قرر المستشار أحمد رفعت رئيس محكمة جنايات شمال القاهرة، تأجيل نظر القضية المتهم فيها الرئيس السابق حسني مبارك ونجليه علاء وجمال، ورجل الأعمال الهارب حسين سالم إلى الخامس من سبتمبر، على أن يتم ضمها الى القضية المتهم فيها حبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق، وستة من كبار من مساعديه بشأن التحريض على قتل المتظاهرين السلميين، مع اتخاذ قرار بوقف البث التليفزيوني لوقائع الجلسات اعتبارًا من الجلسة القادمة، من أجل الحفاظ الصالح العام. وقوبلت القرارات التي أعلنها رئيس الدائرة الخامسة في ختام ثاني جلسات محاكمة مبارك، وبعد استراحة استغرقت أكثر من ساعة ونصف الساعة للمداولة والتشاور، والتي قوبلت بعاصفة من التصفيق داخل قاعة المحكمة بمقر أكاديمية الشرطة، سواء المحامين المدعين بالحق المدنى أو أسر الضحايا من الشهداء والمصابين. فقد قرر ضم القضيتين رقمي 3642 جنايات قصر النيل و1227 جنايات قصر النيل لبعضهما البعض بحيث تسير الإجراءات فيهما كوحدة واحدة، مع إثبات طلبات الدفاع الحاضرين عن المدعين بالحق المدني، والمقدمة بجلسة الأمس، واعتبار طلبات الدفاع عن المدعين بالحق المدني جزءًا لا يتجزأ من محضر الجلسة لتكون تحت نظر المحكمة، مع التصريح للدفاع باستكمال الإطلاع على أوراق الدعويين وأحرازهما. كما قرر التصريح لدفاع المتهمين باستكمال الاطلاع على أوراق وأحرار قضية مبارك، والتصريح لدفاع المتهمين بالحصول على صورة رسمية من محضر تحريات هيئة الرقابة الإدارية بشأن فيلات شرم الشيخ موضوع الدعوى، مع السماح باستخراج صورة رسمية من كشوف هيئة الإسعاف، المتضمنة أسماء وأعداد المجني عليهم بالمحافظات في الفترة ما بين 25 إلى 31 يناير. وقررت المحكمة التصريح للدفاع بتصوير المستندات المرفقة بتحقيقات النيابة والتي لم تفرغ محتوياتها بالتحقيقات حتى الآن، وكلفت النيابة العامة إعلان شهود الإثبات لحضور الجلسة المقبلة لمناقشتهم، وإحضار المتهمين من محبسهم الجلسة المقبلة، مع وقف البث التليفزيوني للمحاكمات وذلك حفاظًا على سير الجلسات. وحضر مبارك من المستشفى العالمي على طريق الإسماعيلة بطائرة خاصة هبطت في مقر أكاديمية الشرطة وتم نقله بعربة إسعاف وإدخاله على نقالة طبية، وهو يرتدي "تريننج" أزرق قفص الاتهام، وقد انتظر ومعا نجلاه لأكثر من 20 دقيقة داخل القفص حتى دخلت هيئة المحكمة لتبدأ الجلسة وهو ما تكرر عقب رفع الجلسة للمداولة وتم إيداعهم القفص لانتظار حضور هيئة المحكمة. بدأت الجلسة في العاشرة وخمسين دقيقة ونادي رئيس المحكمة في البداية على المتهمين وأجاب جميعهم "ايوه موجود " وثبت حضورهم بمحضر الجلسة. في البداية طالب رئيس المحكمة الاستماع إلي محامين الدفاع بالحق المدني وطالب سامح عاشور نقيب المحامين الأسبق بضرورة ضم الجنايتين وهما قضتني العادلي ومبارك في قتل المتظاهرين إلى قضية واحدة على اعتبار وحدة الخصوم والموضوع ووحدة ما فيها من أدلة الثبوت. وأشار عاشور إلى أن هناك تخوفًا من تطبيق المادتين 455 و45 اللتيين تتعلقان بعدم الجواز إذا ما تم الفصل في قضية دون أخرى، كما طالب من المحكمة ضرورة فصل قضيتي التربح وتصدير الغاز لإسرائيل عن قضية قتل المتظاهرين. وقال عاشور إن "قضية تصدير الغاز بها طلبات جوهرية نخشى إذا أبديناها أن تؤخر الفصل في القضية الأخرى وهي قضية قتل المتظاهرين، ونحن لا نريد أن نجعل