بعد شهور قليلة من الآن، سيتم إجراء أول انتخابات برلمانية بعد ثورة 30 يونيو لتفرز مجلس نواب هدفه الرئيسى سن القوانين والتشريعات لصالح الشعب المصري، وبالرغم من أن المدة القليلة الباقية على تشكيل مجلس النواب القادم إلا أنه يوجد سيل من التشريعات والقوانين التى يحاول الرئيس عبد الفتاح السيسى إصدارها قبل المجلس الجديد مما يعزز من الآراء التى تؤكد أن هذا السيل من التشريعات من قبل النظام الحاكم سيهمش دور البرلمان القادم. ولعل أبرز التشريعات التى ستصدر من قبل النظام الحاكم قبيل انعقاد المجلس التشريعى ما يعكف عليه حاليًا قسم التشريع بوزارة العدل برئاسة المستشار حسن بدراوى مساعد وزير العدل، على الانتهاء من 7 مشاريع قوانين مهمة، لتقديمها إلى مجلس الوزراء، تمهيدا لإرسالها إلى مجلس الدولة وإصدارها رسميًا من رئاسة الجمهورية، وأهم هذه القوانين قانون تجريم إهانة ثورتى 25 يناير و30 يونيو، وقانون الكسب غير المشروع وقانون الكيانات الإرهابية. وبالرغم من انتقاد الكثير من السياسيين، استخدام الرئيس الأسبق محمد مرسى لسلطة التشريع وطالبوه بالانتظار حتى انتخاب برلمان تشريعي, يرى الكثير منهم فى الوقت الحالى أن استخدام الرئيس السيسى لسلطة التشريع هو أمر ضرورى فى ظل غياب مجلس النواب، وأنه لن يكون له تأثير على أهمية وجود برلمان ممثل من جانب الشعب أو تكون هذه القرارات قد تجاوزت عمل النواب المنتظرين لأن البرلمان يكون محتفظًا بحقه فى مراجعة القوانين التى تم إصدارها من قبل والموافقة عليها أو تعديلها أو حتى إلغائها. ورغم تأكيد البعض على أهمية إصدار القوانين التى تثير الجدل فى الشارع من قبل مجلس النواب، وهذا يصب فى صالح الرئيس والشعب لكن البعض يرى أن إصدار الرئيس عبد الفتاح السيسى لعدد من القوانين يندرج تحت بند الحاجة المجتمعية. وفى إطار ذلك رصدت "المصريون" آراء الأحزاب السياسية فى سيل التشريعات التى يصدرها النظام الحاكم قبل فترة قليلة من تشكيل مجلس النواب وعدم انتظار انعقاد مجلس النواب القادم. عبد العظيم: لابد أن يكون التشريع فى أضيق الحدود وقانون تجريم الثورتين غير موفق فى البداية قال الدكتور حازم عبد العظيم عضو الهيئة العليا لحزب المصريين الأحرار، إن الدستور الحالى يعطى الحق الرئيس الجمهورية فى إصدار القوانين والتشريعات المنظمة للمصريين، إلى حين انتخاب مجلس تشريعى يتولى أمر التشريع وسن القوانين نيابة عن الشعب . وأوضح عبد العظيم، أنه بالرغم من أحقية رئيس الجمهورية فى إصدار القوانين لكن من لابد أن يكون التشريع فى أضيق الحدود. وانتقد عضو الهيئة العليا لحزب المصريين الأحرار، السعى لإصدار قانون تجريم الإساءة لثورتى 25 يناير و30 يونيو، مؤكدًا ضرورة تركه للبرلمان لكى يبت فيه ويناقشه بصورة جيدة، بالإضافة إلى قانون التظاهر الذى يجب تعديله من قبل البرلمان. فشروع الرئيس عبد الفتاح السيسى فى إصدار عدد من القوانين لا يعنى تهميشه لدور البرلمان القادم، فمن المستبعد أن يسيطر حزب واحد على البرلمان يستطيع من خلاله تمرير قوانين معينه, خاصة أن رئيس الجمهورية ليس له حزب سياسي, وأن عصر الحزب الوطنى لا يمكن أن يعود مرة خرى ومن المنتظر أن يكون البرلمان القادم متنوعًا بين التيارات السياسية المختلفة. وأضاف عبد العظيم، أن البرلمان لابد من تشكيله قبل نهاية شهر مارس القادم وقبل انعقاد المؤتمر الاقتصادى الكبير الذى تنظمه مصر لجذب الاستثمارات, مشيرًا إلى أن عدم وجود برلمان قد يكون له تأثيرات سلبية على جذب المستثمرين الأجانب إلى مصر لاسيما أن البرلمان هو الرقيب والضامن لهذه الاستثمارات . فهناك عدد من القوانين التى تتطلب مناقشتها وإصدارها من قبل البرلمان مثل قانون تنظيم المحليات وقانون حرية تداول المعلومات وقوانين متعلقة بأمن المعلومات وقانون التظاهر وأى قوانين يكون عليها جدل لابد أن ينظرها البرلمان. القاضى: يجب التصدى لرئيس الجمهورية إذا استخدم التشريع لصالحه ومن جانبه يقول هشام القاضى المتحدث الرسمى لحزب مستقبل وطن، إنه لا يمكن لأحد تهميش دور البرلمان القادم، حتى وإن استخدم رئيس الجمهورية سلطة التشريع لغياب البرلمان فهناك فرق بين الانتقادات التى