محافظ الشرقية يشهد حفل قسم لأعضاء جدد بنقابة الأطباء بالزقازيق    ارتفاع أسعار الملابس والأحذية بالأسواق المحلية 14.1% على أساس سنوي.. و1.7% على أساس شهري    جامعة القناة تنظم ورشة عمل حول مبادرة "تحالف وتنمية" لتعزيز الابتكار وريادة الأعمال    انطلاق الجولة الرابعة من المحادثات النووية بين طهران وواشنطن في مسقط    مصير الاتفاق النووى ومبادرات السلام.. جولة ترامب تربك حسابات إسرائيل    رئيس الأعلى للإعلام يستقبل رئيسة الهيئة الوطنية للإذاعة والتلفزيون الصينية    القنوات الناقلة لمباراة الاتحاد ضد الفيحاء في الدوري السعودي    تشكيل ريال مدريد الرسمي أمام برشلونة في الدوري الإسباني    إعلامي يكشف تحرك جديد في الزمالك لإيقاف أحمد سيد زيزو    كواليس أزمة عواد وصبحي في لقاء الزمالك وسيراميكا    الداخلية: ضبط 6 عصابات و216 سلاحا ناريا خلال 24 ساعة    الجوازات تواصل تسهيل خدماتها لكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة    رئيس منطقة المنيا الأزهرية يشدد على ضرورة التزام الطلاب والعاملين باللوائح المنظمة للامتحانات    الداخلية تضبط طالبا طعن زميله بسكين فى منطقة الزاوية الحمراء    المسلماني في منتدى الإعلام بالكويت: ماسبيرو بصدد إطلاق قنوات رقمية خلال الفترة المقبلة    هل شريكك برج الثور؟.. إليك أكثر ما يخيفه    هالة أبو السعد: الدعوة إلى تنظيم الفتوى ليست صراع نفوذ بل مسؤولية وطنية ودينية    قبل انطلاقه.. تعرف على لجنة تحكيم مهرجان «SITFY-POLAND» للمونودراما    أجندة قصور الثقافة هذا الأسبوع.. عروض مسرحية مجانية وتكريم رموز القرى    المطربة نعوم تستعد لطرح أغنية جديدة بعنوان "خانو العشرة"    أخبار «12x12»: «خناقة» بسبب قانون الإيجار القديم ومفاجأة عن طلاق بوسي شلبي    الأرصاد الجوية : درجة الحرارة " فى الظل " وصلت 40 درجة مئوية الساعة الواحدة ظهرا على القاهرة الكبرى    محافظ الشرقية يتابع تنفيذ مشروعات الإبراهيمية الخدمية والتنموية    إزالة 24 حالة تعدى على الأراضى الزراعية وأملاك الدولة بأسيوط    نائب محافظ قنا يتفقد المركز التكنولوجي ويشدد على تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين    جدول امتحانات الصف السادس الابتدائي في القليوبية 2025    ضوابط تقويم أداء الموظفين في القانون    قبل انتهاء مدة البرلمان بشهرين.. مرفت عبد النعيم تؤدي اليمين الدستورية خلفًا للنائبة رقية الهلالي    نظام غذائي صحي للطلاب، يساعدهم على المذاكرة في الحر    مرشح حزب سلطة الشعب بكوريا الجنوبية يسجل ترشحه للانتخابات الرئاسية    ارتفاع كميات القمح المحلي الموردة للشون والصوامع بأسيوط إلى 89 ألف طن    محافظ بنى سويف يكرّم الشاب عبد الله محمد لطفى لإنقاذه مواطنًا من الغرق    الخارجية الهندية: معاهدة تقاسم مياه نهر السند لا تزال معلقة    القاهرة الإخبارية: الاحتلال الإسرائيلى يواصل قصف الأحياء السكنية فى غزة    لا يهم فهم الآخرين.. المهم أن تعرف نفسك    هل يجبُ عليَّ الحجُّ بمجرد استطاعتي أم يجوزُ لي تأجيلُه؟ .. الأزهر للفتوى يجيب    وزير الخارجية والهجرة يستقبل رئيس المفاوضات الحكومية لإصلاح مجلس الأمن    محافظ الدقهلية يحيل مدير مستشفى التأمين الصحي بجديلة ونائبه للتحقيق    ماذا يحدث للشرايين والقلب في ارتفاع الحرارة وطرق الوقاية    رئيس الوزراء يشارك في احتفالية "تكافل وكرامة" ويكرم عددا من شركاء النجاح.. صور    من هو سيحا حارس مرمى الأهلي الجديد الذي سيتواجد بكأس العالم للأندية؟    