيات في وقت سابق للأناضول. وقال الزيات: "هناك ثلاثة أسباب ذات بعد عسكري، أولها رغبة مصر في تأييد فرنسا لموقفها من الأزمة الليبية، وثانيها حاجتها لتقديم رسالة لأمريكا أن بإمكانها تنويع مصادر تسليحها، وثالثها عن الحاجة إلى تحقيق توازن معقول مع إسرائيل فيما يتعلق بقدرات سلاح الجو، خاصة بعد إعلان الولاياتالمتحدةالأمريكية تزويد إسرائيل بطائرات إف 35، وهي أحدث طائرات في سلاح الجو الأمريكي". 4- ما هي قيمة الصفقة وطريقة سدادها؟ ووفق وكالة الأنباء الرسمية المصرية، فإن الاتفاقيات تشمل شراء مصر 24 طائرة مقاتلة من طراز "رافال" وفرقاطة متعددة المهام من طراز "فريم" وصواريخ قصيرة ومتوسطة المدي من طراز "ام بي دي ايه"، في صفقة قيمتها 5.2 مليار يورو. بينما أفادت صحيفة "ليزيكو" الاقتصادية الفرنسية، يوم 5 فبراير/ شباط الجاري، أن "قيمة الصفقة، بين 5 - 6 مليارات يورو (بين 5.73 مليار و6.88 مليار دولار)، ويمكن أن تمول شركة "كوفاس" الفرنسية للتأمين على الديون ما يصل إلى 50 % من الصفقة عبر تسهيل ائتماني". وقالت مجلة لوبوان الفرنسية، الثلاثاء الماضي، إن "الصفقة في حدود 5.3 مليار يورو، شاملة الطائرات والسفينة وتسليحها، دون اعتبار كلفة التأمين الخارجي، بعد أن ضمنت الحكومة الفرنسية نصف مبلغ الصفقة، ويمكن أن تمول شركة (كوفاس) الفرنسية للتأمين على الديون ما يصل إلى 50 % من الصفقة عبر تسهيل ائتماني". 5- كيف تمت هذه الصفقة ؟ وقال إيمانويل بريتا الصحفي السياسي بمجلة لوبوان الفرنسية إنه "تم إنجاز اتفاق بشأن الصفقة خلال الزيارة التي قام بها وفد عسكري مصري رفيع المستوى برئاسة اللواء محمد العصار مساعد وزير الدفاع المصري لمكتب وزير الدفاع الفرنسي (جان إيف لو دريان)". بينما أشارت صحيفة "ليزيكو" الاقتصادية الفرنسية، يوم 5 فبراير/ شباط الجاري الي أن الزيارة التي قام بها وفد فرنسي منتصف يناير/كانون الثاني الماضي لمصر كانت لوضع اللمسات الأخيرة على الصفقة التي تعد الأضخم في تاريخ التعاون العسكري بين الجيش المصري وأوروبا. وكانت صحيفة "لا تريبيون" الفرنسية قد ذكرت يوم 19 يناير/كانون الثاني الماضي أن "الوفد الفرنسي عاد إلى باريس محملا بانطباعات إيجابية اطمأن فيها لجميع الجوانب العسكرية والمالية للصفقة من المسؤولين المصريين". وأوضحت حينها أنه بعد انتهاء زيارة الوفد الرسمي زار "اريك ترابيير" الرئيس التنفيذي لشركة "داسو افياسيو" المصنعة لمقاتلات "رافال" مصر، لاستكمال بعض الجوانب الفنية في الصفقة. 6-متي أعلن الصفقة رسميا ؟ وصل القاهرة، بعد ظهر اليوم الإثنين، وزير الدفاع الفرنسي جون ايف لودريان على رأس وفد عسكري لتوقيع الصفقة، وبالفعل مساء اليوم، وقع الجانبان اتفاقيات تعاون عسكري، تقضي بشراء القاهرة أسلحة متطورة من باريس، من بينها فرقاطة بحرية و24 طائرة "رافال". وشهد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بحسب وكالة الأنباء المصرية الرسمية، مراسم التوقيع.