انتهاء التصويت باليوم الأول من انتخابات مجلس النواب 2025    واشنطن تعلّق عقوبات قانون قيصر على سوريا لمدة 180 يوما    ترامب يطالب مراقبي الحركة الجوية بالعودة إلى العمل مع ارتفاع حالات إلغاء الرحلات    ترامب يصدر عفوا عن شخصيات متهمة بالتورط في محاولة إلغاء نتائج انتخابات الرئاسة 2020    العراق يرفض تدخل إيران في الانتخابات البرلمانية ويؤكد سيادة قراره الداخلي    طاقم تحكيم إماراتي لإدارة سوبر اليد بين الأهلي وسموحة    تبرع ثم استرداد.. القصة الكاملة وراء أموال هشام نصر في الزمالك    غدا.. جنازة المطرب الشعبي الراحل إسماعيل الليثي من مسجد ناصر بإمبابة    نقيب موسيقيين المنيا يكشف اللحظات الأخيرة من حياة المطرب الراحل إسماعيل الليثي    عاجل - محمود عبد العزيز يبرئ دينا الشربيني من التسبب بطلاقه    وزير الاستثمار يبحث مع وزير التجارة والصناعة الكويتي مضاعفة حجم التجارة البينية والاستثمارات المشتركة    تموين الإسكندرية تحبط محاولة لبيع نصف طن زيت وسكر تمويني بالسوق السوداء    الأمم المتحدة: إسرائيل بدأت في السماح بدخول المزيد من المساعدات إلى غزة    الاتحاد السكندري يفوز على سبورتنج وديًا استعدادًا للجونة بالدوري.. ومصطفى: بروفة جيدة    د. وائل فاروق: الأدب العربى لا يحتل المكانة اللائقة لأنه لا يؤمن باستحقاقها    محافظ بني سويف: إقبال السيدات مؤشر إيجابي يعكس وعيهن بأهمية المشاركة    معامل الإسماعيلية تحصد المركز السادس على مستوى الجمهورية بمسابقة الأمان المعملي    غرفة عمليات الجيزة: لا شكاوى من حدوث تجاوزات في انتخابات مجلس النواب حتى الآن    وزير الصحة يستقبل نظيره اللاتفي لتعزيز التعاون في مجالات الرعاية الصحية    وزير التموين: توافر السلع الأساسية بالأسواق وتكثيف الرقابة لضمان استقرار الأسعار    أخبار الإمارات اليوم.. محمد بن زايد وستارمر يبحثان الأوضاع في غزة    قريبًا.. الذكاء الصناعي يقتحم مجالات النقل واللوجستيات    دعاء مؤثر من أسامة قابيل لإسماعيل الليثي وابنه من جوار قبر النبي    هل يظل مؤخر الصداق حقًا للمرأة بعد سنوات طويلة؟.. أمينة الفتوى تجيب    المستشارة أمل عمار: المرأة الفلسطينية لم يُقهرها الجوع ولا الحصار    ابدأ من الصبح.. خطوات بسيطة لتحسين جودة النوم    طريقة عمل الكشرى المصرى.. حضري ألذ طبق علي طريقة المحلات الشعبي (المكونات والخطوات )    في أول زيارة ل«الشرع».. بدء مباحثات ترامب والرئيس السوري في واشنطن    شقيق الفنان محمد صبحي: حالته الصحية مطمئنة ويغادر المستشفى غداً    فيلم عائشة لا تستطيع الطيران يمثل مصر في المسابقة الرسمية لمهرجان مراكش السينمائي    نماذج ملهمة.. قصص نجاح تثري فعاليات الدائرة المستديرة للمشروع الوطني للقراءة    العمل تسلم 36 عقد توظيف للشباب في مجال الزراعة بالأردن    انطلاق اختبارات مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن بكفر الشيخ    الآثار: المتحف الكبير يستقبل 19 ألف زائر يوميًا    علاء إبراهيم: ناصر ماهر أتظلم بعدم الانضمام لمنتخب مصر    ما حكم المشاركة في الانتخابات؟.. أمين الفتوى يجيب    الأربعاء.. فن الكاريكاتير وورشة حكى للأوبرا فى مركز محمود مختار بمناسبة اليوم العالمى للطفولة    انتخابات مجلس النواب 2025.. إقبال كثيف من الناخبين على اللجان الانتخابية بأبو سمبل    تشييع جثماني شقيقين إثر حادث تصادم بالقناطر الخيرية    البنك المركزي: ارتفاع المعدل السنوي للتضخم الأساسي إلى 12.1% بنهاية أكتوبر 2025    تعرف على مدة غياب كورتوا عن ريال مدريد بسبب الإصابة    تاجيل محاكمه 17 متهم باستهداف معسكر امن مرغم بالاسكندريه    الاتحاد الأفريقي يدعو لتحرك دولي عاجل بشأن تدهور الوضع الأمني في مالي    