مطاي تنفذ مبادرة خفض الأسعار للسلع الغذائية في منافذ متحركة وثابتة    لمنع تراكم القمامة.. الوحدات المحلية تواصل رفع المخلفات بالإسماعيلية    محافظ الغربية يتابع الحملات المستمرة لإزالة التعديات على الأراضي الزراعية    إسرائيل: لا ننوي قتل كل أعضاء حماس ولكن هزيمتها عسكريا وإفشال قدرتها على الحكم    جوميز يعلن تشكيل الزمالك لمواجهة فاركو    ضبط 6 الآف قضية سرقة تيار كهربائي وألف مخالفة داخل وسائل النقل خلال 24 ساعة    شاب ينهى حياة والدته بسبب عدم إعطاءه نقودا فى سوهاج    تفاصيل سرقة 26 سبيكة ذهبية من داخل فيلا أيمن طاهر في الشيخ زايد    متى يحتفل المصريون بعيد الأب؟.. رسائل تهنئة بمناسبة عيد الأب 2024    ب مليون و100 ألف فيلم "أهل الكهف" يحتل المركز الرابع    السمسمية تختتم احتفالات قصور الثقافة ببورسعيد بعيد الأضحى    الجمعة المقبلة.. محمد حماقي يحيي حفل ليالي مصر    يورو 2024.. سلوفاكيا تتفوق على أوكرانيا بهدف فى الشوط الأول "فيديو"    نفذته القسام.. صحيفة عبرية تكشف تفاصيل "كمين نتساريم"    تباين أسعار العملات الأجنبية في ختام تعاملات اليوم الجمعة 21 يونيو    إعلامي شهير يعلن الدولة الأقرب لاستضافة السوبر الأفريقي    "كل واحد يتكلم زي ما هو عايز".. عضو رابطة الأندية يرد على الزمالك: لست مثل الأهلي    حصاد الوزارات.. وزيرة التضامن تطمئن على الحالة الصحية لحجاج الجمعيات    إعلام فلسطينى: 30 شهيدا وصلوا مستشفى المعمدانى منذ صباح اليوم    التشكيل الرسمي لمباراة أوكرانيا وسلوفاكيا في يورو 2024    هل حصل أحمد شوبير على هدايا من تركي آل الشيخ؟.. حارس الأهلي السابق يوضح    لتعويض كروس.. موندو ديبورتيفو: ريال مدريد يدرس التعاقد مع أدريان رابيو    وزيرة الهجرة: صندوق "حماية وتأمين المصريين بالخارج" يوفر مظلة الحماية الاجتماعية والتأمينية    أول تعليق من الأب دوماديوس الراهب بعد قرار الكنيسة بإيقافه عن العمل    «قوة الأوطان» موضوع خطبة الجمعة المقبلة    «الصحة»: تسليم كروت المتابعة الطبية ل39 ألفًا و713 حاجًا عقب عودتهم للأراضي المصرية    قوة إسرائيلية خاصة تحاصر قلقيلية شمال الضفة الغربية    هآرتس: الجيش الإسرائيلى يستعد لإنهاء القتال فى غزة    نادي جامعة حلوان يطلق مبادرة «المخترع الصغير» لصقل مواهب الأطفال    مصادر: حلف اليمين للحكومة الجديدة الأحد المقبل    المالية: نعمل على ميكنة مقاصة مستحقات المستثمرين ومديونياتهم لدى الحكومة    بعد إتهامه بالسرقة.. شقيق شيرين عبد الوهاب يقاضي حسام حبيب    وزير الأوقاف: تعزيز قوة الأوطان من صميم مقاصد الأديان    محافظ بني سويف يؤدي خطبة الجمعة بمسجد عمر بن عبد العزيز    الكلب «طاهر أم نجس»؟.. مفتي الجمهورية يحسم الجدل (فيديو)    وكيل صحة الشرقية يتفقد سير العمل بمستشفى الصدر بالزقازيق    بالصور- افتتاح مسجد الرحمة الكبير في بني سويف بعد تطويره بتكلفة 470 ألف جنيه    هكذا يؤثر مرض السكري على أعضاء الجسم    كوريا الجنوبية تحث موسكو على وقف التعاون العسكري مع بيونج يانج    بدائل الثانوية العامة 2024.. شروط القبول بمدارس «القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي»    «الداخلية» تُحرر 169 مخالفة للمحال غير الملتزمة بترشيد استهلاك الكهرباء    بعد الإطاحة به من المنافسة.. خيبة أمل تصيب صناع الفن بعد تذيل أهل الكهف الإيرادات    مدير آثار الكرنك: عقيدة المصري القديم تشير إلى وجود 3 أشكال رئيسية للشمس    