النيابة تصرح بدفن جثة طالب أنهى حياته شنقا بسبب سوء معاملة أسرته في أبو النمرس    ضبط 575 سلعة منتهية الصلاحية خلال حملة تموينية ببورسعيد -صور    استئناف المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والصين في جنيف    محافظ الدقهلية يتفقد مركز دكرنس ويحيل رئيس الوحدة المحلية بدموه للتحقيق    عاجل- البترول تعلن نتائج تحليل شكاوى البنزين: 5 عينات غير مطابقة وصرف تعويضات للمتضررين    «حماة الوطن» بسوهاج يفتتح 9 وحدات حزبية جديدة بقرى ومراكز المحافظة    1500 فلسطيني فقدوا البصر و4000 مهددون بفقدانه جراء حرب غزة    لرغبتها في استمراره في أوربا .. زوجة كوتيسا تعرقل صفقة انضمامه للزمالك    «جوتيريش» يرحب باتفاق وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان    النسوية الإسلامية (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا): مكانة الأسرة.. فى الإسلام والمجتمع! "125"    ما حكم من نسي الفاتحة أثناء الصلاة وقرأها بعد السورة؟.. أمين الفتوى يجيب    أمين الفتوى يحذر من الحلف بالطلاق: اتقوا الله في النساء    حياة كريمة بالإسماعيلية.. الكشف على 528 مواطنا خلال قافلة طبية بالقصاصين    «التضامن» تقر تعديل وتوفيق أوضاع جمعيتين بمحافظة القاهرة    هل للعصر سنة؟.. داعية يفاجئ الجميع    الدوري الفرنسي.. مارسيليا وموناكو يتأهلان إلى دوري أبطال أوروبا    سامي قمصان يتحدث عن.. رحيل كولر.. المشاركة في كأس العالم للأندية.. وفرصة عماد النحاس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر.. مليونية جديدة بين "تصحيح المسار" ومخاوف من "تخريب البلاد"
نشر في المصريون يوم 10 - 09 - 2011

الدعوة الى تصحيح المسار، تعني أن ثمة خطأ يجب إصلاحه، والدعوة إلى تظاهرة مليونية تحت هذا المسمى يوم الجمعة 9 سبتمبر، تعكس قناعة أصحاب الدعوة بأن الثورة المصرية قد خرجت عن سياقها الثوري الطبيعي..
بل قناعة بأنه لابد من وقفة لإعادة الأمور إلى نصابها واستعادة روح ثورة يناير السلمية التوافقية التي اجتمع عليها الشعب المصري وكانت نتيجتها إسقاط النظام والإطاحة بنخبة الرئيس السابق مبارك ووضعهم في السجون.
الإجماع الغائب
غير أن الدعوة على هذا النحو، ليست محل إجماع من باقي القوى السياسية والحزبية، ومنهم قوى رئيسية في الشارع المصري أسهمت بكل قوة في نجاح ثورة 25 يناير، منهم 13 حزبا وجماعة رئيسية كالاخوان المسلمين والجماعة الاسلامية والأحزاب السلفية وحزب الوسط وحزب الوفد الليبرالي وائتلافات شبابية صغيرة متنوعة.
وترى هذه الأطراف أن الوقت غير مناسب للعودة إلى الشارع وأن ثمة أولويات يجب التركيز عليها قبل الانخراط في مظاهرة كبيرة غير توافقية، ومنهم من أعلن صراحة أن الإمتناع عن المشاركة في "جمعة تصحيح المسار"، هو تقدير للظروف الحرجة التي تمر بها البلاد، داخليا وخارجيا، وانحيازا منها إلى رأي الأغلبية في الشارع المصري الذي أصابه الضجر والقلق من الدعاوى المتكررة للتظاهر في وقت يمر فيه الاقتصاد بحالة تراجع تحتاج إلى العمل والانتاج، وليس لتعطيل المصالح وإثارة الناس.
