لم تكن ذكرى ثورة 25 يناير 2011، منذ احتفل بها المصريون لأول مرة عام 2012 مناسبة لتذكّر ما حققته تلك الثورة الشعبية من نجاحات كان أبرزها إسقاط الرئيس الأسبق حسني مبارك. ففي كل مرة يحتفل بها المصريون بهذه الذكرى لا يمر اليوم إلا وقد وقعت اشتباكات وأحداث عنف، تفاوتت درجة حدتها من عام لآخر. وخلال السنوات الأربع التي مرت على قيام هذه الثورة تعاقب على مصر 3 رؤساء، واختلفت الشعارات التي رفعت في كل عام من الأعوام الأربع، كما اختلفت الميادين التي شهدت الأحداث، وجاء كل ذلك معبرًا عن المناخ السياسي السائد في المجتمع.. وفيما يلي أبرز الاختلافات بين الأربع مناسبات :
الذكرى الأولى 25 يناير 2012 : الميدان كانت الميادين الرئيسية التي شهدت ثورة 25 يناير ، مثل ميدان التحرير، وميدان الأربعين بالسويس، وميدان القائد إبراهيم بالإسكندرية، هي وجهة المشاركين في إحياء الذكرى. السلطة الحاكمة كان يدير شؤون البلاد حينها المجلس العسكري، الذي فوّضه الرئيس الأسبق حسني مبارك بالحكم عقب تنحيه في 11 فبراير عام 2011 . الظرف السياسي حلّت الذكرى وسط بدايات للانقسام السياسي، تجلت في الميدان الذي انقسم لفريقين، فريق اجتمع أمام منصة أقامتها جماعة الإخوان المسلمين للاحتفال بنجاح الثورة وحصولهم على الأغلبية البرلمانية، ومنصة أقامتها الحركات السياسية الأخرى؛ للمطالبة بالقصاص للشهداء وتحقيق أهداف الثورة. الشعارات عكست الشعارات الظرف السياسي السائد في المجتمع حينها، وحالة ميدان التحرير، فرفعت في منصة الإخوان شعارات تعكس فرحتهم بنجاحهم في الانتخابات البرلمانية، وحصولهم على منصب رئيس المجلس، بينما كانت شعارات المنصة الأخرى تطالب بتسليم المجلس العسكري السلطة للمدنيين والقصاص للشهداء. القتلى والمصابون كان نتيجة اختلاف الشعارات والانقسام بين منصتين حدوث اشتباكات بين الطرفين، لم تسفر عن قتلى، لكنها أحدثت بعض الإصابات. الذكرى الثانية 25 يناير 2013 : الميدان ظهرت ميادين الثورة بوجه مختلف في الذكرى الثانية، وتجلى ذلك بشكل واضح في ميدان التحرير، الذي رفعت فيه لافتة "ممنوع دخول الإخوان". والإخوان من جانبهم فضّلوا عدم المشاركة في الذكرى داخل أي ميدان، وقالوا إنهم سيحيونها بإطلاق حملة: "معا نبني مصر". السلطة الحاكمة كان يدير شؤون البلاد حينها الرئيس الأسبق محمد مرسي الذي ينتمي لجماعة الإخوان، بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية، وتسلمه السلطة في 30يونيو 2012 . الظرف السياسي جاءت الذكرى بعد أيام من أحداث قصر الاتحادية الرئاسي التي وقعت في ديسمبر 2012، وخلّفت قتلى وجرحي نتيجة الاشتباكات بين أنصار مرسي ومعارضيه. الشعارات اقتصر الاحتفال على القوى المدنية الشبابية، وغاب عنها الإخوان والتيارات الإسلامية، وظهر ذلك في الشعارات التي رفعت حينها وهي "يسقط حكم المرشد" .. " يا رئيس الجمهورية .. فين وعودك الثورية". القتلى والمصابون اندلعت اشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين في محيط ميدان التحرير، كما دارت اشتباكات بين الطرفين في محافظتي السويس والإسماعيلية، أسفرت عن مقتل 10 أشخاص في السويس والإسماعيلية وإصابة 476 آخرين بحسب وزارة الصحة. الذكرى الثالثة 25 يناير 2014 : - الميدان إذا كان الإخوان قد تجنبوا الذهاب إلى ميدان التحرير والميادين الثورية في الذكرى الثانية؛ تجنبًا للاشتباكات والصدام مع القوى السياسية الأخرى، فإنهم في الذكرى الثالثة باتوا ممنوعين من دخول ميادين الثورة بأمر قوات الأمن. وأعلنت قوى سياسية عن الاحتفال بإزاحة الإخوان عن الحكم في الذكرى الثالثة للثورة، فيما أعلن الإخوان وحلفاؤهم عن نيتهم اقتحام ميدان التحرير "رمز الثورة"، واتخذت قوات الأمن حينها إجراءات أمنية مشددة للحيلولة دون حدوث ذلك. وبينما كان المشاركون في الذكرى الأولى والثانية هم من يتولون بأنفسهم تأمين الميادين، كان الأمن هو من يقوم بذلك في الذكرى الثالثة. وتظاهر حينها الإخوان وحلفاؤهم في عدة ميادين بالمحافظات المصرية، لم يكن من بينها الميادين الشهيرة التي شهدت أحداث الثورة. السلطة الحاكمة كان يدير شؤون البلاد حينها الرئيس المؤقت عدلي منصور، والذي عُيّن في هذا المنصب عقب عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي في يوم 3يوليو من قبل قادة الجيش عقب اجتماع شاركت فيه قوى سياسية ودينية عقب احتجاجات شعبية ضده. -الظرف السياسي حلت ذكرى ثورة يناير بعد أربعة شهور من فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة لأنصار الرئيس الأسبق محمد مرسي، وبعد سلسله من أحداث العنف الكبيرة التي أعقبت الفض مثل أحداث مسجد الفتح برمسيس و6 أكتوبر).