أحمد مات دفاعا عن ماله.. لص يقتل شابا رميًا بالرصاص في قنا    أزهري يوضح أضلاع السعادة في الإسلام    استشاري نفسي يقدم روشتة للتخلص من اكتئاب الإجازة    أمين الفتوى محذرا من ظلم المرأة في المواريث: إثم كبير    طريقة عمل ميني بيتزا، سهلة ومناسبة لإفطار خفيف    وزير الإسكان: جار إنشاء الطريق الإقليمى الشرقى حول مدينة أسوان وتوسعة وتطوير كورنيش النيل الجديد    إسقاط التهم عن طلاب بجامعة كولومبيا اعتقلوا في احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين    نماذج استرشادية لامتحان اللغة العربية لطلاب الثانوية العامة 2024    عاجل - "قطار بسرعة الصاروخ".. مواعيد وأسعار قطارات تالجو اليوم    سول تستدعى سفير روسيا للاحتجاج على معاهدة بيونج يانج وموسكو    توجيه سعودي عاجل بشأن رصد 40 حالة تسمم في جازان (تفاصيل)    حلمي طولان يناشد الخطيب بطلب شخصي بخصوص مصطفى يونس.. تعرف على السبب    طقس اليوم شديد الحرارة على أغلب الأنحاء.. والعظمى بالقاهرة 38    ووكر: يجب أن نرفع القبعة للهدف الذي استقبله شباك منتخبنا إنجلترا    القس دوماديوس يرد على الكنيسة القبطية: "ذهابى للدير وسام على صدرى"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أنقذوا الصومال –منار الشوربجى
نشر في المصريون يوم 27 - 07 - 2011

في دردشة مع أحد الزملاء من المشتغلين بالعمل العام في مصر تطرق الحديث للكثير من الهموم العربية. كان الزميل العزيز يتفق معي في أغلب ما قلت من تعليقات. لكن ما فاجأني حقا كان رد فعله حين قلت له إن التجاهل العربي لما يجري في الصومال صار مؤلما للغاية. عندئذ رد الزميل باهتمام، «وهل هناك جديد في الصومال؟» فاجأني السؤال تماما فأجبت بكلمة واحدة. قلت له «مجاعة»، ثم ساد الصمت طويلا قبل أن نعاود الحوار من جديد.
ولعل ذلك الصمت في ذاته كان الأكثر صدقا في التعبير عما جال في خاطري وقتها. فالصمت أحيانا ما يكون تعبيرا عن الصدمة أو الخجل وربما يعبر أيضا عن قلة الحيلة.
والصومال سقط بالفعل من اهتمامات العرب حتى يبدو لك الأمر وكأنه ليس بلدا عربيا من الأساس. انظر مثلا كيف تتناول وسائل الإعلام العربية الصومال. بالتأكيد ستجد خبرا عن كارثة الصومال الجديدة ولكنك ستلاحظ أن هذا الخبر يأتي في ذيل نشرات الأخبار وفى الصفحات الداخلية للصحف.
وهذا التجاهل ليس جديدا بالمناسبة، فهو امتداد لما جرى منذ أوائل التسعينات بعد أن سقط نظام سياد برى وانهيار الدولة الصومالية. وأذكر جيدا كم كنت أشعر بالأسى في تلك الفترة حين كان الذين هبوا لنصرة المسلمين في البوسنة ملء السمع والبصر تتصدر أخبارهم ودعواتهم الحياة العامة بينما لم يفكر أحد منهم أو من غيرهم أن يهب هبة مماثلة لإنقاذ «مسلمي الصومال». لم أكن بالطبع ضد دعم البوسنة ولكنني كنت أستنكر بشدة ألا يحصل أهل الصومال على اهتمام مماثل على أقل تقدير.
والآن عادت كل تلك الصور لذهني من جديد، فأسأل نفسي عن اهتمامنا البالغ بالمأساة الجارية في ليبيا العربية الأفريقية وتجاهلنا للكارثة الإنسانية التي لا تقل ضراوة والتي تحدث في الصومال العربي الأفريقي أيضا.
فأنا على قناعة أن شهداء الحرية الأبرار في مصر وتونس وليبيا يطالبوننا بالاهتمام بشهداء القهر والذل في الصومال. فما يعانون منه سياسي وعسكري بالدرجة الأولى. واختزال القصة في مجرد أحوال مناخية سيئة جلبت الجفاف الذي نتجت عنه المجاعة هو في الحقيقة اختزال مخل لا يصمد أمام أية قراءة موضوعية لما يجري في الصومال.