في الأثناء، يرى حزب كالوسط أن مطالب هذه التظاهرة غير محددة وغير توافقية، وأن الأجدر هو التركيز على مطلبين وحسب، وهما تعديل قانون الانتخابات وإلغاء محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية. وحتى هؤلاء الذين أعلنوا مشاركتهم في مظاهرة تصحيح المسار، لا يتفقون على الهدف النهائي منها، ومراجعة مطالب كل فئة أو جماعة تكشف عن قائمة طويلة من المطالب التي يتطلب تحقيقها سنوات طويلة، وليس يوم وليلة كما يتم تصوير الأمور من قبل أصحاب الدعوة.
المشاركون غير متفقين
فعلى سبيل المثال، فإن "اللجنة التنسيقية لجماهير الثورة"، التي تضم مجلس أمناء الثورة وجماعة الإخوان المسلمين و"الأكاديميين المستقلون" و"تحالف ثوار مصر" و"اتحاد شباب الجامعات"، حددت الأولويات الراهنة، دون ربط ذلك بتظاهرة معينة في تسع مهام أساسية، منها أولا: إلزام المجلس العسكري والحكومة باتخاذ الإجراءات الحاسمة لمواجهة ظاهرة البلطجة والإنفلات الأمني في كافة المدن والقرى. وثانيا، ضرورة تعديل قانوني مجلسي الشعب والشورى وإعادة تنظيم الدوائر الانتخابية، بما يتيح الوصول لأفضل النظم التي تعكس حقيقة القوى والتيارات السياسية. وثالثا، الإعلان عن جدول زمني واضح للانتخابات البرلمانية. ورابعا، ضرورة مراقبة الأسعار والتحكم فيها، بما يناسب ويتوافق مع محدودي الدخل. وخامسا، سرعة وضع حد أقصى للأجور ووضع حد أدنى للأجور في القطاعين العام والخاص، وكذلك لأصحاب المعاشات. وسادسا، إلغاء المحاكمات العسكرية للمدنيين، وبالذات لشباب الثورة. وسابعا، حرمان كافة من أفسدوا الحياة السياسية من مباشرة حقوقهم السياسية لمدة خمس سنوات على الأقل. وثامنا، تطهير الجامعات والبنوك والهيئات والمؤسسات الإعلامية والصحفية وكافة مؤسسات الدولة من رموز النظام السابق. وتاسعا، الرفض التام لما يسمى بالمبادئ الحاكمة أو فوق الدستورية.
في حين أن تجمعا من 27 حزبا وجماعة سياسية وائتلافا، الذين أعلنوا مشاركتهم في مظاهرة جمعة 9 سبتمبر، حددوا قائمة مطالب أخرى من بينها: وضع جدول زمني لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية وتسليم السلطة لإدارة مدنية منتخبة والوقف الفوري للمحاكمات العسكرية للمدنيين وإلغاء جميع الأحكام العسكرية الصادرة بحق المدنيين وإعادة القضايا لتنظرها المحاكم المدنية ووضع حد أدنى وأقصى للأجور. ومنهم من يزيد بضرورة المطالبة بالحفاظ على حقوق الفلاحين وتطهير وزارة الزراعة وإعادة هيكلة جهاز الشرطة ووضع حد نهائي للبلطجة وتطهير مؤسسات البلاد من رموز الفساد، وعلى رأسها الإعلام.
بيئة مشحونة بالتوتر والعنف
الأمر على هذا النحو، يعكس تنوعا شديدا واتساعا في المطالب، بحيث يصبح الأمر بمثابة ثورة جديدة على كل شيء في البلاد، وليس مجرد تصحيح الثورة. لكن الأخطر ليس مجرد رفع مطالب عديدة ومتنوعة وقابلة للزيادة في كل لحظة كآلية لاستقطاب قوى اجتماعية وفئات جديدة لكى تنضم إلى التظاهرة كنوع من تأمين نجاحها بشكل أو بآخر، وإنما في البيئة السياسية والإعلامية المصاحبة للدعوة إلى تظاهرة 9 سبتمبر.
وفي هذا الصدد، فإن أقل ما يمكن وصفها به، هو أنها بيئة مشحونة بالتوتر والتلويح بالعنف وإثارة الرأي العام وتسخينه، وتلعب في ذلك برامج فضائية شهيرة دورا ملموسا ومباشرا، من خلال تصوير العدو الرئيسي باعتباره المجلس العسكري الذي "يقود ثورة مضادة أو يعرقل أهدافها ومطالبها".
