غدا الاثنين 15 أغسطس هو موعد الجلسة الثانية لمحاكمة مبارك، وللمرة الثانية سنراه في القفص، لكن هل سيكون نائماً على السرير نفسه، أم جالساً بجوار وزير داخليته الأسبق حبيب العادلي، أم واقفاً بجوار ابنيه علاء وجمال؟. مبارك بدا في الجلسة الأولى بحالة صحية معقولة ، بعكس ما ظل يروج له محاميه فريد الديب بهدف استدرار عطف المصريين عليه، والملاحظ أنه منذ هذه الجلسة وبعد نقله الى المركز الطبي العالمي لم يعد أحد يتحدث عن صحته ،كما اختفت مثل هذه الأخبار من الإعلام المصري لأنها صارت مكشوفة ما يشير الى فشل خطة المحامي. وبعد الظهور التاريخي لمبارك في القفص كأول رئيس عربي يحاكمه شعبه، وما قيل حول إنه صار في حالة نفسية أفضل أي أنه تجاوز تلك الصدمة، فهل يواجه المحاكمة ويقوم من سريره ويتحدث ويدافع عن نفسه ويكشف كل ما لديه من أسرار طالما هو أنكر بشكل جازم في الجلسة الأولى كل التهم الموجهة إليه؟. هذا ما سنعرفه في جلسة الاثنين التي نتمنى أن يمنع الأمن فيها أي احتكاكات خارج المحكمة كما حصل في الجلسة الأولى في مشهد غير حضاري حتى لو اضطر لاستخدام القوة، فهذه محكمة وليست معركة حربية واحترام المحكمة لا يجب أن يكون داخل القاعة فقط إنما يمتد لخارجها خصوصاً أن العالم كله يتابعها ولابد أن تقدم مصر صورة تليق بها وبثورتها في هذه المحاكمة . في الجلسة القادمة سننتظر ما سيعلنه القاضي بشان أهم مطلب ل فريد الديب باستدعاء المشير محمد حسين طنطاوي وزير الدفاع ورئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة للشهادة في القضية، فهل سيوافق القاضي ،أم لا؟. وإذا وافق هل سيحول الجلسة الى سرية أم ستستمر على علنيتها؟.المشير عملياً يمارس الآن مهام الرئيس ولو تمت الشهادة فإننا سنكون أمام مشهد تاريخي جديد وهو رئيس في السلطة أمام رئيس خارج السلطة وداخل القفص. إنها تجليات الثورة المصرية العظيمة. يذكر أن مسئولا أمنيا كان قد قال إن المشير طنطاوي مستعدٌّ للإدلاء بشهادته في حال استدعائه ، لكن تم نفي هذا التصريح . وأتصور أن النفي لا يعني أن طنطاوي غير مستعد للشهادة، إنما النفي من باب أن القاضي لم يقرر الاستدعاء من عدمه، وبالتالي كان كلام المسئول الأمني هو استباق لشيء لم يتقرر بعد. فريد الديب محامٍ متمكّن وهو يعمل في قضاياه باحترافية وأتصوّر أن قضية مبارك ستكون الأهم في حياته فهو يُدافع عن أول رئيس عربي أسقطه شعبه في ثورة وقف العالم إعجاباً لها، وهذا الشعب هو الذي يُحاكمه، لكن أمام قضاء طبيعي ومحكمة تتحرّى النزاهة والشفافية والاستقلالية بعلنية الجلسات التي بدأت وسيُتابعها العالم لحظة بلحظة وباهتمام كبير، ما يعني وجود محكمة أخرى موازية تنظر القضية وهي محكمة الرأي العام. والجلسة الأولى أدارها القاضي بكفاءة لكن نتمنّى منه في الجلسات التالية أن يكون أكثر حسماً مع المحامين عن المتهمين ، وعن المدعين بالحق المدني، بأن يجعلهم يلتزمون بالجلوس في كراسيهم بدل الوقوف، وأن يتحدثوا بنظام، ولا يختطفوا الميكرفون من أيادي بعضهم بعضاً.