-الشعارات رفع المحتفلون في ميدان التحرير والميادين الثورية صور وزير الدفاع حينها عبد الفتاح السيسي، كما رفعوا شعارات " الشعب والجيش والشرطة إيد واحدة" ، و"الشعب يريد إعدام الإخوان". وفي المقابل، ظهرت صور السيسي في الميادين التي تظاهر فيها الإخوان وحلفائهم وعليها آثار دماء، في إشارة إلى القتلى في فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، وما تلاها من أحداث، ورفعوا حينها شعارات "يسقط يسقط حكم العسكر " ، " الشعب يريد إسقاط النظام". -القتلى والمصابون لم تشهد ميادين الاحتفال أي أعمال عنف، في ظل تأمين كامل لها من قبل قوات الأمن، بينما شهدت الميادين التي تواجد فيها الإخوان وحلفائهم اشتباكات مع قوات الأمن، خلفت عدد كبير من القتلى والمصابين، دفعت وسائل إعلام تصف هذا اليوم بأنه من أكثر الأيام دموية. وأعلنت وزارة الصحة حينها وفاة 49 شخصا وإصابة 247 ، فيما قدر تقرير لموقع " ويكي ثورة " العدد بما هو أكبر من ذلك. وقال الموقع المتخصص في توثيق أحداث الثورة المصرية من 25 يناير 2011 حتى الآن، أن عدد القتلى وصل إلى 103 قتيل، وإصابة 277 . الذكرى الرابعة 25 يناير 2015 : -الميدان أغلق ميدان التحرير في وجه المحتفلين والمحتجين عشية يوم الاحتفال بالذكرى، وقال رئيس الوزراء المصري إبراهيم محلب يوم الجمعة الماضية أن الحكومة قررت إلغاء الاحتفال حدادا على وفاة ملك السعودية عبد الله بن عبد العزيز. وكما هو الحال في الذكرى الثالثة أعلن الإخوان وحلفائهم قبل حلول الذكرى أن ميدان التحرير " وسط القاهرة" سيكون من الأماكن الرئيسية التي ستتوجه لها المسيرات والمظاهرات، ولكن الإجراءات الأمنية المشددة في محيط الميدان دفعتهم للتظاهر في ميادين أخرى بأحياء المعادي وحلوان، ومدينة 6أكتوبر ومدينة نصر والمطرية. -السلطة الحاكمة يدير شئون البلاد الرئيس عبد الفتاح السيسي، والذي فاز في الانتخابات الرئاسية، التي كانت الخطوة الثانية في خارطة الطريق التي أعلنها في 3 يوليو 2013 وقت أن كان وزيرا للدفاع. -الظرف السياسي دخلت الذكرى الرابعة لثورة 25 يناير بعد ستة أشهر من حكم الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي، ولم يطرأ أي جديد من حيث انقسام المجتمع بين قطاعات مؤيدة له ورافضة للإخوان، وأخرى رافضة له ومؤيدة للإخوان، وثالثة رافضة للاثنين. -الشعارات غاب المحتفلون عن مشهد هذا العام، باستثناء فاعلية محدودة لم تستمر طويلا في ميدان عبد المنعم رياض رفعت فيها صورة السيسي، وشعارات منددة بالإخوان ومؤيدة للجيش والشرطة، في المقابل حمل الإخوان وأنصارهم صور الرئيس المعزول محمد مرسي، ورفعوا شعارات " الشعب يريد اسقاط النظام "، " يسقط يسقط حكم العسكر"، "حي .. 25 جاي"، و"ثورة تاني من جديد"، و"لسه الشعب هو الحل". -القتلى والمصابون وقعت اشتباكات بين الشرطة والمحتجين في الميادين التي شهدت تظاهرات الإخوان وأنصارهم، وأسفرت هذه التظاهرات عن وفاة 19 شخصا بينهم شرطيا وإصابة 97شخصا، وفق بيان لوزارة الصحة. وفي المقابل، قالت جماعة الإخوان المسلمين في بيان لها إن عدد القتلى في هذا اليوم 25 قتيلا وعدد المصابين حوالي 200 مصاب.