وتركز على ذلك وبصورة مبالغ فيها ومثيرة، بعض الجماعات السياسية وائتلافات الشباب (وللعلم فإن بعضها لا زال مجهول الهوية)، باعتبار المجلس العسكري مغتصبا للسلطة الثورية وأنه العقبة الرئيسية أمام إتمام الثورة واكتمال مسيرتها، وأن الجهود لابد أن تركز على إسقاطه والإطاحة به وتسليم السلطة فورا إلى عناصر مدنية أو مجلس مدني يتشكل من رموز ثورية يتفق عليها الثوار، ويزيد البعض بالدعوة إلى محاكمة بعض رموز المجلس العسكري باعتبارهم من فلول النظام السابق.
المحاكمات العسكرية.. ما لها وما عليها
وتحقيقا لهذا الغرض، يلاحظ المراقب حملة ضروسا (تشارك فيها جهات مختلفة إعلامية وناشطون سياسيون وإعلاميون ومواقع عديدة على الانترنت وحزبيون) تُشن على المحاكمات العسكرية للمدنيين، وتؤخذ الحملة كرأس حربة لتشويه المجلس العسكري برمته والتأكيد على أنه عدو للثورة والشعب. ويتم في هذه الحملة التجاهل التام لوجهة نظر المجلس العسكري والضوابط القانونية المعلنة التي تحكم هذه المحاكمات العسكرية في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها البلاد.
ووفقا للواء عادل المرسي، رئيس هيئة القضاء العسكري، فإن إجمالي القضايا التي نظرت فيها المحاكم العسكرية، وصل إلى 3863، منها 2611 تتعلق بحيازة الأسلحة والذخائر والمفرقعات واستخدام العنف وسرقة وشروع في سرقة (544 قضية)، إضافة إلى قضايا الاغتصاب وهتك العرض والتخريب العمدي والتعدي على الأراضي والهروب من السجن والقتل والشروع في القتل وانتحال صفة ضابط وقضية واحدة فقط لأحد الناشطين لسب وقذف القوات المسلحة.
كما نوّه إلى أن هذه القضايا لم تشمل أي محاكمات للرأي أو اتهامات سياسية، مشيرا إلى أن القانون ينظم هذه المحاكمات وأن المبدأ المعمول به في العالم كله هو أن الظروف الاستثنائية تجيز القيام بتحقيقات استثنائية، كما حدث في الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وإسبانيا، كما أن القضاء العسكري هو قاض طبيعي بحكم الاختصاصات المنصوص بها في الدستور والقانون، والمهم هو أن تكون المحاكمات علنية وشفافة ويتمتع فيها المتهم بحقه في الدفاع والاستقلال والحيادية.
وفي هذا الخضم، من النادر أن يشير أحد إلى الدور الذي لعبته الأحكام العسكرية في احتواء الإعتداءات المتسعة على أراضي الدولة وممتلكات المواطنين أو التفهم لطبيعة هذه المحاكمات وضرورتها في الظروف الإستثنائية، شرط الإلتزام بالقانون والشفافية لاحتواء حالة الإنفلات الأمني وانتشار البلطجة حتى في مناطق مركزية في داخل المدن الكبرى بطول مصر وعرضها.
ومن النادر أيضا أن يشرح أحدهم بحيادية طبيعة هذه المحاكمات وما لها من إيجابيات وما عليها من مآخذ. وكل ما يتم التركيز عليه، هو أنها محاكمات تضر بالمدنيين ويجب وقفها فورا وأنها تعكس ما يريده العسكريون بمصر وناشطيها السياسيين، مع إغفال كامل للحقائق الاخرى.
الخطة المشبوهة
هذه الحملة على المجلس العسكري وعلى المحاكمات العسكرية ترافقها حملة أخرى في عدد من مواقع الانترنت، تروّج لخطة وصفت بالمشبوهة تدعو للعنف ضد الجيش ومعسكراته ومحاصرة واحتلال مقر وزارة الدفاع ومقر وزارة الداخلية ومقر رئاسة الوزارة ومبنى التلفزيون الحكومي، وتعتبر أن المطلوب هو الإحتكاك مع الجيش والشرطة وتدعو المتظاهرين إلى استخدام العنف ضد الوحدات العسكرية والمعسكرات، وتعطي تعليمات حول كيفية الاستيلاء على المدرعات والآليات العسكرية، بدلا من حرقها، وخطف الجنود والضباط للتأثير في معنويات الجنود الآخرين، وكيفية عمل المفرقعات من أدوات ومواد بسيطة متوافرة للعموم، وكيفية تشكيل ميلشيات مسلحة لمواجهة الجيش المصري، أسوة بالثوار الليبيين، تعرف باسم الكتائب الثورية. وتُعرّف هذه المجموعات نفسها بأنها "المجلس الأعلى لحماية أهداف الثورة المصرية وتحرير مصر من حكم العسكر".