كانت توجه إلى الرئيس السابق محمد مرسى عندما كان يستخدم سلطة التشريع وبين الرئيس عبد الفتاح السيسى الذى لم يصدر مشروع قانون يجعل منه نصف إله أو يحصن قراراته مثلما فعل مرسى . فهناك مواد فى الدستور تعطى المزيد من الصلاحيات للمجلس التشريعى القادم تكاد تفوق رئيس الجمهورية أحيانًا, بل تصل سلطات مجلس الشعب إلى عزل الرئيس إذا أقر ثلث المجلس بذلك. وأضاف القاضي، أن رئيس الجمهورية لم يعتد على السلطة الدستورية وإنما يحاول سن بعض القوانين مثل قانون تجريم إهانة ثورتى 25 و30 يونيو والذى يهدف إلى الحفاظ على السلام الاجتماعى للوطن، مضيفًا، أنه فى بعض الأحيان يكون من الضرورة سن قانون وتنفيذه بشكل فوري. فالجميع لابد أن يقف بالمرصاد لرئيس الجمهورية فى حالة تجاوزه الحدود العامة فى تشريع القوانين وإصدار قوانين من أجل المصلحة الشخصية وليست فى صالح المجتمع, عدا ذلك يجوز له إصدار القوانين التى تخدم المجتمع خاصة فى ظل الظروف العصيبة التى تمر بها مصر، لأن العبرة بالنتيجة وإذا ظهر أن القوانين التى تم إصدارها من قبل الرئيس غير صالحة يستوجب على البرلمان تعديلها أو إلغائها فوظيفة البرلمان التشريع . مصطفى: الإسراف فى إصدار القوانين ليست فى صالح السيسى وتخدم البرلمان وفى سياق مخالف، يقول هشام مصطفى رئيس حزب الإصلاح والنهضة، إن إصدار رئيس الجمهورية لسيل من القوانين قبل الانتظار لإجراء انتخابات مجلس النواب الذى يستمد الشرعية من الشعب لوضع التشريعات اللازمة, قد يضعه فى مأزق خطير لا سيما وأن الدستور ينص على أن مجلس النواب لابد أن ينظر ويقر جميع القوانين التى أصدرها رئيس الجمهورية فى مدة لا تقل عن 15 يومًا وفى حالة عدم نظرها خلال هذه المدة فإن جميع القوانين تعتبر لاغيه. فرئيس الجمهورية قد يجبر البرلمان من خلال أنصاره على تمرير القوانين التى أصدرها حتى لا يكون المجلس له الحق فى نظر جميع القوانين سواء التى أصدرها المستشار عدلى منصور أثناء ولايته المؤقتة أو التى أصدرها السيسي, لذلك هناك شبه اتفاق بين التحالف المصرى على هذه النقطة فور دخوله للبرلمان وتحقيق أغلب المقاعد . وأشار مصطفي، إلى أن هناك بعض القوانين التى تستدعى الاستعجال بالتشريع كالمتعلقة بالاستثمار والبعض الآخر غير مفيدة وليست لها جدوى سيتم إلغاؤها فى خلال ال15 يومًا الأولى من عمر البرلمان الجديد فى حالة عدم مناقشتها والموافقة عليها . فتأخر إجراءات انتخاب مجلس النواب، قد يكون له فوائد وقد يكون خطرًا على المجتمع إذا ما زادت المدة لوقت طويل وتم إصدار عدد كبير من القوانين تكون عبئًا على المجلس الجديد. لاشين: البرلمان لديه صلاحيات تعديل القوانين والرئيس ينوب عنه بشكل مؤقت من جانبه يقول الدكتور محمد سليمان لاشين القيادى بحزب المؤتمر، إنه فى ظل عدم وجود مجلس نواب ووجود إضرابات ومشاحنات بين أطراف المجتمع المصرى يحاول الرئيس السيسى إثبات للجمع أن النظام الحالى يعترف بثورتى 25 يناير و30 يونيو وأن مجلس النواب لديه جميع الصلاحيات القانونية فى تعديل القانون وأنه الآن ينوب عن مجلس النواب من أجل إصدار بعض القوانين التى يرى أنها ضرورية . فمن الأفضل للشعب ولرئيس الجمهورية أن يترك سلطة التشريع خاصة فى القوانين التى يوجد بها جدال مجتمعى . فالسيسى قد يرجئ إصدار قانون الكسب غير المشروع أو تعديل قانون الإجراءات الجنائية إلى البرلمان المقبل، خاصة أن المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء، قد أعلن عن أنه يعمل على إعداد حزمة من قوانين الاستثمار لعرضها على مجلس الشعب المقبل. فاتجاه السيسى إلى إصدار قانون يجرم إهانة ثورة 25 و30 يونيو ،هو اتجاه سياسى لامتصاص غضب الشارع بعد براءة مبارك وهجوم البعض على ثورة 25 يناير ومحاولات التلويح بأن نظام مبارك راجع وبقوة. وأرجع لاشين، تأخر إجراء عقد البرلمان حتى الآن إلى الاختلاف بين الأحزاب وعدم الاتفاق على شكل خوض الانتخابات فى القوائم أو حتى فى الفردى وهو ما يعطى متسعًا من الوقت للرئيس لاستخدام سلطاته الدستورية فى سن القوانين وإصدار التشريعات الجديدة، متوقعًا أن تنعقد الانتخابات لاختيار البرلمان الجديد قبل نهاية الربع الأول من عام 2015 .