فكما نريد أن يكون الوضع مثالياً خارج المحكمة نريده كذلك داخل المحكمة. نُريد من القاضي الجليل الحزم لكن ليس على طريقة قاضي محكمة صدام الذي كان يدخل الجلسة وهو يستشيط غضباً من المتهمين ومحامييهم وينتظر هفوة بسيطة ليُوبخهم ويُعنفهم ويُعاقبهم، فهو لم يكن قاضياً إنما ناظر مدرسة المشاغبين ولذلك فقدنا الاحترام للمحكمة، وفهمنا مبكراً أنه يمثل دور القاضي وأن أحكاماً قاسية كتبها الاحتلال وأعوانه من العراقيين للتشفي والثأر من المتهمين لذلك ضيّع فرصة ذهبية لتأكيد أن العدالة العمياء ستكون أحد عناوين العراق الجديد. مصر الثورة تسير بمحاكمة مبارك على الطريق الصحيح، وأتمنّى أن تكون محاكمته والمتهمين معه نموذجاً لفخر المصريين بقضائهم العادل لأن ذلك سيبعث برسالة اطمئنان وثقة للعالم بأن الحق لا يضيع في مصر، وهذا سيشجع المستثمر الأجنبي على المجيء بأمواله حيث لن يخشى عليها أو على مشروعاته. من المؤكد أن خطة الدفاع عن مبارك التي أعدّها الديب تمّت بموافقة الرئيس المخلوع أو زوجته سوزان وهي سيدة ليست سهلة وواضح أن طلبه شهادة المشير وراءه هدف معيّن وأسئلة محدّدة يريد طرحها للحصول على إجابات قد تفيده في الدفاع عن مبارك،لكن عليه أن يضبط حساباته جيدا في مثل هذه الشهادة لأنه من متابعة يوميات ووقائع وأحداث ومسار الثورة فإنه لا يوجد أمامنا ما يمكن أن يسيء للمشير وقادة المجلس العسكري،بل من الثابت أن الجيش حمى الثورة ووقف الى جانبها حتى نجحت ما يعني أنه شريك أصيل فيها.ومن هنا فإن شهادة المشير طنطاوي قد تكون بمثابة حبل من الحرير يدين مبارك ويلتف حول عنقه. وهي لو تمّت ستكون الشهادة الأهم في القضية، وأهم من شهادة عمر سليمان نائب الرئيس المخلوع الذي بقي 14 يوماً فقط في المنصب واحترق خلالها سياسياً، وتقريباً لم يعد له مكان في مصر الجديدة غير البقاء في البيت للراحة ومداعبة أحفاده. سليمان كشف جانباً مما جرى في الغرف المغلقة قبل 25 يناير في أقواله خلال التحقيق معه بقضية قتل المتظاهرين ومعركة الجمل، لكن ربّما ما زال عنده المزيد من الأسرار نتمنّى أن نسمعها في شهادته لو استدعته المحكمة. أما المشير فإنه لم يتكلم حتى هذه اللحظة حول ما جرى خلال أيام الثورة بحكم المسؤولية التي يتولاها، وقد يجد حرجا في أن يبوح بما لديه من أسرار حتى لو كانت تصبّ في مصلحته وتُبرز الدور الذي قام به وزملاؤه قادة المجلس العسكري لحماية الثورة من 25 يناير إلى 11 فبراير ، لكن لابد أن يأتي اليوم الذي يقول فيه كل شيء لأجل الحقيقة والتاريخ، لكن ما نعرفه أنه شارك في اجتماع وزاري يوم 22 يناير لتدارس الموقف ووضع السيناريوهات للتعامل مع مظاهرات 25 يناير، وهذا ما قاله عمر سليمان في تحقيقات النيابة معه حيث شارك في الاجتماع باعتباره رئيس المخابرات العامة، ولم يكن فيما كشفه سليمان عمّا حدث في هذا الاجتماع أي قرارات غير طبيعية إنما كانت خططاً أمنية لمواجهة المظاهرات إلا إذا كان هناك شيء سري وخطير لم يتطرّق إليه في أقواله. وقد حاول محام لمبارك يدعى محمد عبدالوهاب توريط المشير في