أثارت تشكيلة الحكومة التونسية الجديدة، التي قدمها الحبيب الصيد، جدلا داخل الأطراف السياسية والمنظمات النقابية، بين من يعتبرها تضم كفاءات مستقلة وأخرى تصفها بالضعيفة وليست سياسية. وأعلن رئيس الحكومة التّونسية الحبيب الصيّد، أمس الجمعة، تشكيلة حكومته التي تضم 24 وزيرا و15 كاتب دولة، بينهم 9 نساء على أن تعرض على البرلمان لنيل الثقة الثلاثاء القادم. وأبقت الحكومة على وزيرين من الحكومة السابقة (حكومة مهدي جمعة)، و5 وزراء من حكومة الباجي قائد السبسي (مارس 2011 إلى ديسمبر 2011) وهم الطيب البكوش (وزير التربية وناطق رسمي باسم الحكومة 2011) وسليم شاكر (كاتب دولة مكلف بالسياحة 2011) والعروسي الميزوري (وزارة الشؤون الدينية في 2011) وسعيد العايدي (وزير التشغيل في 2011) ولزهر العكرمي (وزير منتدب لدى وزير الداخلية مكلف بالإصلاح 2011)، ومحمد صالح بن عيسى (كاتب عام للحكومة في 2011). واعتبر الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، الحسين العباسي أن ''الاتحاد كان ينتظر وجود عدد أكبر من الأحزاب الممثلة في هذه الحكومة و أن هذه الحكومة تغلب عليها الكفاءات المستقلة''. ولم تشارك في هذه الحكومة كل من حركة النّهضة الإسلامية وحزب آفاق تونس (ليبيرالي) والجبهة الشعبية (يسار) وهي أكبر الكتل البرلمانية التونسية. وبين العباسي أن مسالة المصادقة على حكومة الصيد ل" تعنيهم بقدر ما تعني مجلس نواب الشعب (البرلمان) وأن ما يعنيهم هو برنامج الحكومة وأهدافها". ولفت إلى أنه "آن الأوان كي تكون هناك رسالات إيجابية من الحكومة الى الشعب وأن تستثمر في الجهات الداخلية وعلى الحكومة أن تنتهج خطاب واضحا و شفافا تقدم من خلاله برنامج عملها للفترة القادمة". ويشارك في هذه الحكومة كل من حركة نداء تونس (86 مقعدا بالبرلمان)، والاتحاد الوطني الحر (16 مقعدا) وحزب الحركة الوطنية (1 مقعد)، وعدد من المستقلين وبعضهم لهم خلفيات يسارية. من جهته، انتقد القيادي في الجبهة الشعبية ( رابع أكبر كتلة برلمانية ب 15 مقعدا) محمد جمور حكومة الصيد وبين، في تصريح للأناضول، "نعتبر أنها كانت حكومة ترضيات بامتياز .. أثناء المشاورات نعتقد أن رئيس الحكومة المكلف قد تعرض للابتزاز من قبل أحزاب ومارست عليه بعض القوى السياسية الأخرى ضغوطات كبيرة، عموما هذه الحكومة تضم شخصيات عرفت بكفاءاتها العالية مثل وزير العدل ووزيرة المرأة لكن هنالك أسماء تثير بعض التحفظ مثل وزير الداخلية الناجم الغرسلي الذي كان قاضيا متعسفا في عهد (الرئيس الأسبق زين العابدين) بن علي ونكل ببعض زملائه". واعتبر جمور أن تركيبة حكومة الحبيب الصيد "ضعيفة ولن تشتغل بأريحية ونتساءل إن كانت ستكسب ثقة نواب الشعب",وكان الناطق باسم الجبهة حمة الهمامي استبعد أن تمنح كتلة الحزب في البرلمان للحكومة. وفي السياق نفسه علق زهير المغزاوي عن حركة الشعب، في تصريحات إعلامية على هذه التركيبة، قائلا: "ليست الحكومة التى كنا ننتظرها" مشددا على أنها "لا تمثل حكومة وحدة وطنية". وأكد الصيد أمس، بعد تقديمه لتشكيلة الحكومة، على أن "الحكومة الجديدة هي حكومة كفاءات وطنية تضم شخصيات سياسية ونشطاء بالمجتمع المدني وأهل الخبرة والاختصاص مع تسجيلها حضورا مميزا للمرأة وللشباب". وتابع "الحكومة الجديدة هي حكومة كل التونسيين والتونسيات غايتها الأسمى تجسيم أهداف الثورة وترسيخ مناخ ديمقراطي وخدمة المصلحة الوطنية التي تعلو فوق المصالح الحزبية." أما حزب "آفاق تونس" بدوره رفض الانضمام لحكومة الصيد لكونها "ليست سياسية كما أراد لها الشعب أن تكون". وقال نعمان الفهري، القيادي بحزب آفاق تونس (ليبرالي له 8 مقاعد )، للأناضول، "رفضنا الانضمام لحكومة الحبيب الصيد رغم العرض الذي قدمه لنا في بعض الحقائب الوزارية وذلك لسببين، الأول لان الشعب أعطى ثقته لبعض الأحزاب لتطبيق برامجها السياسية والحال أن هذه حكومة ليست سياسية ، أما السبب الثاني فنرى أن هذه الحكومة ليست لديها أي رغبة إصلاحية في المستقبل ذلك أن التشكيلة يلفها الكثير من الغموض". وخيرت حركة النهضة تدارس موقفها الرسمي تجاه وزراء الصيد، خلال مجلس الشورى التي تعقده غدا الأحد، غير أن أحد قيادات الحزب أعلن، في تصريح للأناضول، أمس الجمعة، أن "حركة نداء تونس (الفائزة بالانتخابات التشريعية الأخيرة) رفضت مشاركة النهضة في الحكومة".