صور| رئيس منطقة الغربية الأزهرية يتابع انتظام الدراسة بالمعاهد في طنطا    بث فيديو الاحتفال بالعيد القومي وذكرى المعركة الجوية بالمنصورة في جميع مدارس الدقهلية    بالصور| سيدات البحيرة تشارك في اليوم الأول من انتخابات مجلس النواب 2025    كشف هوية الصياد الغريق في حادث مركب بورسعيد    تأجيل محاكمة «المتهمان» بقتل تاجر ذهب برشيد لجلسة 16 ديسمبر    وزير النقل التركي: نعمل على استعادة وتشغيل خطوط النقل الرورو بين مصر وتركيا    ماذا يحتاج منتخب مصر للناشئين للتأهل إلى الدور القادم من كأس العالم    حالة الطقس اليوم الاثنين 10-11-2025 وتوقعات درجات الحرارة في القاهرة والمحافظات    الرعاية الصحية: لدينا فرصة للاستفادة من 11 مليون وافد في توسيع التأمين الطبي الخاص    وزارة الصحة: تدريبات لتعزيز خدمات برنامج الشباك الواحد لمرضى الإدمان والفيروسات    انطلاق قوافل التنمية الشاملة من المنيا لخدمة المزارعين والمربين    جامعة قناة السويس تحصد 3 برونزيات في رفع الأثقال بمسابقة التضامن الإسلامي بالرياض    تنوع الإقبال بين لجان الهرم والعمرانية والطالبية.. والسيدات يتصدرن المشهد الانتخابي    د.حماد عبدالله يكتب: " الأصدقاء " نعمة الله !!    شيكابالا عن خسارة السوبر: مشكلة الزمالك ليست الفلوس فقط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البلطجة والثورة
نشر في المصريون يوم 18 - 09 - 2011

يوم الخميس الماضي كنت في زيارة لأحد الباحثين بمكتبة المخطوطات المركزية للأوقاف الملحقة بمسجد السيدة زينب وهي مكتبة حديثة النشء تعد من محاسن وزارة الأوقاف التي يندر أن نجد لها عملا يستحق الإشادة في هذا العهد البائد . وهي تقع بموقع متميز وحولها سور جميل ومدخل رائع . وصدق أو لا تصدق فحين هممت بالدخول وجدت أمام باب المكتبة سربا من البط فخفت أن أقطع عليه طعامه ووقفت أتأمل وأتعجب . وقلت في نفسي : لعل المكتبة أرادت أن تحذو حذو بعض التقاليد في بعض البلدان بتربية الحمام فاستعاضت عنه بالبط . وشتان بين الحمام والبط !! فالبط مكانه الماء وليس أمام أبواب المنشآت العامة .
ووقفت أتأمل المشهد العجيب فلمحني صديقي وأسرع إلي ليأخذ بيدي للدخول للمكتبة . وكررت عليه ما كان يجول بخاطري هل هذا تقليد عندكم جديد تستقبلون به الزوار ؟ فضحك وقال لي : إنها البلطجة يا سيدي التي جاءت لنا بالبط لكي يربى في مدخل مكتبة عالمية يقصدها الزوار من كل أنحاء العالم ، فمنذ الثورة جاء بعض الناس واحتلوا هذا المكان وفعلوا ما رأيت ولا يستطيع أحد منا أن ينكر عليهم !!
ورحت أفكر في المنظر القبيح أمام الجامع الأزهر من باعة أحشاء الحيوانات والكرشة وغيرها مما هو معروف ومن قلة الاهتمام بهذا الصرح العظيم !!
وبينما أنا في طريق عودتي أفكر في هذا الانفلات الأخلاقي إذا بي أمر أحد الشوارع الرئيسة بمدينة نصر فأرى شادرًا كبيرا - يكاد يأخذ معظم الشارع ومعطلا لسير السيارات - به قطيع كبير من الأغنام ويقوم البائع بذبحه في وضع مأساوي رهيب . فالتراب ومخلفات الذبح مع تراب والحر شديد توحي بالدمار ، إضافة لمأساة الخراف وهي تجري أمام السيارات وتعطل المرور .. فلا صحة ولا تموين تراقب ولا مرور يحاسب ولا مسئول يمر فيمتعض ويتخذ إجراء يغير به الحال . فإنا لله وإنا إليه راجعون .
* * *
إن الانحطاط الأخلاقي الذي نشهده اليوم في الشارع المصري لا يجب أن يحمله الناس للثورة العظيمة التي حررتهم من الاستعباد والاستبداد ، فهو أحد نتائج الانحطاط الحضاري الذي شهدته مصر على مر العقود الماضية من حكم جرف الحياة في كافة نواحيها سياسيا واقتصاديا وتعليميا واجتماعيا وأخلاقيا .. إلخ . والسنة الإلهية يقررها القرآن : { إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم } .
