يقول المثل المصرى الشعبى "خبطتين فى الراس توجع" ، و قد تلقى العلمانيون فى العالم الإسلامى خبطتين فى رأسيهما يوم الجمعة المبارك 29/7/2011. الخبطة الأولى كانت فى مصر قلب الإسلام النابض مع التجمع الإسلامى الكبير فى ميدان التحرير و الذى وضع التيارات العلمانية بمختلف تشكيلاتها (الليبرالية و اليسارية و القومية و الناصرية) فى حجمها الطبيعى و أجبرهم على إعادة حساباتهم فيما يتعلق بالإنتخابات القادمة و ما يستطيعون تحقيقه فعلاُ. المتابع لما يكتبه هؤلاء يكتشف وقع الصدمة الهائل على نفسياتهم ، فقد إكتست مقالاتهم بالتشاؤم الشديد و تحولت آمالهم إلى ما يقارب اليأس الكامل ، و عادت ثانيةُ الموجة القديمة من الهجوم على الإسلاميين و إتهامهم بما ليس فيهم من العمل على إنشاء دولة دينية و إنتهاك حقوق المرأة و الأقباط و إقصاء الآخر ، إلخ. و هى الإتهامات التى تم تفنيدها عشرات المرات و لكن لا حياة لم تنادى ، فليس لديهم بضاعة غيرها. الخبطة الثانية - والتى هى أكثر أهمية- فكانت فى تركيا القلب الثانى للإسلام ، ففى نفس هذا اليوم العظيم قدم قادة الجيش التركى إستقالةً جماعية لرئيس الوزراء رجب طيب أردوجان. الإستقالة كانت كزلزالٍ هائل ضرب الحياة السياسية فى تركيا ، فقد جرت العادة على أن قادة الجيش هم القادرون على إسقاط الحكومة و ليس العكس. هذه الخطوة المفاجئة من جنرالات تركيا أسقطت و إلى الأبد سيطرة الجيش التركى على الحياة السياسية ، و فتحت الطريق أمام البرلمان التركى لوضع دستور جديد للبلاد بدلاً من الدستور الحالى الذى وُضع فى الثمانينيات تحت إشراف الجيش. و كان البرلمان التركى قد نجح العام الماضى فى إجراء تعديلات دستورية فيما يخص السلطة القضائية لتعود تحت سيطرة الشعب التركى مصدر السلطات ممثلاً فى نوابه المنتخبين، و ها هو الآن الجيش يعود إلى كنف الشعب لتفقد العلمانية المتطرفة بذلك حصنيها الحصينين. و هكذا تترنح العلمانية فى أهم بلدين فى العالم الإسلامى –مصر و تركيا- بعد أكثر من قرن و نصف من الحكم فى الأولى و ما يقرب من قرنٍ كامل فى الثانية، و يقف العلمانيون فى البلدين عاجزين عن فعل أى شئ سوى الإستنجاد بالشعوب أن تقف معهما فى هذه المعركة المصيرية و هو ما سيكتشفون أنه وهمٌ كبير حيث يقف الشعبان بقلبهما و عقلهما فى الجانب الآخر تماماً. [email protected]*