فحلول هذه الكارثة الإنسانية بأهلنا في الصومال لم يكن مفاجئا بالمناسبة. فقد نشرت الصحف الأميركية أن دراسات مناخية أجرتها الولايات المتحدة العام الماضي كشفت منذ وقت مبكر عن احتمال قوى لعدم سقوط الأمطار للعام الثاني على التوالي فحذر الباحثون من أن القرن الأفريقي كله وليس فقط الصومال مقدم على جفاف وربما مجاعة. لكن أحدا، بما في ذلك الولايات المتحدة التي خرجت منها الدراسة، لم يبد اهتماما يذكر بالاستعداد المبكر لحماية الأرواح.
وحين أعلنت الأمم المتحدة رسميا عن أن الوضع في الصومال ينطبق عليه مصطلح المجاعة فإنها وصفت الكارثة في الصومال بأنها «أسوأ أزمة إنسانية في العالم»، وقالت إن نصف الشعب الصومالي معرض للموت خصوصا في إقليمين من أقاليم الجنوب الصومالي. وأضافت أن أكثر من 30 بالمئة من الأطفال يعانون من سوء تغذية حاد.
لكن الجفاف وحده ليس هو المسئول عن الكارثة التي يعيشها أطفال الصومال الأبرياء. فعلى عكس دول شمال أفريقيا ومنها مصر، التي عانى أبناؤها من القهر بسبب الاستبداد والفساد، فإن الوضع في الصومال أكثر تعقيدا بكثير. فالصومال يعانى من التدخل العسكري الأجنبي وانهيار كامل لمؤسسات الدولة. فمنذ أن سقطت حكومة سياد برى عام 1992 وسيطر أمراء الحرب صار الصومال مرتعا للفوضى وبات كالقصعة التي يتداعى عليها كل من يريد نفوذا أو موطئ قدم في بلد ذي أهمية استراتيجية بحكم موقعه الجغرافي كالصومال.
والولايات المتحدة التي تدخلت في التسعينات تحت شعار التدخل الإنساني ثم خرجت بعد قتل 19 من جنودها، عادت من جديد تحت شعار محاربة القاعدة في القرن الأفريقي وحركة الشباب الإسلامي في الصومال. لكنها هذه المرة عادت تحمل الطيارات بلا طيار التي تقصف بلا رحمة فيروح ضحيتها المدنيين بالأساس.
وهى التي حرضت إثيوبيا على غزو الصومال واحتلاله من 2006 حتى 2009 من أجل الإطاحة بحكومة «إسلامية» كانت قد استطاعت أن تعيد بعض الاستقرار للبلاد. والولايات المتحدة هي أيضا التي تمول القوات الأوغندية والبوروندية التي تحارب في الصومال اليوم تحت راية الاتحاد الأفريقي وباعتبارها قوات لحفظ السلام بينما هي تعمل لصالح حكومة مقديشيو الموالية للولايات المتحدة.
وكل هذه العسكرة الدامية للبلد الجريح ليست ببعيدة عن تفاقم الكارثة الإنسانية. فعلى سبيل المثال قامت إثيوبيا بتواطؤ أميركي بإغلاق منطقة أوجادين أمام الرقابة الدولية بينما تشير كل الدراسات أن تلك المنطقة هي من أكثر المناطق تضررا من الجفاف. وأوجادين تعيش فيها أغلبية صومالية وتسعى للاستقلال عن إثيوبيا منذ عقود. أما الصراع بين حركة الشباب والولايات المتحدة فقد ساهم منذ العام الماضي في تفاقم أزمة الغذاء.
فالولايات المتحدة حظرت على منظمات الإغاثة تقديم أي دعم مادي لحركة الشباب، الأمر الذي أدى لخروج الكثير من تلك المنظمات من الصومال العام الماضي. وقد خرجت بعض هذه المنظمات لتضع اللوم على حركة الشباب لأنها طردتهم حين رفضوا دفع الضرائب وفق الحظر الأميركي، بينما وجهت منظمات أخرى الاتهام للولايات المتحدة بأنها عرقلت مهمتها باعتبار أن ذلك الحظر يمثل عقابا جماعيا للصوماليين الذين يقطنون في المناطق الخاضعة لسيطرة حركة الشباب.
الصومال يا عرب يحتاج للدبلوماسية العربية للأخذ بيده للخروج من محنة دامت عقدين وعقدتها التدخلات الأجنبية ولم تحلها فلا مفر من إنقاذ عربي. لكننا قبل كل ذلك في حاجة عاجلة لأن ننقذ أولا أهلنا الذين يموتون في الصومال.
نقلا عن البيان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.