وإذا كانت البلطجة هي المسئولة عما وصل إليه حال الشارع المصري اليوم من فقدان للأمن فنحن بحاجة لجهود ينبغي أن تبذل من في البيت والمدرسة والمسجد والشارع .. لترد الناس للخلق الجميل الذي هو من صميم الدين ، وفي الحديث : (( وخالق الناس بخلق حسن )) ، فالأمر يرجع إلى الأخلاق ، ورسالة النبي صلى الله عليه وسلم تقوم على الأخلاق ، وفي الحديث الصحيح : (( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق )) ، وفي رواية (( صالح الأعمال )) ، رواه البخاري في الأدب المفرد 273 ، وكما يقول الغزالي : (( الخلق هيئة في النفس راسخة ، عنها تصدر الأفعال بسهولة ويسر من غير حاجة إلى فكر وروية ، فإن كانت الهيئة بحيث تصدر عنها الأفعال الجميلة المحمودة عقلا وشرعا سميت تلك الهيئة خلقا حسنا ، وإن كان الصادر عنها الأفعال القبيحة سميت الهيئة التي هي المصدر خلقا سيئا )) الإحياء 3 / 52
وقد قال الشاعر :
إنما الأممُ الأخلاق ما بقيت * * * فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
* * *
فتعريف كلمة البلطجة ينبغي أن ينال حظا من الدراسات خاصة من علماء الاجتماع ، فهو لا يقتصر على أصحاب السوابق والألفاظ الخارجة التي أراد الإعلام التافه أن يسوقها لنا وإنما ينسحب التعريف على الكثير من طوائف المجتمع ..
فهناك الرئيس البلطجي الذي يتعامل مع شعبه وكأنه قطيع ومع بلده وكأنها عزبة وضيعة له ..!!
وهناك الوزراء البلطجية الذين يتعاملون مع وزارتهم على طريقة اهبش واجري !!
وهناك الضابط البلطجي المغرور الذي يظن نفسه أنه القانون ,هو من يحاسب البلطجية !!
وهناك الدكتور البلطجي قاسي القلب الذي لا يتقن عمله ولا همَّ له إلا أن يصطاد أموال المرضى بشتى الوسائل .. !!
وهناك المعلم البلطجي الذي يقدم باللفظ والفعل سلوكا قبيحا لتلاميذه ..!!
وهناك المهندس البلطجي الذي يكون سببا في هدم البيوت على رؤوس أصحابها إما إهمالا أو قصدا !
وهناك الصحفي البلطجي الذي يمارس كافة صور الدجل في الصحافة والإعلام المنفلت فيثير الفتن ويشيع الفاحشة في المجتمع ويبتز الناس من أجل متاع رخيص ..
وهناك البائع البلطجي المنفلت من كل الضوابط الأخلاقية والذي يتعامل يوميا مع المواطن في الشارع ، فهو لا يعرف الحرام والحلال ، والشطارة عنده كيف يسوق لك السلعة المغشوشة بأعلى الأثمان وكافة الحيل .
حتى في وعظ الناس بالمساجد والفضائيات وجدنا الواعظ البلطجي الذي يتاجر بالدين ويساير الحال فيعظ الناس بقوارص الكلم ويستخدم الألفاظ السوقية في وعظه ويعرض نفسه للتهم فيساء به الظن .
* * *
إن صفة الشخصية والحرية لا تعفي المسلم من السؤال على أثر عمله الفردي على الآخرين . فلا ضرر ولا ضرار . قال تعالى { ولتسئلن عما كنتم تعملون } النحل : 93 . قال ابن كثير : (( يسألكم يوم القيامة عن جميع أعمالكم فيجازيكم عليها ، على الفتيل والنقير والقطمير )) . والقائمة طويلة ... والله المستعان
فإذا كان الطريق يسع ثلاث حارات أو أربع وينساب المرور فيه بسهولة نجد أن بسلوك البلطجة والانفلات الأخلاقي تحوله لحارة واحدة ضيقة تعذب المارة وراكبي السيارات والأتوبيسات ..
والأمر لا يقتصر على مستوى معين بل تمتد أخلاق السوء لتشمل جميع أفراد المجتمع ..
قل لي بربك : ما الفرق بين بائع متجول يقف في الطريق بعربته فيتسبب في ازدحام الطريق ، وبين أحد رجال الأعمال يقف بسيارته الفارهة في منتصف الطريق ليؤدي معاملة في بنك أو مكتب ؟ الإجابة كلاهما بلطجي ..
وإذا كان كلا منهما عنده إجابة واحدة أنه حر في تصرفه فينبغي أن نعرفه خطأ هذا الكلام وأن نأخذ على يده سواء بسواء دون تمييز ، وعلى الإعلام المشغول بإثارة الفتن بين أفراد المجتمع ونشر التوافه من الأمور أن يعني بتنبيه الناس وبيان السلوك المرفوض الضار بالإنسان ومن الأخلاق التي لا يرضى الإسلام أن تكون من أخلاق المؤمنين به والله المستعان .
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.