قضية قطع الاتصالات الهاتفية والإنترنت التي بدأت عشية جمعة الغضب 28 يناير فيما بدا أنها إشارة لها دلالة على ما يمكن أن تستهدفه شهادة فريد الديب لطنطاوي. ادعى المحامي أن اللجنة الوزارية التي اجتمعت قبل الثورة اتخذت قراراً بقطع الاتصالات باقتراح من المشير،جاء هذا الاتهام في سياق مذكرة الطعن التي قدمها هذا المحامي على حكم محكمة القضاء الإداري بفرض غرامة مالية بالملايين على كل من مبارك ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي ورئيس الوزراء الأسبق أحمد نظيف والثلاثة محبوسون ويحاكمون في قضايا قتل المتظاهرين والفساد. وهذا المحامي ربما يسعى لجر طنطاوي الى القضية بتحميله مسؤولية القرار أو اعتباره طرفاً أساسياً فيه لإحراجه ووضعه في مواجهة الثورة والإيعاز بأن له دورا ما فيما جرى بعد ذلك من استهداف للمتظاهرين، لكن كما قلنا فإن مسار الثورة يؤكد نصاعة ثوب الجيش وحكمته في التعامل مع الثوار ويستحيل الشك في دوره الرائع في حماية الثورة ولولا ذلك ماكان جمال مبارك وزكريا عزمي ووراءهما مبارك الأب قد سعوا لإقالة المشير وأصدروا بالفعل قرارا لكنه لم ينفذ غصبا عنهم. هناك مصدر أمني نفي أن يكون للمشير له أي علاقة بقطع الاتصالات ثم نشرت الأهرام خبرا عن تسجيل هاتفي بين طنطاوي وبين مسئول كبير غالبا هو وزير الاتصالات يطلب فيه من المشير أن يعيد تشغيل الاتصالات فرد عليه بأن يتحدث مع الذي طلب منه قطعها ليعيدها بما يعني صراحة أن هناك مسئولا غير المشير هو الذي اتخذ القرار. وواضح أن تسريب هذا الخبر بعد النفي هدفه نسف أي مؤامرة مبكراً على المجلس العسكري ومنع البلبلة والقيل والقال. وإذا كان طنطاوي قد حضر الاجتماع الوزاري بحكم كونه وزيرا للدفاع فإننا نعرف أن حفظ الأمن الداخلي كان موكولا بشكل كامل لوزارة الداخلية وأن إدارة الأزمات المختلفة التي شهدتها البلاد قبل الثورة سواء كانت اعتصامات أو إضرابات أو أزمات سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو معيشية أو طائفية كانت تدار بشكل أمني بالأساس من خلال الداخلية ثم تأتي السياسة متأخرة وكان يتم إبعاد الجيش عن أي تدخل في الشأن الداخلي ليس لإبعاده عن الشأن السياسي فقط فهو بطبيعة الحال لا يقحم نفسه بالعمل السياسي إنما لأنه وفي إطار مخطط التوريث ومن شعور مجموعة التوريث أن الجيش قد يكون غير راض عن هذه العملية فإنه كان يتم إبعاده تماما عن الشأن العام وبالمقابل تعظيم دور وزارة الداخلية ودور وزيرها حتى يمر التوريث كما كان مخططا له هذا العام 2011 في حياة الرئيس مبارك حتى يكون حاجزا ومانعا لأي رفض من الجيش أو تحرك من أي نوع ضد ما يجري.