غريب ان يرحب حزب الوفد اكبر حزب ليبرالي في مصر بتفعيل قانون الطواريء، هذا ما قاله بصريح العبارة البيان الصادر عن المكتب التنفيذي للحزب والذي رحب بالطواريء بشرط تطبيقها في اضيق نطاق، وفي ظل ضمانات تكفل حرية وكرامة وشرف المواطن المصري! وانا لا اعرف كيف يمكن تطبيق قانون الطواريء بكل حرية وكرامة وشرف، اذا كان القانون لا علاقة له من قريب او بعيد بالحرية والكرامة والشرف، ولا افهم كيف يمكن لحزب ليبرالي مثل الوفد ان يتخذ هذا الموقف ثم يطالب الحكومة والمجلس العسكري باجراء الانتخابات القادمة بعيدا عن الطواريء؟! بالطبع كان يمكن للوفد ان يعترض على تفعيل الطواريء كما فعلت غالبية الاحزاب والحركات السياسية، فالقرارخطوة في الاتجاه المعاكس ورجوع لأيام مبارك. وكان يمكن ان يدعو الى تطبيق قانون العقوبات في مواجهة اعمال التخريب، خاصة وانه يتضمن ترسانة من المواد الكفيلة بحفظ الامن والنظام العام . ولكن الوفد رأي ان اللجوء الى الطواريء له ما يبرره في ظل الانفلات الامني مع انه لا توجد دولة ديمقراطية واجهت الانفلات الامني بما يشبه الاحكام العرفية! عموما لا جديد في موقف الوفد، فقد سبق للحزب ان اتخذ هذا الموقف من الطواريء في عهد مبارك، وفى كل مرة كانت الحكومات السابقة تطلب تجديد الطواريء، كان زعيم الهيئة البرلمانية الوفدية يقف في مجلس الشعب مسجلا تحفظه وليس اعتراضه، وبعد فاصل من اللت والعجن يوافق على القانون بشرط تطبيقه على الارهاب وقضايا المخدرات. ومن الواضح ان موقف الوفد من الحريات العامة لا علاقة له بمواقفه في عهد سعد زغلول ومصطفي النحاس وفؤاد سراج الدين، وهذا طبيعي فالظروف لم تعد هي نفس الظروف ، والقيادات لم تعد نفس القيادات، واذا كانت الاحزاب يتزعمها الان رجال اعمال فمن المتوقع ان تكون مواقفها السياسية خاضعة لحسابات المكسب والخسارة! في عام 1924 قدم سعد زغلول زعيم الوفد ورئيس الوزراء استقالته للملك فؤاد احتجاجا على تعيين حسن نشأت باشا رئيسا للديوان الملكي ومنحه وشاح النيل الأكبر دون علم الحكومة وموافقتها طبقا للدستور ، واضطر الملك للتراجع عن قراره امام سعد زغلول! وفي عام 1937 رفض مصطفى النحاس زعيم الوفد ورئيس الوزراء تتويج الملك فاروق عقب بلوغه سن الرشد بشكل يتعارض مع الدستور بان يضع شيخ الازهر تاجا على راسه عند ادائه اليمين الدستورية وان يسلمه رئيس مجلس الشيوخ سيف جده محمد على واضطر الديوان الملكي للتراجع أمام النحاس! وفي عام 1953 اعترض النحاس باشا على قرار الضباط الاحرار بالغاء دستور 1923 وحل الاحزاب والتراجع عن الديمقراطية ولم يغير الرجل موقفه رغم اعتقاله هو وزوجته ووضعه تحت الحراسة ومصادرة امواله وحرمانه من حقوقه السياسية حتى توفي مديونا مشلولا في عام 1965 وفي عام 1977 رفض فؤاد سراج الدين زعيم الوفد طلب الرئيس السادات فصل الشيخ عاشور من عضوية الوفد بعد فصله من مجلس الشعب لاعتراضه على اتفاقية كامب ديفيد، وواصل سراج الدين دفاعه عن الحريات العامة رغم قرار السادات بحل الوفد وعزل زعيمه سياسيا واحالته للمدعي الاشتراكي بتهمة افساد الحياة السياسية! من الغريب حقا بعد كل هذه المواقف المشرفة ان يؤيد الوفد برئاسة الدكتور السيد البدوي تفعيل الطواريء، بدعوى مواجهة الانفلات الامني، فقانون العقوبات كاف تماما لحفظ الامن والنظام العام ،والاهم من ذلك انه لا يمكن اجراء انتخابات برلمانية ورئاسية حرة ونزيهة في ظل قانون الطواريء! من حق الناس ان تسأل: أين وفد سعد زغلول ومصطفي النحاس وفؤاد سراج الدين؟!