وإلى جانب المخططات لإغراق البلاد في حرب أهلية، خرج بعض الناشطين ومنهم مرشحة محتملة للرئاسة لتقول بأن "المجلس العسكري يقود ثورة مضادة ينبغي الوقوف أمامها بأي ثمن".
نحو حرب أهلية مصغرة
هذه الدعوات للعنف الصريح ولتخريب المنشآت العامة، دفعت بالمجلس العسكري إلى إصدار بيانه رقم 74 يحذر فيه من هذه الدعوات ويقرر الضرب بيد من حديد على أي عمل عنيف ضد المنشآت العامة والمواقع العسكرية المختلفة.
كما أصدرت بعض القوى الشبابية، خاصة حركة 6 أبريل، بيانات تؤكد على سلمية المظاهرة والحفاظ على روح ثورة يناير التي أبهرت العالم وأن لا علاقة لها بأي دعوة للعنف، تأتي من جهات أخرى. لكن جماعات شبابية أخرى كانت قد أصدرت دعوات سابقة تقول إن تأخر تنفيذ مطالب الثورة يُعجّل بالدخول إلى مرحلة ثانية، تقوم على الفعل العنيف وإسالة الدماء ووقوع الضحايا، حتى إن إحدى الناشطات الشابات في حركة شبابية شهيرة ذكرت فى مناسبة سابقة أنه "لا لوم على الشباب إن شكل مجموعات اغتيال لمن يعرقلون تحقيق أهداف الثورة".
فكرة العنف تداعب بالفعل مجموعات شبابية وتسيطر عليهم قناعة أن الثورة لم تكتمل بعد، وأن المجلس العسكري خطف الثورة وأجهض مسيرتها، وأنه طالما لم يصلوا إلى السلطة ويمارسوها بأيديهم، فإن الثورة قد ضاعت ولابد من استردادها أيا كانت التضحيات، ويدعم رؤيتهم عدد من الصحفيين والإعلاميين والناشطين السياسيين الذين يبررون هذه الدعوات وكأنها قدر محتوم.
وفي المقابل، تظهر مجموعات الحماية الشعبية، بعضها أيضا مجهول الهوية ولا يُعرف من الذي يقف وراءها، لتؤكد أنها ستقف بالمرصاد لمن سيمارس العنف ضد المنشآت العامة أو معسكرات الجيش، وكأن البلاد آخذة في الإتجاه نحو مواجهة شعبية أو لنقل حرب أهلية مصغرة.
هناك شيء ما.. نشعر به ولكن لا نمسكه
وحسب مقولة أحد الناشطين من سيناء "أننا نشعر بوجود شيء أو تحرك ما يريد أن يدمر كل شيء حولنا، يريد أن يخرب البلاد ويستدعى إليها الحرب والدمار، ولكننا لا نملك معلومات كافية عن هؤلاء، وليس أمامنا سوى اليقظة ولا شيء غيرها".
والمؤكد، وفق تطورات الأحداث، أن هناك قوى في الداخل وأخرى في الخارج، يهمّها إجهاض العملية السياسية التي يشرف عليها المجلس العسكري لانتقال السلطة، ويهمّها تغيير مسار الثورة المصرية من سلمية إلى عنيفة، ومن ثم التخلص من آثارها المحتملة عابرة الحدود، ويسعى بصبر وأناة وبكل دهاء مُمكن للوقيعة بين الجيش والشعب المصري، الذي ما زال واعيا - حتى اللحظة - بمخاطر هذه الدعوات ورافضا الإنسياق وراءها، رغم حملات التزييف والتضليل الإعلامي التي يبرع فيها البعض.
ويظل الإختبار الأكبر في جمعة 9 سبتمبر: هل ستكون بداية صفحة العنف الفوضوي أم ستبقى الثورة المصرية نموذجا رفيعا للتغيير الشعبي السلمي؟ سؤال سيجد الإجابة عنه فى غضون ساعات.
د. حسن أبو طالب - القاهرة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.