من هنا يكون مفهوما مشاركة الجيش للشعب المصري ثورته لأنها توافقت في أهدافها مع ماكان يشغل الجيش ورفعت الحرج عنه فيما لو كان قد اضطر للتدخل بشكل مباشر لمنع التوريث ، ومن هنا يكون مفهوما أيضا أنه كان يستحيل على قيادة الجيش أن تتورط في استخدام العنف ضد المتظاهرين. مرّت مظاهرة 25 يناير كما توقع الاجتماع الوزاري حسب السيناريو الأول الذي وضعه الاجتماع وهو أن تنتهي بهدوء ، لكن ما خالف توقعات الاجتماع أن عدد المتظاهرين كان أكثر من حساباته ، وهذا ما قاله أيضاً العادلي وقادة الشرطة الذين يحاكمون معه، لكن ما لم يكن في الحسبان مطلقا هو طوفان المتظاهرين يوم "جمعة الغضب" 28 يناير، ففي هذا اليوم بدأت الثورة الحقيقية، ولذلك عجزت قوات الشرطة عن مواجهة الحشود فانهارت بعد أن نفد كل ما كان لديها من وسائل قمع ومنها الرصاص الحي وهي ارتكبت في هذا اليوم جريمة بشعة في حق المصريين بسقوط مئات الشهداء وألوف الجرحى وعدد هائل من المعتقلين. وحسب التحقيقات مع العادلي وضباط الداخلية وكل من كانت لهم علاقة بالأحداث فإن أحدا منهم لم يذكر أنه عُقدت اجتماعات وزارية أو أمنية أو طارئة بعد يوم 25 يناير حتى يوم 28 يناير يوم "جمعة الغضب" مع مبارك أو مع رئيس الوزراء أحمد نظيف قبل إقالته . وواضح أن مبارك كان يعتمد فقط في إدارة الوضع الأمني على وزير داخليته القوي حبيب العادلي حيث كان الخط الساخن نشطاً بين الرئاسة وبين مكتب العادلي، ونُقل عن مبارك قوله لمن حذّروه من خطورة الموقف إن " البلد ممسوكة كويّس " في إشارة إلى تطمينات العادلي له بأن كل شيء تحت السيطرة، طبعاً بالعنف والقمع . ولا نجد فيما قرأناه من محاضر التحقيقات مع المتهمين من كبار رموز النظام ما يمكن أن يمس المشير بسوء خلال أيام الثورة من موقف معاد لها. ومشاركته مع آخرين في اجتماع 22 يناير هو أمر طبيعي أن يكون على رأس الحضور بحكم منصبه الوزاري. قد تكون جرت اتصالات هاتفية بينه وبين مبارك، وربّما عُقدت اجتماعات لم يُعلن عنها، لكني أستبعد ذلك، فمبارك ونجله كانا مطمئنين إلى أن حبيب العادلي قادر على حفظ النظام والأمن في مصر بمفهوم قمع أي مظاهرة وتلقين من يشاركون فيها دروساً تجعلهم لا يعودون إليها مرّة أخرى، وبالتالي فهما ليسا في حاجة للجيش، لكن يشاء ربك أن غليان السنوات العشر الأخيرة بالذات في عهد مبارك جعلت الملايين يخرجون في "جمعة الغضب" وما بعدها حتى الإطاحة به وبنظامه الهش الفارغ الذي كان يُدار بمنطق دوّار العمدة كما قال اللواء محمود خلف، وقد اكتشفنا أننا كنا مخدوعين في نظام كان يُقدّم نفسه على أنه قوي ومتماسك وصلب فإذا به ينهار مع انهيار جهاز الشرطة القمعي، ثم لمّا يُحاول أن يقول: أنا ما زلت موجوداً يتم ذلك بالبلطجية والخيول والجمال والحمير في "موقعة الجمل" الفضيحة . اضطر مبارك الساعة الرابعة يوم 28 يناير أن يطلب من الجيش النزول للشوارع. لكن ماذا كانت طبيعة أمر أو توجيه مبارك القائد الأعلى للقوات المسلحة للجيش آنذاك ..