في ذروة صدمة إسرائيل من "عملية القدس", فوجئت بضربة أخرى في اليوم ذاته, عندما تبنى البرلمان الإسباني قرارا رمزيا "غير ملزم" لصالح الاعتراف بدولة فلسطين. وكان البرلمان الإسباني صوت في 18 نوفمبر لصالح مذكرة طرحتها المعارضة الاشتراكية، وتطلب من حكومة بلادها الاعتراف بدولة فلسطين بالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي. وذكرت وكالة "الأناضول" أن 319 من أصل 322 نائبا بالبرلمان الإسباني صوتوا لصالح مقترح للحزب الاشتراكي يتضمن اعترافا رمزيا بدولة فلسطين، فيما امتنع عضو عن التصويت، وصوت نائبان ضد القرار. وطلب النص الذي طرحه الحزب الاشتراكي من الحكومة "الاعتراف بفلسطين كدولة طرف في القانون الدولي، مع الاقتناع بأن تعايش الدولتين -إسرائيل وفلسطين- وحده قد يجيز التوصل الى اتفاقات تضمن السلام والأمن". كما طلب النص من الحكومة الإسبانية التشجيع بالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي على الاعتراف بدولة فلسطين، وحظيت المبادرة بدعم كل الكتل البرلمانية. وبدوره، أكد وزير الخارجية الإسباني خوسي مانويل غرثيا مرغايو أن حكومته تصبو إلى أن يكون هذا الاعتراف فرصة للخروج من مأزق الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي, ويساهم في الوصول إلى تسوية على قاعدة دولتين لشعبين. ونقلت وكالة الأنباء الأوروبية عن مرغايو قوله إن إسبانيا تريد الاعتراف بدولة فلسطين، لكنها لا تريد أن يكون ذلك الاعتراف عبارة عن مبادرة رمزية، بل تريد منها أن تحقق الفائدة لمسيرة الحل الدائم. ولقيت الخطوة الإسبانية استنكارا من قبل إسرائيل, التي زعمت أن أي تحرك أحادي الجانب لن يقدم حلا للوضع الحالي، وسيزيد التباعد بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي على طاولة المفاوضات. يذكر أن 134 دولة في العالم اعترفت بدولة فلسطين, وكان آخرها السويد في 30 أكتوبر الماضي، وهي الدولة الوحيدة من أعضاء الاتحاد الأوروبي, التي تقوم بذلك. وكان البرلمان البريطاني تبنى أيضا في 27 أكتوبر الماضي قرارا غير ملزم يدعو حكومة ديفيد كاميرون للاعتراف بدولة فلسطين, ويتوقع أن يصوت البرلمان الفرنسي على اقتراح مماثل في 28 نوفمبر الحالي. واللافت إلى الانتباه أن قرار البرلمان الإسباني جاء بعد ساعات من "عملية القدس", التي أسفرت عن مقتل خمسة إسرائيليين, وإصابة ثمانية آخرين, أربعة منهم في حالة خطيرة, إثر هجوم لشابين فلسطينيين على كنيس في القدسالغربية في 18 نوفمبر. وأعلنت "كتائب الشهيد أبو علي مصطفى", الجناح العسكري للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين, أن منفذي الهجوم من أعضائها, وإنهما استشهدا في اشتباكات مع شرطة الاحتلال بعد تنفيذهما العملية. وباركت "كتائب الشهيد أبو علي مصطفى"العملية, ووصفتها بالبطولية، وقالت :"إنها جاءت ردا على جرائم الاحتلال في القدس"، كما دعت إلى تطوير الجهود نحو "مقاومة موحدة ضد المحتلين وقطعان المستوطنين". وذكرت الكتائب أن منفذي الهجوم غسان محمد أبو جمل (27 عاما) وعدي عبد أبو جمل (22 عاما) وهما أبناء عمومة، اقتحما المعهد اليهودي متنكرين ومسلحين بمعاول وسكاكين ومسدسات وإرادة المقاومة، واستشهدا برصاص شرطة الاحتلال بعد الاشتباك معهما. وفي اتصال مع "الجزيرة"، أشادت عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية خالدة جرار بالعملية, واعتبرتها ردة فعل طبيعية على جرائم الاحتلال الأخيرة ضد الفلسطينيين. واعتبرت أن الشعب الفلسطيني قد دخل بالفعل في انتفاضة جديدة وهبّة شعبية بدأت منذ يونيو الماضي، شملت الضفة والقدس ومناطق 1948. وفي المقابل, التأمت الحكومة الإسرائيلية في اجتماع طارئ إثر عملية القدس, وقررت فرض حالة الطوارئ ضد المقدسيين, وتسهيل رخص السلاح لليهود. كما أمر وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي بتسريع هدم منازل ذوي منفذي العمليات ضد إسرائيل. وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو توعد بإجراءات قاسية، واعتبر أن هجوم القدس هو "نتيجة مباشرة", للتحريض الذي يقوم به الرئيس الفلسطيني محمود عباس وحركة حماس. وإثر عملية القدس, أدان الرئيس الفلسطيني محمود عباس العملية. وأوضح بيان "أن الرئاسة الفلسطينية تدين عملية قتل المصلين اليهود في إحدى دور العبادة في القدسالغربية، وتدين عمليات قتل المدنيين من أي جهة". ومن جانبه، دان وزير الخارجية الأميركي جون كيري الهجوم، واعتبره عملا "إرهابيا بحتا"، ودعا القادة الفلسطينيين إلى "إدانته" بدورهم.