هذه القضية معطلة"، كما طالب بتطبيق المواد 77ب و82واو2 من قانون عقوبات، والتي تنص على معاقبة من يقوم بإبرام اتفاقيات تضر بالمال العام. وأبدى المستشار أحمد رفعت قلقه مما يجري داخل القاعة من عدم تنظيم من جانب دفاع المدعين بالحق المدني والمشادات التي حدثت قبل انعقاد الجلسة والتي كانت سببا في تأخير انعقادها. وقال: "كنا نود أن تسير الأمور طبيعية وأن يتم نظر القضية يوميا وفقا لقانون الإجراءات الجنائية إلا أن ما يحدث داخل القاعة من جانب المحامين يقف حائلا بينا وبين أن يستمر نظر الجلسة بشكل متعاقب". وأضاف أنه لن يباشر إجراءات المحاكمة إلا بعد التزامهم الهدوء، وأشار إلى أن الإخلال بنظام الجلسة لن يتم معه نظر الدعوى. وبدأ رئيس المحكمة بعد ذلك في فض الأحراز في القضية فكان الحرز الأول عبارة عن مظروف لونه "بيج"، ومعنون وبداخله اسطوانه عليها أوراق القضية 4156 لسنة2011 قسم أول شبرا الخيمة وقامت المحكمة بفض الحرز بعد التأكد من سلامة الأختام ووجدته مطابقا لما ورد في المظروف . أما الحرز الثاني فكان أيضا مظروف معنون بداخله علبة بلاستيكية ذات غطاء أبيض شفاف، بداخلها 4 أسطوانات لونها أبيض في اخضر مساحتها 8 جيجا وعليها القضية 1227 لسنة 2011 جنايات قصر النيل. والحرز الثالث كان عبارة عن مظروف بداخله فلاشة كمبيوتر زرقاء اللون مساحتها 8 جيجا. وقامت المحكمة بعرض الأحراز على الحاضرين من الدفاع عن أهالي المدعين بالحق المدني ودفاع المتهمين. وأشار رئيس المحكمة إلى أن هناك أحراز أخرى متعلقة بالشرطة ستقوم المحكمة بتحديد موعد لمن يرغب في المشاهدة والمتابعة، ولفت إلى أنه سيعلن عن ذلك الموعد. واستمعت المحكمة إلى دفاع المتهمين والذي يمثله المحامي فريد الديب وسأله رئيس المحكمة عما إذا كان تمكن من استخراج طلبات الجلسة الماضية فأجاب بأنه واجهته مشكله في الحصول على "الفلاش ميموري" الخاص بالقضية لأنه كان ضمن الاحراز ولا يمكن الحصول عليه في ذلك الوقت. وقدم الديب ورقه مكتوبة بطلباته، وأعلن تمسكه بجميع الطلبات التي طلبها الجلسة في الماضية، بالإضافة إلى طلب الحصول من الهيئة الرقابة الإدارية على صورة رسمية من التحقيقات المتعلقة بالفيلات المباعة في شرم الشيخ من شركة نعمة إلى شركة "المهندسون المصريون" المملوكة للبنك العقاري وقال هذه الفيلات وعقودها التي أودعت عن طريق الخبراء أودعتها النيابة في ملف الدعوى. كما طالب بالحصول علي نسخة رسمية من تقرير الخبير إسماعيل محمود مرسي الذي طالبته النيابة العامة من الكسب غير المشروع ولكنها لم ترد محاضر الأعمال التي استند إليها. وطالب بتكليف هيئة الإسعاف المصرية بتقديم الكشوف الرسمية المحررة بمعرفتها والمبينة لأعداد المصابين والمتوفين وتحديد أماكنهم والتوقيت خلال فترة الاتهام من 25 إلى 31 يناير الماضي، والتصريح له بتصوير كافة المستندات المرفقة بالتحقيقات، كما طلب تأجيل نظر الدعوى إلى أجل مناسب وواسع يسمح له بالإطلاع على جميع الأوراق. وقام رئيس المحكمة برفع الجلسة للمداولة، وعاد بعد ساعة ونصف ليتلو القرارات وعقب انتهاء رئيس المحكمة من تلاوة قراراته وتعالت الصيحات داخل القاعة بهتاف "يحيا العدل" والدعاء ضد مبارك. وقال والد أحد الشهداء محمد مصطفي الوحيد الذي استطاع أن يحضر المحاكمة "حسبي الله ونعم الوكيل إن شاء الله ربنا هينتقم منكم وهتعدموا". و كان رد فعل نجل الأكبر