هل هو حفظ الأمن وتأمين المنشآت الحيوية والحساسة فقط، أم إلى جانب ذلك سحق المتظاهرين والمعتصمين في التحرير والإسكندرية والسويس والمحافظات ؟. هذا هو السؤال المهم، لأن هناك أقوالاً مثل :إن مبارك طلب من الجيش تفريق المتظاهرين ولو بإطلاق النار عليهم، ولذلك نُريد من المشير في شهادته إذا تمّت أن يُؤكّد أو ينفي هذا الكلام. لكني أميل إلى تصديق طلب مبارك استخدام القوة مع المتظاهرين، ويدعم ذلك ما كشفه مؤخراً لجريدة "الفجر" د. حسام بدراوي الأمين العام السابق للحزب الوطني المنحل الذي عيّنه مبارك في المنصب بعد إقالة صفوت الشريف ضمن محاولاته اليائسة لإنقاذ نظامه لكنه لم يُكمل أسبوعين واستقال حيث قال إنه خلال لقاء مباشر له مع مبارك رفض التنحي وكان في قمة عناده رغم اقتراب الثوار من قصره، وكشف بدراوي أن مبارك أكّد له أن الثوار لو اقتربوا من القصر فالحرس الجمهوري سيقتلهم من غير رحمة، فردّ عليه بدراوي: " هذا الأسلوب سيُعطي مبرّراً للشعب لكي يقتلك". الجيش استقبل بحفاوة بالغة من المتظاهرين ومن الشارع ووصل هتاف "الجيش والشعب إيد واحدة" عنان السماء ،ومهما كانت الأوامر الحمقاء من مبارك للجيش فإن قيادته العاقلة الوطنية لم تكن لتستجيب لقتل مصريين يتظاهرون سلميًّا ولهم مطالب مشروعة كما أن تاريخ الجيش الوطني لا يُمكن أن يُلوّث بدم مواطن مصري واحد والأهم أن قيادة الجيش كانت مُدركة لكل أسباب اندلاع الثورة ومتفهمة لها ومقتنعة بها، فالجيش وقادته جزء من الشعب ويُعانون كما يُعاني الشعب، ولذلك حمى ثورة الشعب وظل إلى جوار الثورة حتى سقط الديكتاتور. عن ماذا- إذن - سيسأل محامي مبارك المشير؟. هل سيسأله لماذا لم تقتل المتظاهرين من أجل بقاء مبارك في الحكم سنوات أخرى، ثم يرثه ابنه من بعده ؟. أم سيسأله لماذا لم تُخل الميدان يوم "موقعة الجمل" بمشاركة بلطجية الوطني وخيوله وجماله وبغاله بالعدوان على المتظاهرين المسالمين ؟ . الجيش في هذا اليوم العصيب وقف على الحياد بين بلطجية النظام المعتدين وبين المعتصمين المعتدى عليهم حتى لا يُقال إن جيش مصر والشعب انحاز لطرف دون الآخر رغم أنه لو انحاز سيكون معه الحق لأنه ينحاز للمجني عليه ضد الجاني . الحقيقة أن أداء قادة المجلس العسكري خلال الثورة وحسب ما تسرّب من معلومات أو مواقف حتى الآن يرفع كفة الجيش لأعلى، فالثورة لم تكن لتنتصر وتُسقط الديكتاتور إلا بحماية الجيش لها. من التسريبات اللافتة والمهمة أيضاً أن المشير ومعه عمر سليمان نائب الرئيس آنذاك والفريق أحمد شفيق عندما كان رئيسا للوزراء طالبوا مبارك بضرورة التنحّي ومغادرة السلطة لأن الوضع لم يعد يحتمل بقاءه، ومثل هذا الطلب الجريء لرئيس ديكتاتور يقف حوله ابنه وزوجته ورئيس ديوانه ورموز نظامه الذين كانوا يعملون المستحيل حتى لا تغرق السفينة لأنهم سيغرقون معها كان يُعدّ مجازفة من الثلاثة قد تترتّب عليها مخاطر كبيرة قد تلحق بهم .ولنتذكر مرة أخرى أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة انعقد وأصدر بيانه الأول الخميس 10 فبراير بدون رئاسة مبارك القائد الأعلى حيث أيّد المطالب المشروعة للشعب أي أنه أكّد انحيازه الصريح للثورة، وإعلانه أنه في حالة انعقاد دائم كانت إشارة صريحة إلى أن ورقة مبارك قد سقطت، وهذا الموقف كان قمّة التأكيد على الدور البطولي الذي اتخذه الجيش لأجل الثورة . شهادة المشير لو تمّت ستكشف لنا عن دور وطني قدّمه هذا الرجل وزملاؤه لمصر وشعبها وثورتها، ونحن في انتظار هذه الشهادة التاريخية.