للرئيس المخلوع علاء مبارك أن قام بالإشارة بيده ناحية الحاضرين بالقاعة في إشارة منه بأنه لا يعبأ ولا يهتم بتلك الهتافات سواء هو أو والده، فيما بدت ابتسامة غير مبررة على وجه أخيه الأصغر جمال ثم قاما الاثنان بإخراج والداهما من القفص. وكان علاء مبارك متصدرا مقدمة القفص حيث وقف في الأمام ومن خلفه أخيه جمال بينما كان أبيهما راقدا على سريره الطبي واستطاعا جمال وعلاء أن يحجبا رؤية والدهما عن عدسات الكاميرات لمنع تصويره، كما لم يتمكن الحاضرون في القاعة من مشاهدته بشكل واضح لقيام نجليه بحجب الرؤية عنهم ومن الأشياء الملفتة للانتباه حضور الرئيس المخلوع مرتديا "بيجاما" فاخرة زرقاء اللون، وكان معظم الوقت واضعا ذراعه ملتفا حول جبهته وأثناء تصويره وقت دخوله لقاعة المحاكمة قام علاء نجله الأصغر بوضع يده علي الكاميرا لمنع تصويره فيما كان يحمل جمال وعلاء مصحفا في يده، وكان لافتا للنظر أيضا ارتداء جمال ساعة ذهبية. وعقدت الجلسة وسط إجراءات أمنية مشددة شارك فيها أكثر من خمسة آلاف جندي قامت القيادة الأمنية بنشرهم حول سور الأكاديمية، و20 مصفحة و30 مدرعة تابعة للقوات المسلحة تمركزت معظمها أمام البوابة رقم 8 المؤدية إلى قاعة محاكمة الرئيس المخلوع. وتوافد منذ الصباح الباكر أهالي شهداء الثورة والمصابين أمام البوابة رقم 8 بأكاديمية الشرطة لحضور جلسة المحاكمة، ومشاهدتها عبر الشاشات التي تم نصبها منذ الجلسة الأولى التي عقدت في الثالث من أغسطس خارج الأكاديمية، فضلاً عن تواجد مؤيدي الرئيس المخلوع، مما دفع قوات الأمن للفصل بينهم. غير أن تلك الإجراءات لم تحل دون وقوع اشتباكات عنيفة بين الطريق وصلت للتراشق بالحجارة الكبيرة، مما أدى إلى وقوع العديد من الإصابات بين الجانبين، وقد فشلت قوات الأمن في فض الاشتباكات، وطلبت تعزيزات للسيطرة على الوضع، وتجددت الاشتباكات لعدة مرات. وفرضت قوات الأمن المركزي المتواجدة أمام أكاديمية الشرطة كردونا أمنيا مكثفا على الطريق المؤدى للأكاديمية، بعد مطاردات مع مؤيدي ومعارضي مبارك. واعتدى أنصار مبارك على خالد أبو بكر، المحامى المدعى بالحق المدني، عن مصعب أكرم الشاعر أحد مصابي الثورة أثناء مروره أمامهم، بالإضافة إلى الاعتداء بالضرب على مراسل فضائبة "الجزيرة"، قبل أن تقوم قوات الأمن بإنقاذهما. كما أصيب أحد أسر الشهداء بإصابات خطيرة في الرقبة، نتيجة إلقاء أحد مؤيدي مبارك بحجر كبير عليه، مما أسقطته مغشيًا عليه، وتم استدعاء سيارة إسعاف لنقله لكن مؤيدي الرئيس السابق هاجموها بالحجارة لتبتعد عن المكان دون نقل المصاب إلى أقرب مستشفى. وبينما كان الوضع خارج القاعة ساخنا كان بالداخل أكثر سخونة، لم تمر ثاني جلسات الرئيس المخلوع ونجليه في هدوء كما طالب المستشار أحمد رفعت رئيس محكمة جنايات شمال القاهرة، حيث شهدت العديد من المشادات والمشاحنات بين المحامين المدعين بالحق المدني والمدافعين عن الرئيس المخلوع والرافضين لمحاكمته. ودخل بعض المدعين بالحق المدني مع متطوعين من فريق الدفاع عن الرئيس السابق حول المقاعد، مع رغبة المدعين بعدم جلوس محاميّ مبارك بجوارهم ووصفهم بأنهم "خونة"، وتعدت محامية بين المتطوعين بالسب على الصحفيين الأجانب ووصفتهم بأنهم "خونة"، بالإضافة إلى اندلاع مشادات داخل القاعة بين المدعين بالحق المدني وبعضهم بسبب الاختلاف على من سيلقي كلمة البداية في المحاكمة.